زلزال بقوة 6.5 درجة قبالة شمال اليابان وتحذير من تسونامي    "القرار ليس لنا".. فون دير لاين ترد على هجوم ترامب على أوروبا    في اختتام المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري ..وزير التجارة يؤكد ضرورة إحداث نقلة نوعية ثنائية نحو السوق الإفريقية    رقمنة الخدمات الإدارية: نحو بلوغ نسبة 80 بالمائة في أفق سنة 2030    تقارير: ملادينوف بدلا من بلير وجنرال أمريكي عمل بلبنان على رأس "قوة دولية" في القطاع    إثر ضغط أمريكي.. إسرائيل توافق على تحمل مسؤولية إزالة الأنقاض في قطاع غزة    تونس/الجزائر: الأعراف يقدّمون رؤيتهم لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي    كأس العرب – السعودية تلتحق بالمربع الذهبي    كأس العرب.. برنامج وتوقيت مواجهتي نصف النهائي    أخبار النادي الافريقي ...مَساع لتأهيل حسن رمضان وتصعيد في قضية «الدربي»    اقتناءات في «الأنياب» وتجهيزات الكشف بالأشعة وانتدابات جديدة... الديوانة تشنّ حربا على المخدّرات    أيام قرطاج السينمائية: عندما تستعيد الأفلام «نجوميتها»    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    عَنّفَ إمرأة من اجل معلوم ركن سيارتها.. الحكم بالسجن ضد حارس مأوى عشوائي بالبحيرة    ستمكّن من إحداث 1729 موطن شغل: مشاريع استثمارية جديدة في تونس..#خبر_عاجل    في أولى جلسات ملتقى تونس للرواية العربية : تأصيل مفاهيمي لعلاقة الحلم بالرواية وتأكيد على أن النص المنتج بالذكاء الاصطناعي لا هوية له    الصحة العالمية تحسمها بشأن علاقة التلاقيح بمرض التوحّد    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة: برنامج مباريات الجولة الخامسة    تونس تسجل نموًا ملحوظًا في أعداد السياح الصينيين بنهاية نوفمبر 2025    ليبرتا ومصرف الزيتونة: تمويل العمرة متاح للجميع وبشروط سهلة    الليلة: أجواء باردة وضباب كثيف بأغلب المناطق    عاجل/ العثور على جثتي شابين مفقودين في هذه الجهة وفتح تحقيق في القتل العمد    عاجل: كميات كبيرة من القهوة المهربة تُباع للتونسيين ودعوة للتدخل    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    طبيب أنف وحنجرة يفسّر للتوانسة الفرق بين ''الأونجين'' و الفيروس    صدر بالمغرب وتضمن حضورا للشعراء التونسيين: "الانطلوجيا الدولية الكبرى لشعراء المحبة والسلام"    توزر: ضبط كافة المواعيد المتعلقة بإتمام إجراءات الحج    هيئة الصيادلة تدعو رئيسة الحكومة الى التدخّل العاجل    شركة تونس للطرقات السيارة تواصل أشغال التشوير لضمان أعلى مستويات السلامة    عاجل/ قائمة المنتخب الوطني المدعوة لكان المغرب 2025..    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق مراد الزغيدي وبرهان بسيس..    طبرقة وعين دراهم تولّي قبلة الجزائريين: أكثر من مليون زائر في 2025!    اختراق هاتفك بات أسهل مما تتوقع.. خبراء يحذرون..