تناولت الندوة الفكرية التي نظمتها جمعية أجيال ومواطنة بصفاقس يوم السبت بالمركب الثقافي محمد الجموسي موضوع «الأسرة والصحة النفسية» وقد قدمها الدكتور سامي خروف المدير الجهوي للصحة والذي أكّد على ضرورة مزيد الاستثمار في معالجة ظاهرة العنف في حين تناولت الأخصائية في علم النفس راضية أيوب مسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي وقدمت المختصة في المجال سلوى خليف التأثيرات الناتجة عن العنف في النمو النفسي للطفل. الاخصائية راضية أيوب قدّمت إحصائيات للعنف في بعض البلدان على غرار الأردن حيث بينت أن 47%من النساء تتعرّضن للضرب بصفة دائمة في حين أن 34% من النساء في مصر يتعرّضن للضرب مرة على الأقل واستندت في تقديمها إلى الإحصائيات المتوفرة لديها والتي تفيد أنّه وبالنسبة للثلاثية الأولى من سنة 2006 في الجزائر تم تسجيل 1762حالة عنف وبالنسبة لتونس فإن 33,8% من عينة ل424امرأة تعرضن للضرب على الأقل مرة واحدة في حياتهن الزوجية حسب ما تم تسجيله في سنة 2003. هذا العنف الذي بيّنته المحاضرة في مداخلتها قائم على النوع الاجتماعي الذي يكون فيه كل من الرجل والمرأة معنيان والذي ينتج عن عدم التوازن في علاقات السلطة بينهما كذلك هو عنف ينتج عنه أو احتمال أن ينتج عنه إصابات أو آلام جسدية هذا إلى جانب العنف القائم على الأدوار الاجتماعية التي يشكّلها المجتمع بناء على الدور البيولوجي لكل من الجنسين. وفي وصفها لمميزات النوع الاجتماعي تحدثت أخصائية علم النفس عن التغييرات التي تحدث عبر الزمن وعلى المستوى المؤسساتي في إشارة إلى النظام المجتمعي المشار إليه في القيم والتشريعات والدين ومختلف الأدوار من حيث تثبيت التوازن والذي يمكن أن ينعكس على إدارة الوقت وعلى الصحة الجسمية والعقلية مستعرضة مفهوم العنف الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي. المداخلة لم تُغفل الانعكاسات السلبية على الصحة الإنجابية للمرأة والتي تتجسّد في حالات الحمل الغير مرغوب فيه وحمل المراهقات والإجهاض الغير مأمون إلى جانب الوفاة النِفاسية وسقوط الأجنة وولادة مواليد موتى ومسألة الأمراض المنقولة جنسيا. وقد أشارت الأستاذة سلوى خليف إلى فترة النمو النفسي للطفل التي اعتبرتها هامة من حيث تحقيق نوع من التوافق النفسي نتيجة ما يعيشه الطفل من أحداث في المرحلة الأولى من حياته فاذا تعرض الطفل في هذه المرحلة الدقيقة الى العنف فإن ذلك سيُحدِث اضطرابا في سلوكه من قلق مرضي يصل إلى حد الإكتئاب ليتطور إلى حد الفشل في العلاقات العائلية والمهنية وصولا إلى حد السلوك العدواني. وأرجعت المحاضرة أسباب هذا العنف إلى مجال التربية الأولى العائلة وأخرى اقتصادية وسياسية دون أن تغفل الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام من حيث المساهمة في تنامي ظاهرة العنف ليس فقط لدى الأطفال لكن كذلك لدى شريحة الشباب مقترحة ضرورة مواصلة العمل لمعالجة الظاهرة عبر تعليم الطفل جملة من المهارات التي توجهه.