من المتعارف عليه أن مستشاري رئيس الدولة أو مستشاري رئيس الحكومة في أي بلد في العالم وتحت لواء أي نظام حكم كان سواء دكتاتوريا أو ديمقراطيا،هم نخبة نيرة من خيرة الخبراء والكفاءات في اختصاصاتهم ومجالاتهم ومن المطلّعين بما يكفي على أكثر الملفات المحلية دقة وحساسية والمستعدين للعمل كفريق متجانس بغاية تمهيد طريق النجاح لرؤسائهم مهما كانت المعوقات والعقبات.. وحكومة «الترويكا» كغيرها من حكومات العالم اختار رئيسها حمادي الجبالي أن يحيط نفسه بفريق من «الثقات» ليكونوا مستشاريه..وبينهم المستشار الأمني للجبالي الحبيب الصيد الذي اضطلع سابقا بخطة وزير الداخلية في حكومة قائد السبسي ,هذا المستشار ورغم معرفته الدقيقة بخفايا البيت الأمني ناهيك وأنه ابن المؤسسة الأمنية لا يبدو حسب ما نلاحظه أنه قام بدور هام في رأب التصدّعات الأمنية أو «نصح» رئيس الحكومة بما يجب قوله وفعله لامتصاص الاحتقان الأمني خاصّة على مستوى العمل النقابي والمساعدة على استرجاع الجسد الأمني لعافيته ولثقة الرأي العام فيه..فأن يخطب رئيس الحكومة في التونسيين قائلا أن بيانات النقابات الأمنية « مسيّسة» على خلفية البيان الذي أصدره اتحاد النقابات الأمنية واتهم فيه سلطة الإشراف أنها لم توفّر آليات التدخّل الناجع للأمنيين لحماية البلاد والعباد نعتبره كلاما تغيب عنه البصيرة السياسية في هذا الظرف الأمني الدقيق..وبالتالي تغيب عن المستشار الأمني الحكمة والرصانة في توجيه رئيس الحكومة بما يقتضيه الظرف.. السيّد رضا الكزدغلي المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة بدوره لم نر بعد انجازا يحسب له بل أن حمادي الجبالي اعترف في الحديث التلفزي الأخير بخطأ حكومته بشأن الأسماء التي تمت دعوتها للمشاركة في استشارة الإعلام وكلّنا ما زلنا نتذكّر الضجة التي أثارها حضور بعض رموز العهد البائد... ويبقى لطفي زيتون ،المستشار السياسي لرئيس الحكومة صانع للحدث ومثير للجدل..فإذا كان الأنصار يعتبرونه الورقة السياسية الرابحة لرئيس الحكومة والمستشار الجريء ذو «الصفات الخاصّة» التي تستفزّ خصومه ومنها خاصّة برودة أعصابه وتصلّب مواقفه واستبساله في الدفاع عن خيارات الحكومة , فان خصومه وبعض المتتبعين للشأن السياسي يعتبرونه «نقطة ضعف» في فريق الجبالي وهو الذي لم يتوان ومنذ اضطلاعه بمنصبه من إثارة الزوابع الكلامية بينه وبين خصومه السياسيين خاصّة في المنابر الإعلامية..ووصل الأمر بأحدهم لينعته بأنه كلما تكلّم افتعل أزمة في البلاد.. من المؤكّد أننا لا نحمل ضغينة شخصية تجاه السيّد زيتون أو نتحامل عليه لإحباطه وتثبيط عزائمه,لكنه مدعو بحكم منصبه «الخطير» والدقيق في هذا الظرف الحسّاس إلى التحلّي بالكثير من رباطة الجأش والتريّث والرصانة والابتعاد عن الخطابات الشعبوية حتّى يظلّ وفاق وتوافق بين كل النخب السياسية,فبقطع النظر على خلفيته الحزبية فهو مستشار سياسي لرئيس حكومة لكل الشعب التونسي. وان كنّا نتفهّم دفاعه المستميت عن توجهات الحكومة لأنه من صميم عمله فان هذا لا يعني تعنّته وغطرسته بل عليه أن يتعامل مع الإعلام بقدر من الاحترام المتبادل لا أن يلوّح بيده أمام الكاميرا في أكثر من مناسبة مع قناتي الوطنية 1 ونسمة بطريقة فيها قدر من التحقير للعمل الصحفي الذي على هناته التي نعترف بها ولا نواريها يبقى همزة الوصل بين السياسي والرأي العام.. ونرجو أن يكون مستشارو رئيس الحكومة,على قدر كبير من روح المسؤولية والبذل والعطاء لتونس وليس للائتلاف الحاكم فقط لأن المستشار يجب أن يكون كرجل المطافئ مجنّد دائما لتطويق ألسنة اللهب المندلعة من هنا أو هناك لأي سبب ومنصبه لا يجعله مطالب «ببذل عناية» فقط بل بتحقيق نتيجة أيضا..