مساعدو ترامب يسعون للإفراج عن وثائق هيئة المحلفين بقضية إبستين    مع النفاذ العاجل .. 12 سنة سجنا ل«ر.م.ع» سابق بشركة الحلفاء    تعاون تونسي-جزائري لمواجهة تحديات النقل وتغير المناخ    وزارة التجهيز: غلق وقتي لجزء من الطريق الجهوية رقم 36 للقادمين من تونس    لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان تستمع إلى ممثلين عن وزارة الداخلية حول مقترح قانون    عشرات الشهداء والمصابين في غزة.. إبادة ... وجنون الصهاينة يتصاعد    أخبار النادي الصفاقسي: «كانتي» في تنزانيا وقريبا رفع العقوبات    اتصالات تونس تجدّد شراكتها مع النادي الرياضي الصفاقسي... التزام متجدد لخدمة الجماهير ودعم الرياضة التونسية    الجمهور يطالب بفرض الانضباط: هل يُعاقب الترجي نجومه «المُتمرّدة »؟    تاريخ الخيانات السياسية (19) الرّاوندية يتخذون المنصور إلاها    الشيخ العلامة يونس بن عبد الرحيم التليلي (فريانة) .. موسوعة علوم ومعارف عصره    استراحة صيفية    اتفاق تونسي - عراقي لتصدير الأدوية ونقل تكنولوجيا التصنيع    التصريح بالعملة عن بعد    مهرجان الفسقية الدولي في دورته الرابعة... من اجل بعث الحياة في المدينة    بطولة افريقيا لالعاب القوى (الناشئين و الناشئات): غفران لحمادي تتحصل على الميدالية الفضية في رمي القرص    تخريب واعتداءات متواصلة... النقل العمومي تحت التهديد    وزير الشؤون الاجتماعية يوضّح موقف الوزارة من منظومة أمان وملف المناولة وصندوق البطالة والسكن الاجتماعي    وزارة التجارة: خبر الألياف يتطلّب خطّة.. #خبر_عاجل    قابس: السيطرة مستودع العجلات المطاطية المستعملة ببوشمة    الستاغ تضع حزمة اجراءات جديدة لتسريع دراسة وربط محطات الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    التنس: البيلاروسية سابالينكا تنسحب من بطولة مونتريال بسبب الارهاق    الدورة الأولى للبرنامج الجهوي للرفاه الاجتماعي وأنماط العيش السليم بمشاركة أكثر من ألف شاب وشابة    بعد حملة تلقيح واسعة: خطر الجلد العقدي يتراجع في الكاف    وزارة الفلاحة تعلن عن فتح موسم جني الحلفاء في هذا الموعد    لطيفة العرفاوي حول حفلها في عيد الجمهورية: "هذا شرف لي"..    10 روائح...التونسي يعرفها من بعيد    حفلة تتحوّل لكابوس بسبب سقف: رزان مغربي تصاب إصابة خطيرة    وقتاش تكون العضمة المتشققة آمنة للأكل؟ ووقتاش يجب التخلص منها؟    عاجل/ الكشف عن موقع عسكري اسرائيلي سرّي في غزّة    رقدت لباس؟ يمكن السر في صوت المروحة    6 أعشاب يمكنك زراعتها بسهولة في الصيف...حتى في الشباك!    كرة اليد: منتخب الكبريات يشرع في التحضير لبطولة العالم بتربص في الحمامات من 21 الى 25 جويلية    زغوان: تقدم موسم حصاد الحبوب بحوالي 98 بالمائة    مهرجان قرطاج 2025: انتقادات قبل الانطلاق وسجالات حول البرمجة وسط تطلع لتدارك العثرات    الموسيقار محمد القرفي يفتتح الدورة 59 من مهرجان قرطاج بعرض "من قاع الخابية": تحية للأصالة برؤية سمفونية معاصرة    باريس ....تحتفي بالشاعر الجليدي العويني    عاجل/ موجة حرّ متوقعة آخر هذا الأسبوع و الأسبوع القادم.. أهم مميزاتها والتفاصيل..    