أنور الجمعاوي باحث وكاتب وصحفي تونسي فاز مؤخرا بالجائزة العربية للعلوم الاجتماعية الإنسانية التي يمنحها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة هذه المسابقة التي يشرف عليها الدكتور عزمي بشارة تقدم لها حوالي 150 مترشحا ببحوث تمحورت حول اللغة والهوية في العالم العربي والتنمية في العالم العربي وقد منحت للمترشحين مهلة خمسة أشهر لتقديم بحث مستوفى الشروط وتمّ تتويج ثمانية من المتسابقين وهم ثلاثة من مصر واثنان من المغرب وواحد من كل من تونس والأردن وموريتانيا. "الصباح" التقت الباحث التونسي وأجرت معه هذا اللقاء: * في أيّ إطار تتنزل هذه الجائزة المشرّفة لتونس؟ لقد شاركت في مسابقة المؤتمر الأول للعلوم الاجتماعية والإنسانية بإعداد بحث وقدمت كتابا في قرابة 60 صفحة بعنوان "تعريب المصطلح التقني: قراءة في المنجز المعجمي العربي المعاصر" وهو بحث آني راهني وحداثي يستبين مدى مواكبة حركة التجديد المصطلحي لما بلغته إحداثات المعرفة العلمية في مجال "التقانة". * يبدو أن التنافس كان شديدا على نيل هذه الجائزة لا باعتبار عدد المشاركين فيها وإنما أيضا مستواهم وتحصيلهم العلمي وأهمية وتجذر البحث العلمي في بلدانهم؟ هذا صحيح وقد تمّ عرض كل البحوث على لجان تكونت من 12 عضوا من المختصين فاجمعوا على استحسان عملي واسندوا له درجة الامتياز وهو الرأي الذي استندت له لجنة الجائزة التي تألفت من الدكاترة عزمي بشارة وطاهر كنعان وكمال عبد اللطيف ووليد عبد الحي وكريمة كريم ووحيد كوثراني. * هل من فكرة مبسطة عن بحثك ؟ قدمت مقاربة نظرية إجرائية لقضايا صياغة المصطلح التقني وتعريبه وأجريت دراسة نقدية حول مدوّنة لغوية مختصة تتمثل في خمسة معاجم ونقلت مصطلحات الحاسوب من الأنقليزية إلى العربية وقد رصدت كيفية ترجمتها وحاولت تبيين أهم مشكلات صياغة المصطلح في اللغة الهدف (العربية وهي مجال هذا البحث) واستجليت مدى مواكبة إحداثات المعرفة العلمية في مجال التقانة (وهي كل ما يتعلق بالكمبيوتر في مجال التكنولوجيا الحديثة). وتحدثت في هذا المشغل بالاعتماد على مبدإ تضافر المناهج وقد أفدت من علم اللسانيات واللغات الخاصة وانتهيت إلى تقديم عدد من المصطلحات والاستنتاجات التي تبينتها من خلال النظر في التحديات التي تواجه مواكبة اللغة العربية لمستجدات العصر الرقمي وربطت المسألة اللغوية بالواقع السياسي والتربوي والإعلامي في البلدان العربية. * وما المقصود بصياغة المصطلح وتعريبه في مجال دراستك هذه ؟ المراد بصياغة المصطلح هو كيفيات وضعه وتوليده وترجمته إلى اللغة العربية وقد اخترنا النظر في آليات نقل المصطلح التقني إلى العربية لأهمية مصطلحات التكنولوجيا عموما ومصطلحات الوسائط الرقمية خصوصا في العالم اليوم فالأحرى بنا ان نواكب مستجدات العلم واللغات الصاعدة في هذا المجال حتى لا نعرف غربة مزدوجة على الحضارة وعلى الحداثة وأعني غربة الإنتاج وغربة التسمية فنحن اليوم مازلنا نعيش في موقع المستهلك لمنتجات الآخر ومازلنا نسمي الكثير من الأشياء والظواهر بلغات هي غير عربية ومعلوم ان العالم ينتمي إلى الذين يسمونه بأسمائهم. لذلك من المهم بمكان أن نسمي المنتجات الوافدة والمخترعات الحادثة بأسمائنا نحن حتى ننتمي إلى هذا العصر وحتى نفعل في العالم ونتفاعل معه بلغة الضاد. * ماذا تمثل هذه الجائزة بالنسبة إليك ؟ انا لم أكرم أبدا في تونس وتمّ إقصائي من مناظرة الكاباس على خلفية انتمائي السياسي رغم أنني كنت أنجح بامتياز كتابيا وشفاهيا في كل الدورات التي شاركت فيها من 2003 إلى 2009 وقد سبق أن راجعت وزارة التربية في هذا الأمر قبل الثورة وبعدها ولم أجد الآذان الصاغية بل المماطلة والتسويف رغم ذلك فأنا سعيد جدا بأني كنت الوحيد الذي رفع راية بلادي في هذا المؤتمر العلمي الذي حضره حشد كبير من الأكاديميين والجامعيين والمختصين من مختلف أنحاء العالم العربي. كما أنني سعيد بأن كرمني سموّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بحضور الدكتور عزمي بشارة.