أثار قرار وزير الداخلية علي العريض القاضي بمنع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة جدلا كبيرا حيث يعتبره البعض قرارا يندرج في خانة الاجتهادات الشخصية فضلا عن افتقاره الى سند قانوني باعتبار انه لم يصدر في الرائد الرسمي. ويبقى السؤال المطروح: ما مدى مشروعية هذا القرار؟ يعتبر أمين محفوظ (أستاذ قانون دستوري) أن المسألة حساسة خاصة أن وزارة الداخلية لها الحق في أخذ القرار الذي تراه صالحا ولا سيما أن شارع الحبيب بورقيبة شهد مؤخرا تجاذبات ومصادمات بين المشاركين في تظاهرتين التأمتا في نفس اليوم (25 مارس) أمام المسرح البلدي غير أن الخطأ لا يمكن تداركه بخطإ آخر نظرا لرمزية الشارع من جهة وخصوصية مناسبة التاسع من أفريل من جهة أخرى. وأضاف في نفس السياق أن سلطة الضبط الإداري بإمكانها أن تتخذ مثل هذا القرار إذا ارتأت أن هنالك تهديدا للأمن العام. وندد محفوظ بشدة بالاعتداءات التي حدثت أول أمس خاصة أنها تذكر حسب رأيه بنظام استبدادي لا يتماشى وخصوصية مرحلة الانتقال الديمقراطي التي نعيشها.
شرعي وغير مشروع
وخلص أستاذ القانون الى القول بأن مثل هذا القرار يمكن اعتباره شرعيا وغير مشروع في نفس الوقت وفسّر شرعيته استنادا إلى أن النصوص تخوّل لوزير الداخلية سلطة الضبط، إلا أنه يمكن اعتباره أيضا قرارا غير مشروع لرمزية الشارع وخصوصية الحدث.
مخالف للقانون المنظم للسلط العمومية
في المقابل يعتبر محمد عطيل الظريف (أستاذ قانون دستوري وعضو مؤسس في مركز تونس للقانون الدستوري) أن هذا القرار مخالف للقانون التأسيسي المؤقت المنظم للسلط العمومية، الذي تطرق في الفصل السادس الى مجال تدخل القوانين الأساسية في ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان. وحسب الظريف يبدو ظاهريا أن هنالك خرقا لهذا الفصل لأنه تمّ المسّ بالحريات، واعتبر أن الخرق يكمن في عدم نشر هذا القرار بالرائد الرسمي لأن قرارات الوزراء تنشر وفقا لقانون 93 بالرائد الرسمي غير أن الإشكالية تكمن من وجهة نظر الأستاذ في القانون الدستوري في ان البلاد تخضع لحالة طوارئ ويبقى السؤال المطروح: هل يصحّ للوزير اتخاذ قرار دون نشره بالرائد الرسمي؟
غير شرعي
من جهة أخرى أوضح رضا جنيح (أستاذ قانون بكلية سوسة) أن شرعية القرارات الإدارية لا صلة لها بنشرها في الرائد الرسمي ويبقى قرار وزير الداخلية بمنع التظاهر في شارع بورقيبة من وجهة نظره غير شرعي ولا سيما أن الموانع المطلقة في فقه القضاء الإداري تعتبر قرارات غير شرعية. وأوضح أن السلطة الإدارية لا بدّ لها أن تتوخى سياسة التدرج خاصة أن المظاهرة كانت سلمية ومعززة بشخصيات من المجتمع المدني فضلا عن وجود نواب من المجلس التأسيسي وبالتالي فان قرار منع التظاهر مطلقا هو قرار مخالف للمبادئ الأساسية في مجال الحريات العامة. وأشار جنيح في جانب آخر الى أنه قانونيا لا يمكن الالتجاء الى وسائل الإكراه المادي من الوهلة الأولى لفض المظاهرات في ظل وجود آليات أخرى عبر مضخمات الصوت وغيرها من الأساليب...