القرآن والتنمية الذاتية: 10 آيات تغيّر الحياة    الجامعة العامة للتعليم الأساسي تطالب بالتعجيل بفتح حوار جدّي ومسؤول مع وزارة التربية    وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تصادق على استثمارات ومشاريع لفائدة ولايتي نابل وقابس بقيمة 19،1 مليون دينار    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة بداية من يوم غد السبت    30٪ من الناجحين يرسبون في أوّل عام جامعي... علاش؟    في سهرة مشتركة على ركح الحمامات: "سوداني" و"جذب" يحلّقان بالجمهور بجناحي البوب والإنشاد الصوفي    حفل كولدبلاي في بوسطن يفضح علاقة سرية للملياردير آندي بايرون    أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''    محكوم بالسجن : ليلة القبض على بارون ترويج المخدرات في خزندار    عاجل/ البيت الأبيض يكشف الوضع الصحي لترامب..    باريس سان جيرمان يتعاقد مع حارس المرمى الإيطالي ريناتو مارين ل 5 مواسم    معهد الرصد الجوي يؤكد أن شهر جوان 2025 كان أشد حرّا من المعتاد    إجراءات صحية يجب على ترامب اتباعها بعد تشخيصه ب"القصور الوريدي المزمن"    اليوم درجات حرارة عالية والشهيلي داخل على الخط    وزيرا الفلاحة والتجارة يشرفان على اجتماع لمتابعة وضعية تزويد السوق بالمنتجات الفلاحية ومواجهة الاحتكار    غزة.. عشرات الشهداء والجرحى وقصف يستهدف النازحين والمنازل والبنى التحتية    نقابة الصحفيين تنعى الصحفي يوسف الوسلاتي: وداعًا لأحد أعمدة الكلمة الحرة    موجة حر تضرب تونس خلال هذه الفترة... درجات الحرارة قد تصل إلى47°    صفاقس: تجهيزات طبية حديثة بمركز الوسيط... التفاصيل    مهرجان الحمامات الدولي: مسرحية "ام البلدان" تستعير الماضي لتتحدث عن الحاضر وعن بناء تونس بالأمس واليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتورة "ألفة يوسف" ل"التونسية": حكام اليوم "يتعلمون الحجامة في رؤوس اليتامى" و لهذا لا أؤمن بأن ما حدث في تونس "ثورة"
نشر في التونسية يوم 01 - 06 - 2012

- السلفية ظاهرة ستنتهي بمقاومة التجهيل والفقر والتهميش
- على من له حجّة على اتهاماته لي فليتفضل بها أو ليسكت
- مخطئ من يظن أنني مدافعة عن "المساواة في الميراث"
- المهمّ أن يجمعنا احترام القانون ونفهم أن العنف لا يمكن أن يقصي "الآخر"
"أنا أكتب لمن يريد أن يقرأ سواء كان واحدا أو آلافا.." تلك كلمات حرصت على ترديدها الدكتورة ألفة يوسف في حوارنا معها. والدكتورة ألفة يوسف تعد من الجيل التونسي الجديد المثقف واشتهرت بالجرأة في كتاباتها وأطروحاتها الدينية ذات الصبغة الحداثية... تناولت في أبحاثها الموروث الديني بالتحليل والمقارنة وهو ما عرضها للعديد من الانتقادات لكنها تصرّ على أنها كاتبة بالأساس ولا ترفض الجدل والمحاججة طبعا بعد قراءة مؤلفاتها لا قبلها ! (هذه على الحساب في انتظار قراءة الكتاب).
وتعتبر هذه الكاتبة والباحثة والأكاديمية المختصة في اللغة العربية واللسانيات من أهمّ الوجوه الجامعية في تونس التي تعمل على البحث في «الإسلاميات» إلى جانب اهتماماتها النقدية واللسانية. لها عديد الإصدارات مثل «والله أعلم» وهي سلسلة من كتب الجيب المبَسَّطة، و«ناقصات عقل ودين» إلى جانب كتابها «حيرة مسلمة» الذي أثار جدلا واسعا. وتتضمن كتاباتها وحواراتها العديد من الأسئلة التي طرحتها في قراءة اجتهادية للدين الإسلامي وتبرر هذا الأمر بأنه لا توجد مقدسات في التفكير وأن الاجتهاد أساسي لأي دين.