#خبر_عاجل    تونس تسجل "الكحل العربي" على قائمة اليونسكو للتراث العالمي    في جرائم ديوانية وصرفية: 30 عاما ضد رجل الأعمال يوسف الميموني    نابل: تقدم أشغال تجهيز 5 آبار عميقة لتحسين التزود بالماء الصالح للشرب    بنزرت : تنفيذ حوالي 6500 زيارة تفقد وتحرير ما يزيد عن 860 مخالفة اقتصادية خلال 70 يوما    نشط ضمن تنظيم انصار الشريعة وكان الناطق الرسمي باسم السلفية. الجهادية : 55 سنة سجنا في حق بلال الشواشي    خولة سليماني تكشف حقيقة طلاقها من عادل الشاذلي بهذه الرسالة المؤثرة    عاجل : عائلة عبد الحليم حافظ غاضبة و تدعو هؤلاء بالتدخل    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    هام/ هذا موعد الانتهاء من أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة..#خبر_عاجل    كأس العرب: مدرب المغرب ينشد العبور لنصف النهائي.. ومدرب سوريا يؤكد صعوبة المهمة    تطور جديد في أزمة صلاح مع سلوت.. جلسة تهدئة بلا اعتذار وتوتر يتصاعد داخل ليفربول    النوم الثقيل: حاجة باهية ولا خايبة؟    الدورة الخامسة لمعرض الكتاب العلمي والرقمي يومي 27 و28 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم    أميركا تطلق تأشيرة "ترامب الذهبية".. هذا سعرها    جوائز جولدن جلوب تحتفي بالتونسية هند صبري    حذاري: 5 أدوية تستعملها يوميًا وتضر بالقلب    حسابك بالعملة الأجنبية أصبح ساهل... شوف الشروط كاملة    رابطة أبطال أوروبا : فوز بنفيكا على نابولي 2-صفر    عاجل:تونس على موعد مع أمطار قوية..التفاصيل الكاملة..وين ووقتاش؟!    عاجل: توقف حركة القطارات على خط أحواز الساحل    عاجل/ الرصد الجوي يحذر: ضباب كثيف يحجب الرؤية..    هيئة أسطول الصمود تُقدم تقريرها المالي حول التبرعات وكيفية صرفها: التفاصيل    مادورو.. مستعدون لكسر أنياب الإمبراطورية الأمريكية إذا لزم الأمر    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاناة.. حقائق مفزعة.. وحياة مرّة
«المنسيون» في الأحياء الشعبية :
نشر في الصباح يوم 10 - 06 - 2012

مظلومون مرتين..حرمان من المساواة في التنمية ونظرة دونية باعتبارهم مصدر «إزعاج وقلق» - مبحث طريف تطرّق إليه المعهد العربي لحقوق الإنسان في منتدى حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفئات المهمشة المنتظم أمس بالعاصمة بحضور نخبة من الجامعيين والمثقفين، يتعلق بمعاناة الفئات المنسيّة في أحياء شعبية بالعاصمة ومدن تونسية أخرى
وخلص هذا المبحث إلى أن سكّان العديد من الأحياء المقصيّة ظلموا مرتين، مرّة لأنهم حرموا من المساواة في الحظوظ التنموية والتمتّع بمرافق الحياة، وأخرى لأن المجتمع كثيرا ما ينظر إليهم نظرة دونية ويحذر منهم وينفرهم ويعتبرهم وصمة ومصدر إزعاج وقلق.
واعتمادا على دراسات سوسيولوجية وشهادات حية لمواطنين مهمشين في هذه الأحياء خاصة الموجودة بالعاصمة اتضح أن نسبة البطالة مرتفعة جدا في هذه الأحياء ونسبة الفقر والجهل أيضا، الأمر الذي ساعد على انتشار تعاطي المخدرات والإدمان على الكحول وعلى الاتجار بهما وشجّع على ممارسة الدعارة.
وقالت لمياء قرار المديرة التنفيذية للمعهد العربي لحقوق الإنسان إن هذا البحث الذي أجراه المعهد حول مسألة التهميش في تونس وينتظر إصداره عما قريب، ركز خاصة على حي السيدة بالعاصمة وحي رزيق في قابس وبعض الأحياء بصفاقس وغيرها قصد معرفة أسباب التهميش وآثاره والأدوار الممكنة للمجتمع المدني وللخواص والدولة للحد منه.
