بدأت أجالد ما استعصى على الناس في ما جاء في القرآن المجيد، حروفا ومعاني ومفاصل ونفسا، منذ كنت في عالم الغيب ، لا صلب رجل علم بك ولا رحم انثى استعد لقبولك. سمعت انك اقل سنا من ابني الثاني وانه كان عليك، لو كنت مسلما، ان تحترم مشيبي وان توقر سبقي في المثول امام القول الالهي حيرة وسؤالا و بحثا ودرسا و تدريسا. كنت أودّ لك ذلك ولكنك اسرفت لا في التعالي والتعامي فقط ، وانما في تلاوة ما لقنت من افواه اسيادك وهي التي اعرفها عابقة بريح النفط المسلوب من اراضي الاسلام تحول إلى وريقات خضراء يدسها مولاك الوهابي في جيوبك لتفتري على الله والناس... أيها الدهان الشاب من عرفناك في الهجرة تتعاطى صناعة كانت شريفة لو اكتفت بالرزق الحلال لو انها لم تتحول إلى التطاول على الامامة والخطابة والتوجه إلى الناس في مساجد الله تدعو إلى الفتنة والتناحر والفرقة والقتل معا . اعلمك سيدي فانك لا تعرف حتما وعساك تتثبت مما اقول، اني بدأت رحلتي المضنية في التأسيس لقراءة كتاب الاسلام المنزّل علما بانها لن تنتهي بعمري اعلمك اني بدأتها شابا منذ نهاية الستينات في اشهر جامعة اوروبية بعد ان تخرجت من الجامعة التونسية ،بدأتها موقنا ان الناس والظروف والملل والنحل والأهواء واختلاف السلطان عبر تاريخنا حجبتنا عن الأمر الأول في كتاب الله اي الأمر بالقراءة فرأيت أن من اهتم فينا منذ عصر التدوين بالتلاوة فقط والترتيل التعبدي حجبونا عن الطاعة في ما أمرنا به في هذا الأمر الأول. وذلك هو اختصاصي منذ ان بدأت خطواتي في درب التعلم الناضج أما عن طفولتي فقد قضيت اسعد أوقاتها وأطولها في مكتبة حذو جامع الزيتونة عتقتني مبكرا من كامل الكيلاني ومحمود تيمور وطه حسين الروائي وكبرى عناوين الأدب العالمي المعرب الميسر لأنتقل إلى محاولات فهم نص حفظته وانا في العاشرة من عمري . منذ تلك السن الغضة كنت قادرا على ان أحاورك فأقول : ان اجمل وأرقى ما تلقيته في تلك السنين هو محاورة صاحبي الجنتين في سورة الكهف المباركة حيث يتحول القائل لمخاطبه محافظا على العبارة ذاتها (وقال لصاحبه وهو يحاوره...) ، بالرغم من ان احدهما اعترف باثم لا يغفر حين انهى الحوار بقوله( ... ياليتني لم اشرك بالله احدا... ) . من أين لك وانت لا تقرأ القرآن ان تعرف آداب القرآن من خلال هذا الدرس الذي كرمتنا به بضعة من السطور في الكتاب العزيز؟ من اين لك وأنت تخلط بين الأحاديث النبوية الشريفة التي صححها او ضعّفها أئمة البيترو دولار بعد البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وغيرهم من اجلاء اصحاب الصحاح والمساند والسنن، تجترها على مسامع البسطاء المغترين بفصاحة ممثلي المسارح ؟ لو قرأت القرآن يوما ، ولست ممن ييأس من احد وان كان من امثالك، لو قرأت القرآن حقا لعجبت من قوله تعالى لموسى واخيه هارون عليهما السلام ان يبدآ باللين في مخاطبة عدو الله الاكبر ، فرعون المصري. فما بالك بمواطن لك لم يذكرك بسوء قط ولا يعرفك ولا ذكرك يوما. فلو كان سبابك على جدران «كتاب الوجوه» (فيسبوك) للمهاترة مع اقرانك واترابك ، لكفيتني شر حوارك على هذه الأعمدة ولكنك تجاسرت على بيوت الله التي لا يذكر فيها الا اسمه ولا يرتادها الا من لا تلهيه تجارة عن ذكره سبحانه ، تجاسرت عليها في أذمّ ما ذكر في القرآن الكريم من أفعال سمجة شريرة ، افعال من يأكل لحم اخيه وهو ميت . تطاولت على اسمي ولقبي وقد جاءا من شجرة عريقة كتلك الشجرة الطيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء، تتحدر في تونس من الولي سيدي احمد الغوث الصديق التوزري وتغوص في اقاصي ماضينا المجيد حتى خليفة رسول الله الاعظم سيدنا ابي بكر الصديق رضي الله عنه و ارضاه، ثم يلغت بك الصفاقة والرعونة ان ترفث فتقول ان لا خير في و في من «جابوني» .. أتقصد من جاء بي الي اسماعك و انظارك في قناة تلفزية ما، ام من جاء بي إلى هذه الحياة الدنيا فان لم تكن قصدت شتم والديّ ، رحمهما الله ، فلماذا لم توضح وكنت تجاوزت لك صفاقتك؟ اما الادهى ، يا بنيّ، فهو ما تحديت به ابسط آداب التلفظ في مساجد الله حين خاطبت العابدين امامك المسحورين بلباقة ما تشدقت به فقلت مهاترا بالحرف الواحد : «... جيبوهولي هذايا نكورو بيه «.. لا فضّ فوك يا سي بشير... نعم قلت عن بعض المسرفين في مواجهة من لا يتفق معهم انهم من الخنافس والبهائم ولم اغادر في ذلك ما قرأته عن المغالين والمجترين في كتاب الله حيث وصف من لا يحمل الا اسفارا بالحمار ومن يرتعد امام الحق بالحمٌر المستنفرة .. ولك في هذا مجال للتعرف عن ذاتك حتى تصبح مؤمنا حقا وتؤمن بذلك الحديث النبوي الشريف المقتضب فتراني وأراك لان المؤمن مرآة المؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم.