الولي يسأل عن الاعداد والدروس الخصوصية والاستاذ يرجو الاهتمام بالسلوك والمواظبة والتشخيص والعلاج تونس - الاسبوعي: تواصلت على امتداد نهاية الاسابيع الثلاثة الاخيرة في مختلف الاعداديات والمعاهد الثانوية لقاءات الاولياء لتدارس نتائج التلاميذ والتحاور بشأن سلوكاتهم داخل المدرسة ومدى مثابرتهم ومواظبتهم على الفعل التعلمي.. إلا أن هذا الموعد الذي صار من أبرز السمات الايجابية التي تسم الممارسة التربوية في بلادنا خلال السنوات الأخيرة ما يزال محل اختلاف عديد وجهات النظر ويحمل حوله الكثير من الاستفهامات وأهمها ما يتعلق بمدى جدواه وتأثيره على تغيير مسار التلميذ معرفيا وسلوكيا؟ ثم هل أن كل الاعداديات والمعاهد تتعامل مع هذا اللقاء بذات الحماسة والأهمية التي توليها اليه.. وهل أن الصيغة الحالية لهذه اللقاءات وبهذا العدد - المتمثل في لقاءين اثنين على امتداد السنة الدراسية - تعد هي الصيغة المثلى؟ «الاسبوعي» حاولت أن ترصد تفاعلات مختلف أطراف العملية التربوية من إطار اداري ومدرسي وأولياء وتلاميذ حول هذه اللقاءات والوقوف على أهم المقترحات لمزيد تفعيلها وإضفاء النجاعة عليها. بين الثانوي والاعدادي؟ السيد محمد الأسعد الكرامتي مدير المدرسة الاعدادية 9 أفريل بالتضامن وصف اللقاء الذي استقبل فيه أولياء التلاميذ في موفى الأسبوع قبل الأخير أنه شهد إقبالا غير متوقع من حيث عدد الاولياء الذين وفدوا على الاعدادية واتصلوا بالمدرسين للاستفهام عن نتائج منظوريهم.. ولم يخف السيد الكرامتي أن هذا الموعد بدأ يعرف تحسنا في إقبال الولي سيما إذا ما قارنا بما عهده محدثنا في المؤسسات الاخرى التي كان يعمل فيها والتي لا تعرف ولو ربع عدد الأولياء الذين زاروا مؤسسته هذه السنة.. لكن رغم ذلك يؤكد السيد الكرامتي أن الولي في حاجة الى مزيد تخصيص وقت أكثر للسؤال عن إبنه في مدرسته وأن يسعى دوما الى توطيد علاقته بالفضاء الذي يدرس فيه ابنه وذلك من خلال عدم الاكتفاء بهذا الموعد الدوري السنوي وإنما من خلال استغلال الروزنامة الاسبوعية التي تضعها إدارة هذه الاعدادية على ذمة الولي ليلاقي المدرسين ويستفسر عن وضعية إبنه.. لكن يضيف محدثنا أن هذه الروزنامة -وللاسف- غير مستغلة لان عدد الاولياء الذين يتصلون تلقائيا بالاعدادية أسبوعيا أو شهريا محدود جدا.. من جهة أخرى أكد محدثنا على ضرورة إستثمار لقاءات الاولياء على النحو الأمثل وذلك بالتأكيد في رأيه وبصفة أولوية على البعد السلوكي والمواظبة لان ذلك أهم مؤشر لاستقامة التلميذ وبالتالي إمكانية تحسّن نتائجه واكتساب القدرة على الفهم والاستيعاب.. أما العكس وفي حالة عدم الاكتراث واللامبالاة وانعدام المواظبة والانضباط فإن إمكانية التقبل والاستيعاب المعرفي ستكون محدودة ولن ترقى الى ما هو مطلوب منها.. وعلى خلاف ما هو قائم في الاعداديات نجد أن المعاهد الثانوية والقائمين عليها يعانون من عزوف كبير للولي عن زيارة المعهد والسؤال عن الابن الذي يدرس في الثانوي ويعتبر في صفوف «الكبار».. وهذا الرأي أكده السيد محمد الهادي البريشني مدير المعهد الثانوي حسن حسني عبد الوهاب بالمنيهلة الذي قال أن التجربة تختلف كثيرا بين الاعداديات والمعاهد.. إذ نشكو من إستقالة الولي على الرغم من إتباع كل الاساليب والطرق لدفع التلميذ لاصطحاب وليه وربط الصلة بينه وبين مؤسسته