تجاوز صدى قرار رفض المصادقة على الفصل المتعلق بإعفاء صغار الفلاحين والبحارة من الديون جراء تراكم فوائض أصل الدين حدود قبة المجلس التأسيسي ليعتمل وقعها داخل الأسرة الفلاحية في يوم عيدها الوطني لتكون بمثابة الهدية المسمومة غير المتوقع صدورها عن مجلس يفترض أن يكون الأقرب إلى مشاغل وقضايا المؤتمنين على توفير قوت هذا الشعب. وقد أثار قرار الرفض ردود فعل صارمة من ممثلي المهنة تعكس درجة الاستياء والامتعاض الشديدين من هذا الموقف الذي ينمّ حسب رأيهم عن عدم دراية واطلاع بتفاصيل ملف المديونية الفلاحية المضطهد للفلاحين والحائل دون تمكينهم -ولا سيما الصغار منهم- من التمتع بالتغطية التمويلية من البنوك لعدم قدرتهم على تسديد ماعليهم، في هذا السياق أعربت النقابة التونسية للفلاحين في بيانها الصادر السبت الماضي بمناسبة اليوم الوطني للفلاحة عن أسفها الشديد لعدم استجابة قانون المالية التكميلي المعروض على المجلس التأسيسي للحد الأدنى في مجال معالجة مديونية الفلاحين مطالبة بفسخ الديون المتراكمة على كاهل الفلاحين بوصفها عائقا للاستثمار والتشغيل. وأضاف ليث بن بشر رئيس النقابة في تصريح ل"الصباح" أنه خلال اللقاء الذي جمع ثلة من أعضاء نقابة الفلاحين مع رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر السبت الفارط كان تفهمه لموقف النقابة من المديونية جليا مشيرا إلى ما أبداه بن جعفر من حسن إصغاء لمقترحاتهم ومن طرح شامل في معالجة مسألة الديون في مختلف مفاصلها دون عزلها عن إطارها العام عبر الجمع في المعالجة بين فسخ الديون واعتماد سياسة تمويل ناجعة تضمن ديمومة النشاط الفلاحي مع تأهيل القطاع من المستغلة إلى مسالك الترويج وترسيخ مبدإ التكافل في مجابهة انعكاسات الجوائح الطبيعية. ورأى بن بشر في دعوة رئيس المجلس النقابة لحضور أشغال اللجان عند تناول المسائل الفلاحية أو للتعريف بمشاغل القطاع ما ينم عن تفاعل إيجابي من شأنه أن يساعد على تجاوز كبوة رفض المصادقة على فصل الإعفاء من الديون ليفتح ملف المديونية الفلاحية على مصراعيه ويطرح على الحوار بكل جدية للخروج بحلول عملية تضمن للفلاح مواصلة النشاط والإنتاج والعيش الكريم وتمكن في المقابل من استدامة مردودية القطاع ككل. من جانب اتحاد الفلاحين أعرب رئيس المنظمة الفلاحية أحمد جار الله ل"الصباح" عن أسفه للموقف غير المتوقع صدوره عن نواب بالتأسيسي بحكم قربهم من الفلاحين قائلا "هذا لم أتصوره بالمرة وإلى اليوم لم أستوعب موقفهم". وعزا قرار الرفض إلى عدم إلمام جانب من النواب بأمهات قضايا القطاع وبجهل بيّن لمشاغل الفلاحين رغم ما يفترض أن يكون عليه نواب التأسيسي من قرب من المنتجين المؤتمنين على قوت هذا الشعب وهي مسؤولية لم يتملصوا منها قيد أنملة بل ورغم دقة الظرف والصعوبات التي واجهها عدد هام من الفلاحين بعد الثورة واظبوا على العطاء والبذل لضمان انتظام الإنتاج والتزويد. ولئن برر جار الله موقف التأسيسي بجهل القطاع فإنه أشار إلى تحمل الهياكل الفلاحية للمنظمة جانبا من المسؤولية جراء غيابها القسري عن المشهد العام خاصة في مستوى تبليغ صوتها إلى السلط السياسية في فترات متلاحقة بعد الثورة جراء التجاذبات التي سيطرت على وضعها الداخلي. ومهما كان موقف المجلس