وفسر الأستاذ عبد الباسط بن حسن رئيس مجلس إدارة هذا المعهد أن المقصود بالتهميش الاقتصادي والاجتماعي والثقافي هو عزل يقوم على آليات متعددة قد تتحول أحيانا إلى ثقافة يستبطنها الناس في أشكال عديدة من التهميش، إذ هناك من ينبذ الأحياء الفقيرة وهناك من يشيح بوجهه عن الفقير او المتسول أو النازح أو اللاجئ أو صاحب البشرة السمراء. وقال إن نظريات حقوق الإنسان تمكّن من تحليل آليات التهميش ومنظوماته ونقد هذا التهميش وفضحه، ومن إبلاغ أصوات هؤلاء الى صنّاع القرار والمجتمع.
وأضاف الأستاذ بن حسن أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليست في وضع جيد اذ أنها تقوم على التمييز بين الفئات والجهات في غياب تصور واضح للتوزيع الاقتصادي والاجتماعي الذي يقوم على المساواة والكرامة. ويتطلب الأمر بعد الثورة، على حد تأكيده، قيام سياسات اجتماعية تمكن من تقريب الفجوة بين الفئات الاجتماعية، ولاحظ أن النقاش السياسي و السياسوي الذي يتحول الى صراعات إيديولوجية لا يترك مجالا كبيرا لسياسات اجتماعية.. وما يبذل الآن من مجهود على مستوى إرساء السياسات الاجتماعية لا يرتقي الى المستوى المطلوب بعد الثورة..
وأكد الأستاذ عزام محجوب على أن الفقر والبطالة لهما آثارا واضحة في تعميق الهوامش، ولاحظ أنه من جملة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي يجب احترامها ودسترتها هي الحق في مستوى معيشي كاف لضمان الصحة والتغذية والمسكن ورعاية الطفولة والأمومة، إضافة إلى الحق في الشغل والحماية الاجتماعية.
وبين أن احترام هذه الحقوق وحمايتها وأفعالها يستدعي بذل جهد كبير.. وتتطلب كل مرحلة منهجية واضحة للمحاسبة والمقاضاة، إذ هناك معايير ومقاييس ومنهجيات مضبوطة تمكّن من قياس وتقييم مدى التزام الدولة بتوفير هذه الحقوق.. ولاحظ أن الثورة بينت أن التماسك الاجتماعي في تونس مختل، وأنه اذا لم يقع اتخاذ الإجراءات اللازمة للحدّ من الإنخرام في الإنصاف الاجتماعي، سيؤدي الوضع الى انفجار.
ويرى الأستاذ عبد الستار السحباني رئيس الجمعية التونسية لعلم الاجتماع أنه يجب تغيير المنوال التنموي لأنه غير سوي ويجب أيضا مراجعة التقسييم الإداري لأنه قائم على أسس أمنية وليس تنموية.
أحياء مهمشة
ومن أمثلة الأحياء المهمّشة التي تم تقديمها أمس خلال اليوم الدراسي حي السيدة بالعاصمة وحي الزريق بقابس وعدد من أحياء أخرى بولاية الكاف.
وفي دراسة ميدانية قدّمها الباحث الحبيب العايب تتعلق بالتهميش الاجتماعي والاقتصادي بحي السيّدة كشف أن الخوف من سكان هذا الحي ليس في محله خلافا لما يتبادر إلى أذهان البعض من أن من يدخله يمكن أن يعامل معاملة سيئة ويتعرض للسرقة.
وبين الباحث أن شباب هذا الحي يجدون صعوبة في العثور على شغل، لأن المشغل وبمجرد ان يعرف أن طالب الشغل ينحدر من هذا الحي يتراجع عن الانتداب. كما أن المريض الذي يأتي من حي السيدة للمستشفى لا يعامل نفس معاملة مريض آخر قادم على سبيل المثال من المرسى أو المنار حتى وإن كان في حوزته ما يكفي من المال.
