وصل عدد شركات الإيجار المالي في تونس (Leasing) إلى 9 شركات ساهمت في الحدّ من انتشار البطالة بالبلاد نظرا إلى تمويلها عددا من العقارات بقيمة 48.4 مليون دينار مقابل 1125.6 مليون دينار بالنسبة إلى المنقولات خلال نفس السنة. إلا أنّ هذه الشركات التي تقدّم تسهيلات للمستهلكين تواجه اليوم بعض المشاكل الناتجة عن الثورة. فماهي أهمّ الصعوبات التي تواجهها شركات الإيجار المالي؟ فيم تتمثّل خسائر هذا القطاع؟ ماهي الحالات التي لا تسترجع فيها شركات الإيجار المالي أملاكها؟ ثمّ هل أنّ شركات الإيجار المالي مهددّة بالخسارة في ظلّ بروز الصيرفة الإسلاميّة في تونس؟ على عكس البنوك، فإنّ شركات الإيجار المالي تتولى شراء سيارة أو عقار أو تجهيزات قام المستهلك باختيارها، وتبقى هذه المشتريات على ملك شركات الإيجار إلى أن يقوم المستهلك بسداد ثمن شرائها، تتبع هذه الشركات «الإيجار المنتهي بالتمليك». ومن المشاكل التي يواجهها المتعاملون مع شركات الإيجار هي إمكانيّة افتكاك السيارة أو العقار في صورة عدم التزامهم بتسديد الأقساط. في هذا الإطار، أكد عيسى حيدوسي نائب رئيس مصلحة شركات الإيجار المالي بالجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات الماليّة، وجود حالات استثنائيّة لا تسترجع فيها شركات الإيجار ممتلكاتها في صورة عدم التزام المستهلك بسداد الأقساط في الآجال المتفق عليها. وعن هذه الحالات، قال محدّثنا ل»الأسبوعي»: «نحن نراعي ظروف حرفائنا المتضرّرين من الاعتصامات في مؤسساتهم، كما أنّ مبادئنا المهنيّة لا تسمح لنا بافتكاك سيارات أجرة تعرضّت لعطب ويستوجب إصلاحها فترة زمنيّة معينة، فنحن لا نريد الخسارة لحريفنا ولشركاتنا طبعا شريطة أن تتوفر الأدلة اللازمة». وشهدت المداخيل الصافية للإيجار المالي خلال سنة 2011 تراجعا ملحوظا مقارنة ب2010، إذ سجلت ارتفاعا بنسبة 7.1 % خلال 2011 أي ما يعادل 5.7 مليون دينار مقابل 17.5 مليون دينار خلال 2010. من جهة أخرى، سجلت نسبة الديون المصنفة لشركات الإيجار المالي ارتفاعا بنسبة 13.5 % في 31 ديسمبر 2011، إذ بلغت 139.4 مليون دينار مقابل 122.8 مليون دينار في 31 ديسمبر 2010. ويشار إلى أنّ الديون المصنفة تضمّ الدفوعات الجارية و الأموال التي لم يلتزم أصحابها بسدادها. خسائر القطاع علمت «الأسبوعي» أنّ قطاع الإيجار المالي سجل خسائر منذ الثورة تمثلت في عدم التزام الحرفاء بسداد الأقساط، بالإضافة إلى استغلال البعض منهم للسيارات «المؤجّرة» والقيام بتفكيكها ثمّ تهريب القطع نحو السوق الليبية لبيعها. كما أكدت عدّة مصادر من بعض شركات الإيجار ل«الأسبوعي» وجود بعض الحرفاء الذين يعمدون إلى استبدال قطع غيار السيارات الجديدة المؤجرة من قبل شركات الإيجار بقطع قديمة دون الالتزام بسداد أقساط الكراء مما يدفع شركات الإيجار إلى استرجاع منقولاتها، وفي هذه الحالة تجد الشركات نفسها أمام خسارة كبرى. وعن قيمة هذه الخسائر، ذكر بعض من تحدّثنا إليهم بشركات الإيجار أنّه لم يقع إلى الآن إعداد القائمة النهائيّة لهذه الخسائر، في حين رفض البعض الآخر مدّنا بهذه المعطيات الإحصائيّة لكونها خاصّة بالمؤسسة وغير متاحة للعموم خاصّة أمام ظاهرة التنافس بين المؤسسات الماليّة. لكن للحدّ من قيمة الخسائر،قال سفيان بوراوي إطار ببنك الإيجار المالي التونسي السعودي: «كنا نموّل الحرفاء بنسبة 100 %، لكن أمام عدم حرص البعض على المحافظة على المشتريات بما في ذلك المنقولات خاصّة، أصبحنا نطالب الحريف بالمشاركة في التمويل من البداية بنسبة تتراوح بين 20 % و35 % من ثمن المنتوج، وفي ذلك ضمان لتسديد الديون أيضا لأنّ المستهلك يدرك ويستوعب أنّ المنتوج ملكه الخاصّ». حاجة إلى التمويل!! أكد سفيان بوراوي أنّ جميع شركات الإيجار المالي تواجه صعوبة على مستوى التمويلات من قبل البنك المركزي. في هذا الإطار، قال نائب رئيس مصلحة شركات الإيجار المالي بالجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات الماليّة ل«الأسبوعي»: «نجد صعوبة في تعبئة الموارد ونطلب تدخل السلط لإعانتنا للحصول على تمويلات سواء بقرض خارجي من قبل البنك الدولي أو البنك الإفريقي للتنمية أو كذلك من قبل البنك المركزي، وإلا سيزيد الوضع الاقتصادي تدهورا فهذا مشكلنا الأساسي منذ الثورة». وحسب آخر إحصائيّة متعلقة بنشاط شركات الإيجار المالي خلال 2011، فإنّ قيمة مطالب الحصول على تمويلات من قبل شركات الإيجار وصل إلى 1449.1 مليون دينار سنة 2011 لم يقبل منها سوى ما قيمته 1174 مليون دينار. صيرفة إسلاميّة بكلّ بنك! في ظلّ صعود حركة النهضة الإسلاميّة إلى الحكم، بدأ الحديث عن الصيرفة الإسلاميّة كمنافس أساسي لشركات الإيجار. في هذا الإطار، قال الإطار البنكي سفيان بوراوي ل«الأسبوعي»: «لا تقلقنا هذه المسألة لأنّ Best Lease هي أوّل شركة إيجار مالي في تونس تطبّق الشريعة وتتعامل بمبدإ الصيرفة الإسلاميّة، فعقودنا تخضع إلى مراقبة الهيئة الشرعيّة». وتقدّر نسبة المرابحة خلال سنة 2011 بشركة Best Lease ب 10.62 % مقابل نسبة فائدة ب 8.67 % بشركة Tunisie Leasing و9.48 % ب Attijari leasing خلال 2011. من جهتها، قالت عائشة بن حاج حسين عضو بالجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات الماليّة ل«الأسبوعي»: «الواقع الحالي يفرض وجود بنوك إسلاميّة نظرا إلى وجود العديد من المواطنين الذين يتهربّون من التعامل بالربا، ولذلك ستعمل العديد من البنوك على إنشاء قسم مختصّ في الإيجار المالي أو الصيرفة الإسلاميّة بكلّ بنك، وللحريف حريّة الاختيار». في نفس الصدد، قال الإطار البنكي بوراوي: «إنّ وجود هذا النوع من الأقسام في البنوك سينشّط الدورة الاقتصاديّة باعتبار أنّ البنك سيتكفل بتمويل شركة الإيجار المالي التابعة له». وأشارت السيدة بن حاج حسين إلى وجود لجنة في وزارة الماليّة ستتكفل بوضع إطار قانوني ينظم هذا القطاع الذي يشهد حيويّة ويساهم في النهوض بالاقتصاد التونسي.