وقد شغلت ألفة يوسف منصب مديرة للمكتبة الوطنية التونسية، ثم قدمت استقالتها منها على خلفية اقتناعها بأنه لم يعد بإمكانها مواصلة الاضطلاع بمهامها في جو مشحون بالفوضى والتمرد الإداري وذلك بعد الثورة .
في مراوحة بين الثقافي والشأن العام ، صافحتها «التونسية» فكان هذا الحوار:
ما حقيقة الرسالة المفتوحة التي كتبتها إلى حمادي الجبالي؟ ولماذا؟
هي رسالة كُتبت في فترة معيّنة ولم يعد لها أيّ معنى الآن. كنتُ أتصوّر أنّ الأخلاقي قد يغلب السّياسيّ فتأكّدت أن لا أخلاق مع ضرب من السّياسيين. لماذا كتبتُها؟ لا يمكن أن تغيّر رسالة مفتوحة الواقع لكن تصوّرت أنّه يمكنها أن تلامس بعض قيم في نفس البشر...فحسب...وكنت مخطئة في تصوّري...
لماذا عدلت عن الذهاب الى دار الثقافة بقليبية؟
لأنّ التهديدات كانت شخصيّة وبلغ علمها عائلتي التي منعتني تماما من الذّهاب. لا أرى معنى للمخاطرة بحياتي في ظلّ تهديدات جدّية وفي غياب أيّة حماية.
ألا تعتبرين ذلك هروبا وخوفا من السلفيين؟
أنا لا أصمت.أنا كاتبة وأواصل الكتابة، لكن أن أذهب إلى مكان أعرف أنّ فيه مجموعة تتهدّدني شخصيّا فهذه ليست شجاعة...هذا تهوّر...وأنا لا ألقي بيدي للتهلكة فهذا ضرب من الانتحار، والانتحار حرام.
استقالتك من المكتبة الوطنية خلفت العديد من نقاط الاستفهام؟ لماذا الاستقالة؟
تلك حكاية قديمة فسّرنا زمنها أسبابها. تشرّفت بالعمل في مؤسسة عريقة كالمكتبة الوطنية وأعطيتها –صحبة العاملين فيها- ما استطعتُ. وواجهت ككل مسؤول عن مؤسسة صعوبات حاولنا حلّها وتجاوزها. وفي مرحلة ما لم يعد العمل ممكنا في ظروف عسيرة قد يصبر عليها إداريّ مضطرّ للعمل في تلك الظّروف، أمّا وقد كان لديّ الخيار في الانصراف –بصفتي أولا وأخيرا جامعيّة كما أقول دائما- فقد فضّلت الانصراف ولم أندم ولو لحظة على اختياري.
لكن البعض قال «ألم تتفطن ألفة إلى هذه المعضلة قبل الثورة»؟
ومن أدراهم بأني لم أتفطن إلى المشاكل قبل الثّورة؟ هل كانوا معي في المكتب؟ جلّ من اشتغل معي في المكتبة الوطنية يعرف أنّي قلت أكثر من مرّة قبل ما تسمّونه «ثورة» أنّ عملي بالمكتبة الوطنيّة مرحلة وقتيّة وأنّ جوهر نشاطي أنّي جامعيّة. وهناك فيديوهات تشهد على ذلك. المشاكل تفاقمت بعد 14 جانفي وغياب أيّ حدود تسمح بممارسة العمل في أمان، ناهيك أن نظام الحرائق في المكتبة لم يكن يشتغل رغم كل المحاولات لتشغيله. أنا لا أرضى أن أكون مسؤولة عن تلف أية وثيقة مثلا.