وأضاف الباحث أنه دخل بيوت عديدة في هذا الحي والتقى أشخاصا كثيرين واطّلع عن كثب على ظروف حياتهم وفهم الأسباب التي جعلت العديد منهم يمارسون العنف والسطو على متاع الغير أويستهلكون المخدرات أويمارسون الدعارة.. وقال :»يعتقد البعض ان هذه الممارسات تقع في هذا الحي فقط لكن هذا ليس صحيحا.. فأغلب من يتاجرون بالمخدرات لا يفعلون ذلك في الحي ومن يمارسن الدعارة أيضا، بل يذهبون إلى أحياء راقية، لكن هذا لا ينفي أن هناك مشكل استهلاك المخدرات في صفوف أطفال حي السيدة الأمر الذي يتسبب في إبعادهم عن المدارس.
ولاحظ أن «عددا كبيرا من السكان هناك لا يتمتعون بالصرف الصحي وهناك عائلات عديدة تقطن في غرفة واحدة تتسع لجميع أفرادها فيها يأكلون وينامون، وعندما يرغب الزوجان في علاقة حميمة يطردان الأطفال إلى الشارع».
ولا يختلف الوضع في حي الزريق بقابس كثيرا عن حي السيدة لكن التهميش في هذا الحي حديث العهد في حين أن التهميش في حي السيدة يعود إلى زمن بعيد..
وتتساءل مها عبد الحميد طالبة المرحلة الثالثة التي اجرت دراسة على حي الزريق بقابس من ينتج هذا التهميش؟ هل هي السلطة في تعاملها مع هذه الفئة؟ أم الامر يعود للأفراد أنفسهم، وكيف يمكن للإنسان أن يسكن السيدة وحي زريق دون أن يكون مهمشا اجتماعيا؟
ومحاولة لتقديم صور حية عن التهميش الاقتصادي لسكان أحياء بولاية الكاف عرض قسم الإعلام بالمعهد العربي لحقوق الانسان شريطا وثائقيا مؤثرا عنوانه «المنسيون» إخراج أمينة جبلون وكشف هذا الشريط الذي عرض شهادات حية لعدد من المواطنين معاناة هؤلاء من الفقر والبطالة والمناخ القاسي.
الأطفال والأقليات
إلى جانب الأحياء والجهات المهمشة هناك فئات مهمشة، وتحدّث الأستاذ مختار الظاهري من «اليونسيف» عن الأطفال وبين أن تهميشهم تفاقم بعد الثورة، فالاهتمام العام منصب حاليا على المواطن الناخب وليس على الأطفال. وقال إن الكثير من الأطفال يتخلّون عن الدراسة بسبب عدم قدرة أسرهم على توفير مصاريف دراستهم وإن تسعين بالمائة من أطفال تونس معرضون للعنف ونسبة كبيرة منهم يعيشون في الجهات المهمشة كما ان ثلثي وفيات الأطفال تتم في المناطق الريفية بسبب اتساع الفوارق بين الجهات وعدم توفر سيارات الإسعاف المجهزة على النحو المطلوب.
وأثارت الباحثة مها عبد الحميد مسألة الأقليات وبينت أنه بكل أصنافها مهمشة، وهي بعيدة عن الطرح العلمي والسياسي.
وبين الأستاذ سمير بوعزيز مسؤول قسم الاعلام بالمعهد العربي لحقوق الإنسان انه لا يمكن الحديث عن الفئات المهمشة دون الحديث عن السياسات العامة والبرامج العامة السابقة ومحصلتها إلى هذه اللحظة والتغيرات التي حققتها الثورة. وبين أن المجتمع المدني له قوة الاقتراح والاحتجاج.. ويمكنه ان يساهم في التغيير للحد من التهميش والإقصاء.
يذكر أن المنتدى يتواصل اليوم في شكل ورشات عمل حول الإصلاحات والأدوار الممكنة لضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من أجل تنمية عادلة والتقليص من الهوامش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.