صدر مؤخرا كتاب سياسي جديد من الحجم الكبيرعن دار سحنون للنشر والتوزيع للاستاذ محمد عبد الكافي الاعلامي والمفكر التونسي المقيم باسبانيا منذ 1974 عن « اسبانيا من الدكتاتورية الى الديمقراطية"... طرافة الكتاب أنه قدم قراءة لتطورات الاحداث والافكار في اسبانيا المعاصرة بعيون عربية وتونسية .. وبرؤية اعلامي ومثقف مسيس له رصيد كبير في الحياة السياسية والنضالات من اجل الحريات والديمقراطية .. الى درجة اختياره من قبل نخبة من زملائه على راس احدى المنظمات الدولية للاعلام والاعلاميين ..وجمعية المراسلين الاجانب بمدريد. الاستاذ محمد عبد الكافي بدأ حياته الاعلامية في الاذاعة التونسية في مرحلة الكفاح الوطني ..ثم تنقل بين المؤسسات الاعلامية والجامعية التونسية والعربية والدولية .. نموذج للانتقال الديمقراطي هل تحتاج اسبانيا القوة الاقتصادية الخامسة في الاتحاد الاوربي الى خبير عربي تونسي ليؤلف كتابا جديداعن تاريخها المعاصر وعن الانتقال الديمقراطي فيها ؟ ردا على هذا السؤال اورد الاستاذ محمد عبد الكافي خلال حديث معه للصباح:» طبعا لا ..ففي اسبانيا الاف بل عشرات الالاف من الخبراء والمثقفين والجامعيين والاعلاميين الناجحين والمتالقين ..لكني اردت ان تكون مساهمتي باللغة العربية بالرغم من كوني اتقن الاسبانية والانقليزية ..اي ان كتابي موجه اساسا الى القارئ العربي ..وان استحسنه المثقفون والاعلاميون المستعربون الاسبان وغيرهم ..واعتبروا انه جسر تواصل جديد بين الاندلس والوطن العربي وشعوب منطقتنا ..والاهم بالنسبة لي انني تناولت في جزئه الاخير قضية الانتقال الديمقراطي في بلد مثل اسبانيا الذي كان يشكو من دكتاتورية وحشية جدا في عهد الجنرال فرانكو ..والنموذج الاسباني للانتقال من الدكتاتورية مهم جدا لتونس ودول «الربيع العربي « في نظري ..» لماذا ؟ اجابة مخاطبي شجعتني على طرح تساؤلات عديدة عليه ..على هامش هذا الكتاب الحدث ..وسالته اولا : ماهي في اريك اهم اسرار نجاح الانتقال الديمقراطي في اسبانيا بينما تمر جهود الاصلاح السياسي بصعوبات كبيرة في الدول العربية قبل ثورة تونس وبعدها ؟ محمد عبد الكافي رد بحزم : اسباب نجاح الاسبان كثيرة واسباب فشل بعض مشاريع الاصلاح الديمقراطي في بلداننا العربية عديدة أيضا .. أهم « مفاتيح « النجاح في اسبانيا حسب مخاطبي هي: التدرج في تنفيذ مخططات التغيير الراديكالية.. والحزم اي الابتعاد عن التردد والارتجال.. ووضوح الرؤيا في التعامل مع الجيش ومؤسسات النظام الاستبدادي السابق .. ليلة تغيير الولاة دفعة واحدة ؟ في هذا السياق أورد الاستاذ محمد عبد الكافي في حديثه للصباح :» لقد احترم الثوريون بعد انهيار نظام الدكتاتور الجنرال فرانكو ان تواصل المؤسسة العسكرية التي كانت تابعة اليه دورها في المرحلة الانتقالية.. واحترم رئيس الحكومة اليساري سويرس تعهداتهوحافظ على قدر من التوازن بين علاقاته بالمؤسسة العسكرية السابقة ورموز النظام المنهار وبين رفاقه الثوريين الذين سبق ان دفعوا ثمنا غاليا خلال معارضتهم لنظام القمع والاستبداد .. وفي احدى الليالي بادرت حكومة سواريس بتغيير 20 واليا دفعة واحدة ..مؤكدة عزمها على التجديد والتغيير ..فلم تنم اسبانيا وتوقعنا انقلاب الجيش على حكومة الثورة..خاصة ان المؤسسة العسكرية كان لها وقتها نفوذ قوي .. لكن شيئا من ذلك لم يحصل ..فاستيقظنا صباحا والبلد بخير..يعمل ..والشعب مستبشر بخروج الحكومة من مرحلة التردد ..رغم احترامها قواعد اللعبة ..ومن بينها دور مؤسسة الجيش .. تونس والنموذج الاسباني ؟ وكيف ينظر الاستاذ عبد الكافي الى امكانية استفادة تونس والدول العربية من النموذج الاسباني للتغيير والانتقال ؟ مرة أخرى يؤكد مخاطبي على مجموعة من الحقائق أهمها : الواقعية والحزم ونبذ التردد في حسم بعض الملفات الامنية والاجتماعية والسياسية ..الى جانب تقديم الاعتبارات الوطنية على الحسابات الحزبية والشخصية ..والرهان على بناء المستقبل أكثر من اهدار الوقت في الهدم والصراعات العقيمة حول خلافات الماضي .. اجابات الكاتب على هامش اصدار مؤلفه الجديد لا تغني عن قراءتك كاملا ..بعين نقدية ..ورؤية استشرافية ..