في غياب أعين الذكورالموبوءة بعلة الأنثى وما يمكن أن يصاحبها من آثام إلا من خطاب مسجل لأمير حزب التحرير، وبمنأى عن أعين المتطفلين والمناوئين، انعقد نهاية الاسبوع المنقضي بأحد الفنادق الفاخرة غير بعيد عن العاصمة المؤتمر الدولي الأول من نوعه لنساء حزب التحرير بهدف معالجة المشاكل العديدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المرأة سواء في العالم العربي والاسلامي أو في بقية أنحاء العالم. كان يمكن أن يمر هذا المؤتمر كغيره من اللقاءات والمؤتمرات والورشات التي تعيش على وقعها البلاد يوميا منذ شرّعت ثورة الكرامة الشعبية كل الابواب الموصدة أمام الحوار والفكر والبحث، لولا ما حمله من اشارات لا يمكن تجاهلها أو اعتبارها جزء من افرازات مناخ الحرية الجديد في البلاد ونتيجة للتصحر الفكري الذي ساد طويلا بسبب القمع وانكار حق الاخر في حرية الرأي والتعبير، بل و حتى حرية التفكير. أكثر من خمسمائة مشاركة توافدن على تونس بعضهن اخترن مصاحبة اطفالهن والبعض الاخر اخترن اصطحاب أزواجهن للسفر الى تونس، مهد الربيع العربي المتأجج اليوم في أنحاء العالم العربي، من الاردن وتركيا وفلسطين واليمن والسودان ولبنان وسوريا وباكستان وأندونسيا وبريطانيا وغيرها من دول العالم، اجتمعن في لقاء نسائي تحت شعار الخلافة نموذج مضيء لحقوق المرأة ودورها. كثيرة اذن هي الرسائل التي أطلقها مؤتمر نساء حزب التحرير وكثيرة أيضا هي الاسئلة الملحة التي فرضها في الاذهان في ظل هذه المرحلة الانتقالية الحساسة التي تتطلع أنظار التونسيين فيها الى تحقيق الاهداف المنسية التي اندلعت من أجلها ثورة الكرامة. فالتوجيهات والدعوات العلنية التي انتهى اليها البيان الختامي للمؤتمر جديرة بالتوقف عندها لوضع بعض النقاط التي سقطت عن الكثير من الحروف التي باتت تحتاج الى أكثر من توضيح من جانب مختلف الاطراف التي عملت على تنظيم هذا المؤتمر وتحملت مسؤولية التمويل من سفر واقامة وحملات دعائية وغيرها. كل ذلك طبعا دون تجاهل تلك النشرات التي وزعت بالعربية والانقليزية عن دور المرأة ومفهوم المواطنة في ظل الحلول التي تقدمها الخلافة للأزمة النفطية. ولعله من المهم وقبل اثارة بعض نقاط الاستفهام التي ستبقى عالقة في الاذهان حول أهداف وأبعاد هذا المؤتمر التوقف عند بعض تلك الرسائل التي وردت على لسان بعض المشاركات في المؤتمر ومن بينها ما أشارت اليه البريطانية نسرين نواز أن النساء المسلمات يجتمعن ليقلن أنهن لا يردن الحياة في ظل الانظمة الديموقراطية العلمانية و الليبيرالية و لا في ظل أنطمة على غرار السعودية أو ايران اللتين تدعيان أنهما دولتان اسلاميتان أو ما ورد كذلك على لسان الاندونيسية عفة رحمة التي أشارت الى أن العالم الاسلامي يعيش في مفترق طرق و أن الخلافة هي الجواب , أوكذلك ما أشارت اليه احدى المشاركات بان المسلمة ليست تلك التي قامت باخراج فيلم لا سيدي لا ربي ...وبعيدا عن الوقوع في محاولة استعراض ما تخلل المؤتمر من كلمات و خطابات حماسية حول دستور دولة الخلافة أو كذلك حول المسلمة الحقيقة بكل ما يعنيه ذلك من محاكمة للنوايا فان أغلب الرسائل التي سجلت على المواقع الاجتماعية لم تخرج عن اطار ما حملته تصريحات المشاراليها في اللقاء من دعوات و مواقف قد تكفل البيان الختامي للمؤتمربنقلها ونشرها للعموم بما يمكن أن يكون أرضى جميع المشاركات و لكن دون أن يرقى الى ارضاء جزء لا يستهان به من أبناء و بنات ارض قرطاج التي احتضنت اللقاء وهي منشا أحفاد و حفيدات عليسة وصوفونيبه والكاهنة والجازية الهلالية والسيدة المنوبية و اروى القيروانية وعزيزة عثمانة وغيرهن كثيرات. والواقع أنها ليست المرة الاولى التي تعود فيها مسألة الخلافة الى سطح الاحداث فقد سبق لرئيس الحكومة أن أثار بتصريحاته في وقت سابق عن الخلافة السادسة موجة انتقادات وردود أفعال من مختلف الفعاليات السياسية والاعلامية و فعاليات المجتمع المدني في حينها قبل أن يتراجع ويضطر للتوضيح بأن تصريحاته فهمت خطأ ,و هو ما لم يحدث هذه المرة لعدة اعتبارات قد يكون أهمها انصراف الراي العام الى البحث عن تفاصيل المؤامرة التي تحاك حول الحكومة و الى تطورات الاحداث في جامعة منوبة وما أثاره اقدام شاب سلفي على انزال الراية الوطنية واستبدالها براية التوحيد من غضب شعبي وانتقادات المجتمع المدني والاعلام والاحزاب السياسية . وبالعودة الى مؤتمر نساء حزب التحرير فان الواضح ان الامر يتجاوز مجرد لقاء ينعقد تحت جناح حزب ديني لا يتمتع بتأشيرة رسمية و بالتالي فان مختلف نشاطاته تبقى خارج اطار القانون اذا كان هناك مفهوم مشترك لمعنى القانون ...و لكن الامر يتعلق بأكثر من ذلك فالمؤتمر الذي يعقد بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة ويأتي في أعقاب المظاهرة الاحتجاجية أمام مقر المجلس التأسيسي للمطالبة بدستوريضمن مدنية الدولة و يحترم حقوق وحريات الجميع دون استثناءات يحمل رسالة واضحة وأن دولة الخلافة هي الحل المطلوب لكل المشاكل والازمات و في ذلك اصرار على التفرد بموقف وتغليب منطق دون غيره دون اعتبار للراي الاخر والذي يجمع على الارجح أغلبية لم تعد صامتة من الرأي العام ...أخيرا و ليس اخرا هل يمكن لقيادات حزب التحرير أن تنيرالرأي العام بمصدرأو مصادر تمويله و يكشف عن أرصدته و هو الذي امد قدرته على استضافة مثل هذا المؤتمر وبهذا العدد الكبيرمن الضيوف و تأمين اقامتهم و تنقلاتهم قبل أن يحصل حتى على الترخيص الرسمي فماذا لو حصل حزب التحرير على التأشيرة؟