احدثت مؤخرا معتمديات جديدة بانحاء مختلفة من البلاد التونسية شمالا وجنوبا، وكان بعضها لا يتعدى سكانها عشرة الاف ساكن. كما أنّ مؤهلاتها الاقتصادية ومساحتها لا تتماشى مع المستوى الاداري الجديد.. هذا وقد سمعنا من اوائل التسعينات خبر احداث معتمدية جديدة بمنطقة الحامةالغربية، ولكن الأمر مازال في مستوى الاشاعة الى يومنا هذا، كما قيل ان اسباب تعطيل هذا المشروع الحيوي هو عدم اتفاق ابناء الجهة على تحديد مركز هذه المعتمدية، ولكني اعتقد أنّ بالوزارة الاولى وبوزارة الداخلية من الخبراء المؤهلين لحسم الموقف حسبما يتطلبه الجانب الاداري، والمصلحة العامة بحيث لا يترك الامر للاهواء والعصبيات تعطل مشاريع الدولة، وتقف حجر عثرة في طريق مصلحة المواطنين. والحقيقة فإن معتمدية الحامة الحالية تعتبر اكبر معتمدية بالجمهورية التونسية مساحة ارض، وعدد سكان، ومياه حارة وباردة الى جانب توفر معطيات اقتصادية، ومؤسسات تعليمية تؤهلها الى التقسيم على ثلاث معتمديات: معتمدية شرقية، ومعتمدية غربية، ومعتمدية شمالية. اولا المساحة الشاسعة: ان مساحة الحامة تقارب مائتين وخمسة وستين الف هكتار وهي موزعة بين اراض للمراعي، واراض للزراعة السقوية والبعلية والبقية غابات واحراش ثانيا ارتفاع عدد السكان: اما عدد سكان الحامة الحاليين فيزيد عن خمسة وثمانين الف ساكن بعدما كان سنة 2002 حوالي خمسة وسبعين الفا منهم ثمانية واربعون داخل المنطقة البلدية، وسبعة وعشرون الفا موزعين على القرى والأرياف، هذا ويمكن لنا معرفة السكان الحاليين بشكل تقريبي من معرفة عدد تلاميذ المدارس الابتدائية والاعدادية والمعاهد الثانوية والمهنية، لقد بلغ عدد التلاميذ سنة 2006 ما يقارب عشرين الف تلميذ وتلميذة. وذلك بقطع النظر عن طلبة التعليم العالي. واذا كان كل تلميذ متواجدا في اسرة تتركب من خمسة افراد - وهو المعدل الادنى لافراد الاسرة بالجهة - يكون عدد سكان الحامة التقريبي حوالي مائة الف نسمة. ثالثا المؤسسات التعليمية: يوجد بالحامةالمدينة واريافها خمس وعشرون مدرسة ابتدائية، وست مدارس اعدادية وثلاثة معاهد ثانوية حكومية، ومدرسة للصنائع ومعهد للتكوين المهني وثلاثة معاهد خاصة، هذه المؤسسات التسع والثلاثين بها ما يفوق عشرين الف تلميذ غير طلبة التعليم العالي. وهو عدد لا يمكن ان تديره - مع معلميهم واساتذتهم والموظفين والعمال - تفقدية واحدة. رابعا المؤهل الاقتصادي: الجانب الرابع الذي يساعد على تقسيم الحامة الى ثلاث معتمديات المعطيات الفلاحية الضخمة التي تتمتع بها الجهة. أ - سعة الاراضي المخصصة للزراعة البعلية والسقوية وغراسة الأشجار المثمرة ب - تعدد الواحات وكثرة النخيل بالحامة الذي يوازي نخيل قابس، ثم ان واحة الحامة مقسمة بين المناطق الثلاث بشكل شبه متساوي ج - توفر المياه الحارة والباردة في كل المناطق، الامر الذي يساعد على التنمية الفلاحية المتنوعة، من زراعة الخضروات الى انتاج الباكورات باستعمال المياه الحارة لتدفئة البيوت المكيفة، جيوتارمي - كما ان المياه المعدنية بالحامة ذات مواصفات طبية متنوعة وشهرة عالمية، كما اثبتت التجربة من مئات السنين فوائدها الجمة فتحدث عنها الحسن الوزان واحمد التجاني وابن خلدون فنوهوا بمنافعها خامسا تعدد الاحياء العمرانية: كان للدمار الذي شهدته مدينة الحامة القديمة المسورة، دوره في انشاء احياء عديدة متفرقة هنا وهناك بعضها يحيط بالمدينة وبعضها الاخر منتشر باريافها، اهمها: القصر، والدبدابة، والسنباط، وبوعطوش، وابن غالوف، وواد النور وغيرها. والحقيقة ان هذه القرى مستقل بعضها عن بعض بمساجدها ودكاكينها واسواقها ودورها ومؤسساتها التعليمية. هذه لمحة مختصرة تشير الى ان هذه المناطق الخصبة الشاسعة، والاعداد البشرية الهائلة والاحياء السكنية المترامية الاطراف والمدارس والمعاهد المتزايدة، كل ذلك تديره معتمدية واحدة، وبلدية واحدة ليس لها اي فرع، ومركز شرطة واحد ومركز حرس واحد، وادارة بريد واحدة لها فرعين صغيرين فقط، وتفقدية تعليم واحدة، ومستشفى واحد، وهو امر ينتج عنه ضغط على خدمات المواطنين، وارباك في عمل الموظفين ومضاعفة مسؤوليات رؤساء الادارة، كما ان بقاء الحامة معتمدية واحدة مع هذا الكم الهائل من السكان يحرمها من النمو والتطور الذي شهدته جهات اخرى رغم اللفتة الكريمة بعد التغير والتي كان مردودها محدودا بسبب الحرمان والنسيان الذي عانت منه الجهة من ايام الاستقلال الذي قدم من اجله ابناء الحامة تضحيات جسام. لهذه الأسباب يمكن تقسيم الحامة الى ثلاث معتمديات كبرى: شرقية ويكون عدد سكانها ما يزيد عن ثمانمائة وثلاثين ساكن وغربية وتحتوي على ما يقارب سبعة وعشرين الف ساكن، وشمالية ويكون سكانها حوالي عشرين الف ساكن، والذي اراه ان السلطات العليا مؤهلة بل هي وحدها التي يمكن لها أنّ تأخذ قرارا حازما في هذا الشأن فتنفذ ما تراه صالحا بالجهة ويعود عليها بالتطور والنمو، ويعود على الادارة بتيسير الاجراءات وسهولة تطبيق القانون كما سيعود حتما على الدولة عموما باستتباب الامن الذي هو اساس العمران كما اكد ذلك ابن خلدون.