في وضع بيئي أقل ما يقال فيه إنه كارثي، وفي ظل تراكم القمامة في كل مكان في البلاد والتخوف من الفيضانات في الشمال الغربي جراء امتلاء السدود وفتح الجزائريين لسدودهم لتصب في وادي مجردة.. وفي ظل التحولات السياسية التي تشهدها تونس هذه الأيام وخاصة التحالفات الحزبية، كان ل"الصباح" هذا اللقاء مع السيد عبد القادر زيتوني منسق عام حزب تونس الخضراء. * تعيش تونس اليوم وضعا بيئيا صعبا تزامن مع اضراب أعوان البلديات وكذلك الفيضانات التي تجتاح الشمال الغربي. فاي موقف لحزبكم باعتباره حزبا بيئيا بالاساس؟ - أريد أن أشير في البداية إلى أنه قد سبق لنا أن نبّهنا إلى خطورة الوضع البيئي في بلادنا في عديد المناسبات وأستحضر هنا ما توقّفنا عنده في آخر اجتماع لنا مع الحكومة حول مياه الشمال وضرورة القيام بأشغال كبرى لإنقاذ المنطقة وخلق مواطن الشغل ولكن لاحظنا أن حكومة النهضة ليس لها أي اهتمام بالبيئة حاليا وتكفي العودة إلى برنامجها والنقاط التي طرحتها أخيرا في اجتماع 15 فيفري لنلاحظ غيابا كليا لمسألة البيئة وحتى الوزيرة فلا علاقة لها بالبيئة. إنهم يتصرّفون في ملف البيئة بنفس الكيفية التي كان يتصرّف بها نظام بن علي فلا وجود لتشريك لحزبنا وللجمعيات البيئية وعلى سبيل المثال فعندما برزت أزمة طائر الحبارى في الجنوب التونسي رفضت الوزيرة قبول الجمعيات البيئية التي تصدّت لإبادة هذا الطائر، ونحن نعتقد أنّ ارتباطات بدولة عربية وبأمرائها لها الشأن الواسع في هذه الإبادة هو الذي كان وراء هذا الصمت. * وأي تراكمات وتاثيرات بيئية ترونها جراء هذا الوضع البيئي الراهن؟ - إنّ تراكم الفضلات ستنجرّ عنه عدّة أمراض خطيرة على صحّة المواطن ومن أبرزها تفشّي الأمراض السرطانية وانتشار الأوبئة ولا تتحمّل هذه الحكومة فقط مسؤولية هذا الوضع بل المواطن أيضا مسؤول من حيث فقدان الحسّ المدني المنجرّ عن التسيّب السياسي الموجود والتناحر حول قضايا ليست لها أية علاقة بوضعه اليومي. كذلك فإن هذا الوضع يضرّ أساسا بالسياحة التونسية وذلك عكس ما ذهب إليه وزير الداخلية من أنّ الصحافة والإعلام في الخارج يتحمّلان مسؤولية أزمة السياحة. أما بالنسبة لإضراب أعوان البلديات فإننا نعتبره شرعيا وكل محاولة لتحميل المسؤولية للاتحاد العام التونسي للشغل ودفع عصابات للاعتداء على مقرّاته هي ظاهرة خطيرة جدّا نندّد بها، ونطلب من جميع الأطراف أن تتعاون لإيجاد حلّ في أقرب الآجال لأن مسؤولية الجميع هي صحة المواطن أساسا ولهذا اقترحنا مثلا تفعيل دور اللجنة الوطنية لحماية البيئة والمحيط وها نحن ننتظر كذلك نتيجة مقترحنا حول أساليب التحكّم في الطاقة التي توفّر آلاف مواطن "الشغل الخضراء". * يبدو أن لديكم انتقادات شديدة وحتى مبالغا فيها لعمل الحكومة؟ - أول ملاحظة تتمثّل في انفراد حكومة الترويكا أو تحديدا النهضة بتسيير شؤون البلاد دون عودة حقيقية لبقية الأطراف خاصة وأننا أمضينا مع 11 حزبا سياسيا قبل الانتخابات خارطة طريق تحدّد مسؤوليات كل طرف لأننا نعتبر أن نتائج الانتخابات وما أحاط بها من ظروف وخاصة سيطرة المال السياسي الخارجي لا تعطي الحقّ لحركة النهضة للاستبداد بالسلطة كما كان يفعل حزب بن علي وإن اللجوء للدين والشريعة عوض الانكباب على المشاكل الهامة للبلاد هو طريق مسدود سيؤول بالفشل على أصحاب المشروع الحالي. ونحن إذ نقرّ بنتائج الانتخابات فإننا نطالب كل الأحزاب المتواجدة في المجلس التأسيسي بأن تلتزم بالمهمّة