أعلن مؤخرا رئيس الحكومة المؤقتة في بيان مشترك بين تونس والاتحاد الأوروبي ببروكسيل أن موعد الانتخابات القادمة لن يتجاوز 18 شهرا. أفرز الموعد الذي حدده تساؤلا ملحّا لدى رجال القانون والمتابعين للشأن السياسي من ذلك، هل ان المدة التي حددها رئيس الحكومة المؤقتة تعد كافية لانجاز الانتخابات؟ وماهي الإجراءات المزمع اتخاذها للقيام بذلك؟ في رده على هذه التساؤلات أوضح محمد عطيل الظريف (أستاذ قانون دستوري وعضو مؤسس في مركز تونس للقانون الدستوري) أن الكلمة التي أدلى بها الجبالي في بروكسال هي خير دليل على أن الحكومة مؤقتة وان جميع السلطات المؤقتة كما انه في ظرف 18 شهرا (سنة ونصف) ستجرى انتخابات أخرى، وهو تصريح يعتبر بمثابة رسالة طمأنة مفادها أن الحكومة مؤقتة ولن تبقى الى ما لا نهاية له. أما فيما يتعلق بالمدة المضبوطة للانتخابات فيعتبرها أستاذ القانون مدة معقولة ولا يمكن تقدير مدى كفايتها في ظل التجاذبات التي قد تطرأ على سير أعمال المجلس خلال فترة صياغة الدستور. ولكن تبقى الإشكالية المطروحة من وجهة نظر الظريف هي طريقة احتساب المدة المعلن عنها. وتساءل في هذا الصدد هل أن 18شهرا سيتم احتسابها من تاريخ 23 أكتوبر أم منذ الانطلاقة الفعلية في صياغة الدستور.؟ وذكر أستاذ القانون في نفس السياق أنه بعد سنة من صياغة الدستور فان الستة أشهر المتبقية تعد»منطقيا معقولة» للقيام بالانتخابات مشيرا الى أن النية تتجه وفقا لما يقع تداوله الى التعجيل في إعداد مشروع قانون متعلق بالهيئة الدائمة لتنظيم الانتخابات حتى يتسنى للهيئة مباشرة مهامها في الوقت المحدد، هذا ما لم تطرأ تجاذبات تحول دون انجاز دستور خلال سنة كما حدث في بولونيا عقب الثورة حيث تواصلت أعمال هيئة صياغة الدستور على امتداد 7 سنوات مؤكدا في السياق ذاته أن الوضعية في تونس تختلف استنادا الى أن بعض المبادئ والقواعد هي محل اتفاق وإجماع.
طبيعة النظام السياسي
ويتفق أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسوسة رضا جنيح مع ما أشار إليه الأستاذ عطيل الظريف مؤكدا في السياق ذاته أنه بعد تفعيل القانون الانتخابي فان 6 أشهر تعد تقريبا كافية لإعلان الانتخابات التشريعية فور الانتهاء في ظرف سنة من صياغة الدستور مشيرا الى عدم الإعلان عن تاريخ الانتخابات مرتبط بطبيعة النظام الذي سيختاره المجلس. وأوضح جنيح في نفس السياق أن النظام الرئاسي المعدل يقتضي انتخابات رئاسية تشريعية من الممكن القيام بها في ظرف 18 شهرا لكن شريطة أن يقع سن دستور استنادا الى انه هو الذي سيحدد طبيعة النظام. أما في حال اختيار نظام برلماني فالمدة تعتبر أيضا كافية شريطة أن يقع علاوة على سن دستور، وضع نظام انتخابي وتركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وخلص جنيح الى القول أنه نظريا فان المدة تعد كافية للقيام بالانتخابات غير أن الالتزام بالمدة المذكورة سالفا رهين التجاذبات والنقاشات التي قد تطرأ خلال فترة صياغة الدستور لا سيما أن الدستور لا بد أن يرتكز على مبدأ التوافق خاصة ان التوافق ليس حاصلا في سير أعمال المجلس.