«المشكل ليس في الدين الإسلامي وإنّما في أشكال التديّن، فكيف نفهم الدين؟ هل نفهمه مثلما فهمه القدماء؟ نحن نجري اليوم وراء قيم لا علاقة لها بالدين في معناه التقليدي كالحقّ في التعليم المجاني والصحة والتنمية الجهويّة»، هذا ما قاله الدكتور عبد المجيد الشرفي خلال حوار فكري، نظمته جمعيّة «تونس للثقافة والحوار» مساء أول أمس بالعاصمة حول «جدلية الدين والسياسة». وحضر هذا الحوار أبو يعرب المرزوقي المستشار المكلف بالشؤون الثقافية لدى رئيس الحكومة، ونظمّ هذا الحوار: وأشار الشرفي إلى الصعوبة الموجودة بين الدين والسياسة والتي فسّرها بشرعنة المؤسسات المجتمعيّة منتقدا بذلك نظرة بعض المسلمين للحداثة نظرة دونيّة والذين يرفضون تنظيم الحياة السياسية على أساس غير ديني وإنّما وضعي. كما انتقد الشرفي الفكر الديني الذي يكرّس طاعة الضعيف للقويّ وطاعة الكلّ لأولي الأمر، قائلا: «آن الأوان للتخلص من الوصاية وليس لنا أن نتخذ من دون الله أربابا»، معتبرا أنّه إذا وقع ربط الدين بالسياسة ف»سنبقى متخلفين ومتشبّثين بالأوهام وسنعود القهقرى»، على حدّ تعبيره. وردا عليه، اعتبر أبو يعرب أنّه لا يمكن الحديث عن جدلية بين الدين والسياسة في الفلسفة باعتبار أنّ الدين لا ينقد السياسة والسياسة لا تنقده بدورها. وردا على الدكتور الشرفي الذي دعا إلى رفض الوصاية، قال المرزوقي: «إنّ الدين الإسلامي يتحدّث عن الطاعة المشروطة باعتبار أنّ أولي الأمر اختارتهم الجماعة». «الخلافة نقمة» ورغم أنّ الجدليّة بين الدين والسياسة هي موضوع هذا الحوار الفكري، فإنّ المتدخّلين خرجا عن الموضوع الرئيسي، فقد تطرق الدكتور الشرفي إلى مسألة تحرير المرأة والمساواة بينها وبين الرجل، ليتدخل إثره مباشرة الدكتور أبو يعرب المرزوقي قائلا: «تقولون إنّ عدم تحرير المرأة يلغي نصف المجتمع، لكنّي أقول أنّ تحرير المرأة في تونس ألغى ثلاثة أرباع المجتمع»، في إشارة منه إلى ضعف دور الأسرة. كما تعرّض أبو يعرب خلال هذه الندوة إلى استعباد المرأة في الشغل مؤكّدا أنّ تشجيعها على الخروج إلى العمل يتنزّل في إطار محدودية الطاقة الذكوريّة الشغيلة وليس حرصا على ضمان حقوقها. الخلافة السادسة تخللت بدورها موضوع الحوار، ففي الوقت الذي انتقد فيه عبد المجيد الشرفي كلّ من يدعو إلى خلافة سادسة قائلا: «إنّ الخلافة لم تكن إلا نقمة على المسلمين». قال أبو يعرب المرزوقي: «أنت تتحدّث وكأنّنا نريد العودة إلى الوراء، بل على العكس نحن نريد المضيّ قدما في تكريس الدولة المدنيّة ولكن علينا أن نكون عقلانيين في تحقيق مطالبنا». وأمام تأكيد الدكتور عبد المجيد الشرفي على أنّ الثورة لم تقم على شعارات دينية وأنّ العلمانيين هم من أسقطوا بن علي، نفى المرزوقي ذلك قائلا: «لا يمكنك أن تنفي أنّ الثورة لم تقم على شعارات دينيّة لأنّ شعاري الحرية والكرامة هما مفهومان دينيّان يتنزلان في إطار جوهر الدين الإسلامي».