الأساسية لهذا المجلس والتي حدّدت في خارطة الطريق أي كتابة الدستور الجديد للبلاد وأن لا يتجاوز ذلك السنة وإلا فإنّ البلاد ستدخل في مستقبل مجهول خاصة وأنه حسب علمنا فإن كميات كبيرة من الأسلحة موجودة في الجنوب التونسي وفي عدّة مدن أخرى إضافة إلى الاعتداءات الأخيرة الحاصلة في بئر علي بن خليفة من طرف الإرهاب الذي ارتدى جبّة الإسلام. وأقول من جهتي أن الثورة في تونس لم تنجح بعد، لأنها لم تنجز كل أهدافها. * يبدو أنكم في حزب "تونس الخضراء" وبعض السياسيين الآخرين وعدد من الأحزاب تمارسون ضدّ حكومة النهضة النقد لمجرد النقد ولأسباب إيديولوجية؟ - في الحقيقة ليس لنا أي مشكل مع هذه الحكومة باستثناء "تهميشنا" كما فعل بن علي وإبعادنا عن دورنا كحزب بيئي سياسي يعمل من اجل التنمية المستدامة. لقد بحث رئيس الحكومة المؤقت عن أشخاص ليس لهم أية علاقة بحريتنا وبالتجربة السياسية لحزبنا لتشريكهم معه. ولقد اهتدى في بحثه هذا إلى من ليس له أية خبرة بقضايا البيئة المحلية والدولية وأسند له مهمة الإشراف على هذا الجانب الهام من سياسة البلاد. وأخيرا خرج علينا أحد وزراء الحكومة بمحطاته "الضخمة لتحلية المياه" متناسيا أننا في بلد له إمكانيات مائية كبيرة خاصة مياه السيلان الضائعة وثروة مائية صحراوية قدرت بأكثر من 200 سنة من الاستهلاك المستقبلي. هذا من ناحية، أما الطامة الكبرى فهي تكمن في عدم الوعي بأنّ هذه المحطات، أصبحت الآن مسؤولة عن التصحر في البحار (نعم التصحر البحري) إن شئنا، لأنها تقضي على آلاف الكيلومترات المحيطة بها وتبدد التنوع البيولوجي البحري وتكسر المنظومة البحرية. إنّ بلدنا ترزح الآن تحت آلاف الأطنان من النفايات وداهمت بيوتنا الفئران وانفجرت قنوات الصرف الصحي في الشوارع، ونحن على أبواب أزمة طاقية فاجعة، وبالتحديد في أواخر هذه السنة، ووضع استبيحت فيه الغابات لفائدة البناء الفوضوي، الى آخره من النقاط البيئية السوداء. هذا طبعا إلى جانب تفشي الفساد المالي البيئي وعدم محاسبة المفسدين في هذا القطاع من النظام السابق. * تشهد الساحة السياسية اليوم حراكا كبيرا تمخض في الوقت الراهن عن تحالفات بين عدد من الاحزاب، فأين حزب تونس الخضراء من هذا الحراك؟ - اتصلت بنا عدّة أحزاب سياسية من أجل الإدماج ولكن لحزبنا خصوصياته التي تحول دونه والانصهار ولكن نحن لا نرى مانعا في التحالفات الانتخابية على قاعدة الالتقاء في البرنامج. إن حزبنا هو حزب يؤمن بالعمل الفيدرالي أي أنّ الجامعات هي التي تحدّد خطّ سير الحزب وبرنامجه وتحالفاته فعلى سبيل المثال، ففي جهة ما من الجهات إذا اختارت أية جامعة التحالف مع أحزاب سياسية موجودة في هذه الجهات فإننا لا نمانع في ذلك مادام برنامج حزبنا هو قاعدة الالتقاء فنحن لا نملي على الجهات توجّهاتها وتحالفها. وسنعمل قدر المستطاع على تجميع كل الجمعيات التنموية والبيئية وكل أصدقاء البيئة والإيكولوجيا في قطب جدّي من أجل البرنامج الذي يعمل من أجل التنمية المستدامة الحقيقية وكذلك العمل مع الحركة الايكولوجية العالمية لأن القضايا البيئية أصبحت قضايا دولية كالتلوث البحري والاحتباس الحراري وغيرها ونتوجّه بنداء إلى قوى المجتمع المدني والأحزاب السياسية وكذلك الحكومة لكي تجنّد كل القوى من أجل نجدة العائلات الفقيرة في المناطق المنكوبة جرّاء فيضان السدود والأودية في كل من ماطر والكاف وجندوبة وباجة وكذلك منطقة منوبة. ونقترح اكتتاب يوم عمل لفائدة هذه المناطق.