بقلم: توفيق بن رمضان من المفروض أن يكون الولاء الخالص و المطلق للوطن، و لكنّ المصيبة و الطامّة الكبرى اليوم في تونس الكرامة و العزّة أنّ العديد من الذين يزعمون أنّهم نخب سياسية لهم ولاءات لأحزابهم أكبر بكثير من ولائهم للوطن، مع العلم أنّه في تونس ليس عندنا أحزاب بل حزيّبات في طور التشكّل و البناء فكل بلدان الوطن العربي كانت متصحّرة من السّياسة و التحزّب، و من المؤكد و المعلوم أنّ الشّعوب هي التي حرّرت النّخب و الحزيّبات، و لا يمكن لأي طرف أن يدّعي أنّه هو من حرّر الشعوب من ربقة الطغيان و التسلّط المخزي و المدمّر الذي جثم على صدورنا منذ استقلال عالمنا العربي من المحتل الأجنبي. من هذا المنطلق يجب التّذكير و التّأكيد في كلّ المنابر و الأماكن على أنّ دور و واجبات الأحزاب هو الحفاظ على الدولة و العمل على تحقيق الأمن و السلامة للشعب و الوطن، و أن لا يزجّ بها داخل حلبات الصراعات الحزبية. كما أن الصراع بين الأحزاب لا يجب أن يكون الهدف منه السّيطرة على الدولة و مؤسّساتها واعتبارها غنيمة يراد الفوز بها و الاستحواذ عليها بأي طريقة و بأي ثمن، فمن غير المعقول العودة لما كان يمارسه الحزب المنحل، و بعد الثورة المباركة يجب القطع مع تلك الممارسات التي أوصلتنا إلى الهاوية و جرّت على الوطن الدمار و الفوضى، و المطلوب اليوم من كلّ الأحزاب أن تعمل على المحافظة على الدولة، فبدون استمرارية الدولة و سلامتها لن تكون هناك سلطة للفوز بها، و ستكون الطامة و الكارثة على الجميع لا قدر الله. كما أنّه من الواضح و الملموس أنّ الكثير من السياسيين عندنا لا يعلمون أنّ دور الأحزاب يجب أن يتمحور حول الفوز بالسلطة و ليس السيطرة على الدولة، و من المفروض بل من المطلوب أن لا تكون السلطة هي الغاية بل خدمة الشعب و الوطن و العمل من أجل إيجاد حلول للمشاكل الطارئة و إعداد البرامج و الاجتهاد في تنفيذها من أجل تحقيق الإزهار و التنمية للوطن و الرّفاهة للشعب. و في النهاية أدعو المهتمّين بالشأن السياسي و الإعلاميين أن لا يكونوا أنانيين بشكل رهيب و هذا ما نلحظه عند عدد غير قليل منهم، فعليهم أن يراعوا الظّروف القاسية التي يتحمّلها رجال الاقتصاد و رجال الأعمال منذ الثورة بل قبلها أي منذ الأزمة الاقتصادية سنة 2008 فهم في أشدّ الحاجة للدّعم و المساندة من أجل إيجاد مواطن شغل للعاطلين، و لن يتحقّق ذلك إلا بالاستقرار، و بعد ذلك يمكن العودة إلى التنافس الذي يجب أن يكون نزيها و راقيا من أجل الوصول إلى السلطة التي هي تكليف و ليست تشريفا، و كلّ سيساءل أمام الشعب إن لم يجتهد و يعمل من أجل خدمة الوطن الذي يسع الجميع و الذي يجب أن يكون للجميع دون إقصاء. وأخيرا يجب على كل الناشطين السياسيين و كل الأحزاب السياسية باختلاف مراجعهم الفكرية و الإيديولوجية أن تكون شعاراتهم : « تونس للجميع و يجب أن تبقى دائما فوق الجميع » و « كلنا للوطن و الوطن للجميع » و أن يعملوا جاهدين من أجل تأطير مناضليهم و مناصريهم على حب الوطن و جعله دائما في قلوبهم و فوق كلّ الصّراعات و التّجاذبات.