كشفت وثيقة الميزان الاقتصادي المحينة للسنة الجارية أن الأشهر الأولى وخاصة الثلاثي الأول من هذا العام اتسمت بتسجيل بعض البوادر والملامح الإيجابية المتعلقة بسوق الشغل. وأبرزت الوثيقة أن عمليات التشغيل المنجزة من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل قد تطورت بحوالي 22 في المائة خلال الثلاثية الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. وأفادت أنه تم في هذا الإطار إنجاز 11660 عملية تشغيل مقابل 9561 عملية في نفس الفترة من السنة الماضية، وقد ارتفعت عروض الشغل حسب الوكالة إلى 24730 عرضا، وذلك إلى حدود موفي مارس 2012 مقابل 22426 عرضا في السنة الماضية، وسجلت بذلك نسبة زيادة كانت في حدود 10 فاصل 3 بالمائة. تحسن المنتفعين بالشغل وأشارت الوثيقة إلى أن عدد طالبي الشغل المنتفعين بتدخلات الوكالة الوطنية للتشغيل قد ارتفع وذلك في إطار برنامج مرافقة باعثي المؤسسات الصغرى من 2634 منتفعا إلى 3471. وتوقع الميزان الاقتصادي إحداث حوالي 22160 موطن شغل نتيجة تطور نوايا الاستثمار في قطاع الصناعات المعملية والخدمات المرتبطة بها المصرح بها خلال شهري جانفي وفيفري من السنة الجارية. ومن جانب أخر أظهرت وثيقة الميزان الاقتصادي بخصوص النتائج الأولية للاقتصاد التونسي المسجلة في الثلاثي الأول من السنة الجارية تحسن مستمر لمؤشرات القطاع السياحي، حيث ارتفع العدد الجملي للسياح بحوالي 47 فاصل 4 بالمائة، وخاصة الأوروبيين مما ساهم في ارتفاع العائدات السياحية بنسبة 32 في المائة لتبلغ 523 مليون دينار إلى موفي مارس الماضي. في مجال الاستثمار شهد مجال الاستثمار تسجيل زيادة في واردات مواد التجهيز، وتطورت بيوعات الاسمنت في السوق الداخلية بنسبة 31 بالمائة، كما ارتفعت أيضا تحويلات التونسيين بالخارج لتبلغ حوالي 673 مليون دينار. لكن مقابل هذا التحسن الحاصل في جملة من القطاعات الحيوية فقد تم تسجيل ارتفاع ملحوظ لمؤشر الاسعار عند الاستهلاك بلغ 5 فاصل 4 بحساب الانزلاق السنوي ويعود ذلك إلى الزيادة الهامة في أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 7 فاصل 5 بالمائة. ولعل الظاهرة التي برزت في المدة الأخيرة والتي تعكس مظهرا آخر يجعل جملة الأرقام التي وقعت الإشارة إليها بخصوص تحسن مجالات التشغيل وتطور التنمية والاستثمار لافتة، هي مظاهر الإعتصامات والإضرابات الجارية في جهات عديدة من البلاد، وهي كلها تطالب بالشغل ودفع الاستثمار، والغريب في الأمر أن هده التحركات بدأت تأخذ شكلا أوسع لتأخذ طابع الإضراب العام في ولايات بكاملها وذلك على غرار ما يجري في كل من مدنين وقبلي وسليانة وغيرها من الولايات. فكيف يمكن تفسير ما جاء في وثيقة الميزان الاقتصادي من تحسن في مجال التنمية والتشغيل مقابل جملة مظاهر الإضرابات المطالبة في التشغيل بعديد الجهات؟