التأسيسي يرى المتحدث أن ملف المديونية سيظل مطروحا على طاولة الحوار إلى حين الخروج بحلول توافقية تحمي الفلاح وتؤمن استدامة النشاط الفلاحي ككل. لا للمزايدة على قضايا الفلاحين عند رصد موقف وزير الفلاحة من قرار رفض المصادقة على الإعفاء من الفوائض لصغار الفلاحين انتقد محمد بن سالم ما اعتبره مزايدة البعض على موضوع جدي مثل المديونية الفلاحية رغم اقتناعه المبدئي بضرورة حل مشكلة المديونية لكن "في إطار من الموضوعية والطرح المدروس للملف، وتقدير مسؤول لتبعاته على موازنات الدولة حتى تكون الحلول المقترحة قابلة للتجسيم والتطبيق". واعتبر الوزير أن طرح الموضوع بهذا الشكل الاعتباطي على مشروع الميزانية لا يمكن أن يفضي إلى مخرج عملي. واستغرب بن سالم تغافل المجلس عن استشارة وزارة الفلاحة والاستئناس بالبيانات والتقارير التي تنكب على إعدادها لجنة مختصة مكلفة بدراسة موضوع المديونية من مختلف جوانبه ليكون طرح المقترحات على بيّنة ومراعية لمدى قدرة ميزانية الدولة على تحملها واستشعار كل التداعيات الممكنة استنادا إلى المعلومة الدقيقة. وأبدى استعداده لتقديم كل التوضيحات والبيانات في هذا الموضوع ووضعها على ذمة لجان المجلس إذا ما دعي إلى ذلك متأسفا عن عدم مبادرة المجلس بتنظيم جلسة حوار صلب إحدى لجانه قبل مناقشة المقترح. هكذا إذن بدت المواقف متباينة ولكن ما يحسب لقرار الرفض داخل المجلس التأسيسي أنه فتح باب الحوار بقوة حول موضوع المديونية القديم الجديد في مستوى الطرح والمعايشة ولئن لم يفض إلى حل آني فإنه حتما سيتلمس طريقه جدية نحو المعالجة التي يتعين أن تكون هيكلية وجذرية بعيدا عن الحلول المسكنة التي قد تسكن آلام الورم حينا لكنها لا تقضي عليها نهائيا وهذا بطبيعة الحال يتطلب الجلوس إلى مائدة حوار تضم الجميع لتكون وصفة العلاج ناجعة. منية اليوسفي
جار الله لن يترشح لأي استحقاق انتخابي فلاحي أكد رئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أحمد جار الله أنه لن يترشح لأي استحقاق انتخابي في أي مستوى كان صلب المنظمة الفلاحية نائيا بنفسه عن التشبث بالمناصب والكراسي كما شرح ذلك ل"الصباح"في اتصال هاتفي أجريناه معه-معربا عن إيمانه بحق التداول على موقع القرار وفتح المجال أمام الطاقات التي يزخر بها القطاع للمشاركة في المواعيد الانتخابية القادمة. وسيكون أبرزها المؤتمر الوطني الاستثنائي المتوقع عقده موفى 2012في صورة احترام روزنامة تجديد الاتحادات المحلية التي تمهد لعقد المؤتمر الوطني. وبيّن جار الله أنه بتخليه عن الترشح يريد أن يحدث سابقة تاريخية في مسيرة المنظمة مضيفا قوله" إنّ من يؤمن بالتغيير عليه أن يبدأ بنفسه.." وباستيضاح ذات المصدر عن تداعيات قرار تعليق عضو بالمكتب القيادي للهيئة التوافقية لنشاطه منذ أسابيع على عملية التسيير الوفاقي الحاصل داخل البيت الفلاحي ، قلل جار الله من أهمية تأثير ذلك على سير أنشطة الإتحاد.وأعزى مسألة تجميد النشاط إلى خلاف داخل الكتلة الوفاقية الجديدة وليس في علاقة شخصية بالقيادة . وأشار إلى أنه لا إشكال له مع ناصر الموسي الذي علّق نشاطه ويعتبره صديقا ومكانه محفوظا صلب الهيئة. كما أكّد بالمناسبة تواصل مد اليد نحو كل من يرغب في العمل لفائدة المنظمة والفلاحين.