نصّ بيان الباجي قائد السبسي على جملة من المبادئ من بينها وجوب القطع مع مخاطر العودة إلى التداخل بين أجهزة الدولة وأجهزة الأحزاب الحاكمة مع تحييد الإدارة حزبيا باختيار المسؤولين على أساس الكفاءة وحدها. "الأسبوعي" اتصلت ببعض الشخصيات الوطنية لرصد موقفها من هذه المبادرة ومن هذا المبدإ تحديدا. اعتبر هيثم بلقاسم رئيس كتلة المؤتمر في التأسيسي أنّ مبادرة السبسي هي مطلب شعبي باعتبار أنّ المطالب التي تضمّنتها هي مطالب قامت عليها الثورة، «وهي لم تأت بجديد»، على حدّ قوله. وأضاف قائلا: «بل على العكس، كلّ ما تضمّنته المبادرة نناقشه يوميا في المجلس التأسيسي بما في ذلك حياديّة الإدارة ووجوب الفصل بين الحزب الحاكم والسلطة الإداريّة، ونحن لا نريد تغوّل سلطة على حساب سلطة أخرى». وتوجّه هيثم بلقاسم بالسؤال التالي إلى الباجي قائد السبسي: قبل أن تقدّم اقتراحا وتطرح البديل، لِمَ لمْ تقم بنقد ذاتي وتطرح هذه النقاط خلال فترة حكمك؟ الحياد شعار مركزي ذكر عبد الرزاق الهمامي رئيس حزب العمل الوطني الديمقراطي أنّ مبادرة السبسي تعتبر إسهاما في بلورة وجهات النظر المختلفة نظرا إلى تضمنّها عناوين من شأنها توحيد الساحة الديمقراطية. وأشار محدّثنا إلى وجود إجماع لدى القوى السياسية الديمقراطية حول شعار مركزي أساسه «رفع يد الحزب الحاكم على الإدارة والتنديد بالخلط بين الإدارة وأجهزة الحزب الحاكم». وأكد في هذا الإطار على أهميّة الدعوة إلى حيادية الإدارة بسبب «العودة القويّة إلى التعيينات على أساس الولاءات وليس على أساس الحياديّة والكفاءة». ونددّ في هذا الإطار بأصحاب القرار السياسي الذين يدافعون عن حقهم في التعيينات على أساس الولاءات الحزبية. ندعم حياديّة الإدارة.. لكن «من حقّ كلّ سياسي أن يبادر بما يقتضيه جوهر السياسة ويفعل ما يراه صالحا شريطة أن تراعي مبادرته أخلاقيات السياسة وخاصيات المرحلة الانتقالية التي تحتاج إلى حوار»، هكذا قال أحمد المشرقي عضو حركة النهضة في التأسيسي مؤكدا على شرعية مطلب حياديّة الإدارة. لكنّه استدرك قائلا: «كنت أتمنى أن يكون الباجي مبادرا عندما كان يحكم ويدمج بين السلطتين السياسية والإدارية». وأمام حرصه على حياديّة الإدارة، تساءل محدّثنا: «هل يعني أنّه ليس من حقّ كلّّ من ينتمي إلى حزب سياسي أن يكون إداريا؟». وأضاف قائلا: «يمكن لأيّ شخص منتم لحزب معين أن يكون واليا شريطة أن يفكّ ارتباطه بحزبه ويصبح ممثلا للإدارة بمجرّد دخوله مكتبه». التاريخ النضالي ليس مبرّرا أمام تأكيده على أنّ المبادرة تهدف إلى تجميع القوى السياسية وإحداث توازن في البلاد، قال رضا بلحاج عضو لجنة العمل المؤقتة لتفعيل مبادرة السبسي: «إنّ المبادرة ليست موجهة ضدّ طرف معين وإنما نسعى إلى الحفاظ على الميراث الحداثي لتونس بهدف ضمان التداول السلمي على السلطة، وهدفنا ليس أن نكون بديلا وإنّما هو الدخول إلى مرحلة انتخابيّة». وعمّا تضمّنه البيان عن وجوب القطع مع التداخل بين أجهزة الدولة وأجهزة الأحزاب الحاكمة مع حياديّة الإدارة، قال المستشار السابق في حكومة السبسي رضا بلحاج: «ما نراه اليوم على مستوى التعيينات يعكس مؤشرات غير جيّدة لعودة الاستبداد والسعي إلى فرض السيطرة على الإدارات التونسية». وأشار محدّثنا إلى أنّ التاريخ النضالي ليس مبرّرا للتعيينات الفوقيّة على أساس الولاءات، فالخبرة والكفاءة عنصران أساسيّان لنجاح النشاط الإداري.