لكن تبقى النتيجة دون المأمول خاصة بالنسبة الى أولياء التلاميذ غير المنضبطين أو ذوي المعدلات الضعيفة.. ومن جهة أخرى أوضح السيد محمد الهادي البريشني أن لقاء الاولياء الذي نظم بالمعهد هذه السنة قسّم على مستويين الاول شمل تلاميذ الباكالوريا واتاحة الفرصة لاوليائهم للحديث عن وضعيتهم الدراسية.. والثاني خصص لبقية المستويات.. لكن تبقى السمة الغالبة على اللقاءين هي زيارة أولياء المتفوقين دون سواهم. وعن مقترحات تفعيل مثل هذا الموعد أضاف السيد محمد الهادي البريشني أن إدارة معهده بصدد إبرام شراكة مع المنظمة التونسية للتربية والاسرة لإرساء تقاليد جديدة حول حضور الاولياء بالمعهد خاصة وأن الجانب الاجتماعي في مثل هذه الاوساط له بالغ تأثيره على اهتمام الولي بنتائج منظوره خاصة وأن تعلة الولي وتبريره لعدم الحضور بالمعهد هو «الشغل ولاشيء غيره». «العدد ليس المشكل» ومن جانبه تحدث الأستاذ المكي السالمي على أن الملاحظة البارزة التي يمكن أن نقف عليها في مثل هذه اللقاءات التي تتجدد كل سنة - أنها وعلى الرغم من ايجابيتها وأهميتها على أكثر من مستوى- إلا أن الشغل الشاغل للولي فيها هو العلامة أو العدد الذي تحصّل عليه التلميذ في هذه المادة أو تلك.. وهي ملاحظة تعتبر سلبية لأن العدد لا يمثل مشكلا أو قضية بقدر ما يجب أن يتركز الحوار حول مواطن الضعف والصعوبات التي يواجهها المتعلم والبحث في آليات علاجها وتجاوزها.. وأردف الأستاذ السالمي أن الحيز الزمني محدود جدا ولا يتيح الفرصة لافراد كل تلميذ بمجموعة من الملاحظات التشخيصية والعلاجية لذا كان من الأجدر التفكير في صيغ أخرى لهذه اللقاءات كعقد لقاءات خاصة بأولياء التلاميذ المتفوقين وأخرى لاولياء التلاميذ غير المتحصلين على المعدل وذلك لتجنب الحساسية التي قد يجد المدرّس نفسه إزاءها حين يتحدث مع تلميذين على طرفي نقيض الاول صاحب معدل عام يفوق 17 من 20 والثاني دون 04 من 20 .. كما اقترح الأستاذ السالمي امكانية خلق حوافز وتشجيعات اضافية للتلاميذ المتفوقين داخل الفصول على غرار تنظيم رحلات وزيارات ميدانية للمواقع والمتاحف القريبة وتكون منظمة من قبل الاعدادية ومرفوقة بإطار تربوي ومدرسين. أما الاستاذة ناجية البريني فبقدر ما أكدت أهمية مثل هذه اللقاءات الا انها تدعو الى ضرورة مضاعفة عددها مقترحة إمكانية برمجتها قبل الامتحانات وبعدها في كل ثلاثية دراسية حتى يشعر التلميذ بإهتمام الجميع بنتائجه ومن ثمة تحمّل المسؤولية للحصول على معدلات ترضيه وترضي والديه وكذلك مدرسيه... وقد أشارت أن عديد الاولياء يستفسرون عن سلوكات أبنائهم وخاصة منهم الفتيات ومدى انضباطهن في المؤسسة وهي علامة إيجابية تبرز تكامل دور الولي مع المدرسة لان البعد السلوكي له أهميته القصوى في تجويد نتائج المتعلمين.. منتقدة في ذات الوقت ظاهرة تجميع الاولياء داخل قاعة واحدة أمام أكثر من أستاذ مما يحيد بالمسألة عن مسارها الطبيعي فيرهق المدرّس ولا يستفيد الولي والتلميذ كما ينبغي. السؤال عن الدروس الخصوصية؟ أما الاستاذ أحمد منصور فلئن ثمّن زيارة العدد الكبير للاولياء في هذه المناسبة التواصلية بين مختلف اطراف العملية التربوية الا أنه استغرب زيارة بعض الغرباء أو ممن ينتحلون صفة الولي لبعض التلاميذ لتفادي إبلاغ الولي بحقيقة نتائج إبنه ودعا الى ضرورة تحري المؤسسة في صفة من يرافقون التلاميذ من جهة والى تحمل الولي مسؤوليته في متابعة ابنه من جهة أخرى لان مثل هذه اللقاءات صارت بمثابة العادة وعلى كل ولي ان يبادر بالسؤال عن موعدها اذا ما تعمد الابن عدم اعلامه لتفادي زيارته الى الاعدادية أو المعهد.. أما المسألة الاخرى التي أثارها الاستاذ احمد منصور فتتمثل في كثرة سؤال الاولياء عن الدروس الخصوصية وخاصة ممن لم يحصل أبناؤهم على معدلات وكأن الحل هو في هذه الدروس لتجاوز ما يواجهه التلميذ من صعوبات وهي فكرة مغلوطة.. لأن هذه الدروس الخصوصية لا تمثل سوى عامل من جملة عوامل اخرى من شأنها أن تساعد التلميذ على تعزيز فرص نجاعته ودعم قدراته المهارية والمعرفية.. وقد خلص الاستاذ احمد منصور الى تقديم سلسلة من الاقتراحات حول هذا اللقاء أهمها افراد هذا الموعد بيوم كامل بدلا من حصة ما بعد ظهر الجمعة أو السبت..الى جانب امكانية برمجة حفل تكريم خلال هذا اليوم للمتفوقين في المعدل العام والتلاميذ المتميزين حسب المواد وكذلك التلاميذ المنضبطين والمواظبين والتلاميذ المتميزين في الانشطة الثقافية والابداعية ولم لا ايضا تنظيم معارض لابداعات تلمذية يشاهدها الاولياء فتحمّس الجميع على مزيد تفعيل حضوره داخل ربوع المؤسسة التربوية. لحظة فخر وإعتزاز في الطرف المقابل وفي صف الاولياء والتلاميذ أوضح السيد علي المولهي أن الحيز الزمني لمثل هذه اللقاءات يعد وجيزا خاصة اذا ما نظرنا الى كثرة الاولياء الذين يفدون الى المؤسسة دفعة واحدة، ولم يخف محدثنا أنه لم يكن يولي مثل هذه المواعيد أهمية الى غاية السنة الماضية حيث أثبتت التجربة وزيارته الى الاعدادية جدواها في ارتداع ابنه وتحسن نتائجه.. كما نفى السيد المولهي علمه بوجود روزنامة لزيارة الاولياء للمدرسة ولقاء الاساتذة واصفا إياها بالبادرة الايجابية والمشجعة والتي يجب على كل ولي أن يستفيد منها.. كذلك أكدت السيدة سلوى أنها دائمة الحضور في الاعدادية للسؤال عن ابنتها التي تدرس بالسنة تاسعة أساسي هي حريصة على ايلاء الجانب السلوكي لابنتها الاولوية المطلقة في الاستيضاح لدى الاطار التربوي لأن السلوك الحسن والسوي هو الشرط الأساسي لنجاح التلميذ وتميزه.. ومن جانبها قالت التلميذة خلود أنها وعلى الرغم من تفوقها وحصولها على معدلات جدّ ممتازة إلا أنها لا تتوانى في التأكيد على والديها للحضور في هذا اللقاء لأنه مناسبة هامة للشعور بالنجاح في تحمل المسؤولية وتشريف العائلة على خلاف ما يسود في أذهان بعض نظرائها من التلاميذ وخاصة من ذوي المعدلات المتوسطة والضعيفة الذين يعتبرون هذا اللقاء فرصة للتأنيب وكشف المستور على الملأ لذلك يعمد البعض الى عدم إخبار الولي بالاستدعاءات التي توجهها المدرسة الى الولي.. مسؤولية مطلقة: إجمالا وبالنظر الى مختلف الأراء ووجهات النظر يجدر التأكيد على ضرورة الحفاظ على هذا الموعد والسعي الى تعزيزه بشتى الامكانيات طالما أنه يمثل أحد اهم عناصر تحسين نتائج المتعلمين وتمتين روابط التواصل بين المدرسة والولي.. هذا الولي الذي هو مدعو أكثر من أي وقت مضى الى تعزيز دوره وتفعيل إسهامه في البعد التربوي والمعرفي لمنظوره ويجب أن يضع في إعتباره أن نجاح ابنه ومواصلته تعلمه هو أحد الوظائف الرئيسية والاساسية الموكولة له وللعائلة بقطع النظر عن بقية الضغوطات الاخرى المهنية منها والاجتماعية..