«حيرة مسلمة» تعرضت فيه الى جملة من المعتقدات الدينية والشرعية التي اعتبرتها فهما خاطئا لعلماء المسلمين والمتفقهين وجب إصلاحها ومعالجتها... كيف ذلك؟
لم أتحدّث البتّة عن خطإ مطلق أو صواب مطلق. تحدّثت عن إمكانات أخرى في القراءة بعضها ممّا حاولت الاحتجاج له وفق قراءتي وبعضها الآخر ممّا استندت فيه إلى قراءات قديمة أُسقطت أو أُقصيت أو تنوسيت. لا يتّصل الأمر بإصلاح أو معالجة، الكتاب يقدّم أمثلة لنقص بشريّ في التّفسير ممكن أو بعبارة أخرى هو رفع للقداسة عن التّفاسير البشريّة وقصر لها على النصّ القرآني وحده.
لكن البعض اتهمك من خلال «حيرة مسلمة» بالإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبأنك تحللين اللواط والسحاق؟
يمكن ان تتهم أيّ شخص بأيّ شيء...مشكلة كثيرين أنهم لا يقرؤون الكتب وإنّما ما يُشاع عنها. والحق أنه لا يهمني ما يقوله الناس فلو كنت كما ادّعَوْا أسأت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أو حلّلت أو حرّمت فأنا أدعوهم إلى أن يتقدّموا بشكوى إلى القضاء. وعندها سيضطرّ رجال القانون ونساؤه إلى قراءة النصوص قبل الأحكام والتهم التافهة. أقول تافهة لأن قراءة بسيطة للقرآن تؤكّد أن اللواط فاحشة. وما أثبتّه في الكتاب أو ما سعيت إلى إثباته أنّ اللواط ليس المثليّة الجنسيّة لكنّه اغتصاب قوم لوط للضيوف وإلحاق الأذى بهم بطرق مختلفة...أمّا عن التحليل والتّحريم فلم يكن ولن يكون من اهتمامي فأنا لست مفتيا...ولا أفتي إلا لنفسي (ككلّ النّاس طبعا).
أحلام مستغانمي قالت إنك بمثابة الطاهر بن عاشور في عصرنا. هل يجوز هذا التشبيه؟
أنا من مدمني كتابات الطاهر بن عاشور لكنّي لا أصل إلى عشر ما قرأه ولن يصل ما كتبتُه وما أكتبه إلى ذرّة في تفسير التحرير والتنوير مثلا. ربّما أسعى إلى الاندراج في الفكر الإصلاحي التونسي من موقع بسيط ومتواضع...ومع ذلك فإنّ كلام مستغانمي يسعدني لأنّنا نظلّ بشرا تسعدنا كلمة تشجيع وإن تكن رمزيّة مجازيّة.
أنت من المدافعات الشرسات عن فكرة «المساواة في الميراث»؟ لماذا تطالبين بذلك؟
من قال لك هذا فهو مخطئ. أنا لست مدافعة عن المساواة في الميراث ولست شرسة. تحدّثت عن عدم فرض القوانين على الواقع أكثر من مرّة وتحدّثت عن دور تغيّر الواقع في تغيير المخيال الاجتماعيّ ثمّ تغيير القوانين...وتحدّثت أكثر من مرّة عن إمكان القسمة العادلة بين الأبناء في حياة الشخص على أن يُنتفع بها بعد الوفاة بما يُسمّى بيعا مشروطا، وهو فقهيّا جائز...وبيّنت انفتاح آيات القرآن لقراءات متعدّدة ينفيها كثيرون ويقصونها لكن مشكلة البعض أن مصادرهم ترّهات الفايسبوك أو الإشاعات...ومشكل البعض الآخر أنّه يتصوّر كلّ كلام في الدّين تحليلا أو تحريما ودعوة أو رفضا وينسى أنّ هناك شيئا اسمه «تفكير» و«نظر» و«تأمّل» و«تدبّر» إلخ...لكن من أين لنا ذلك ونحن قوم لا نقرأ؟
اتهمك البعض أنك من بين المقربين من «حاكمة قرطاج» سابقا وانك كنت مكلفة بكتابة خطبها التي تتوجه بها الى منظمة المرأة العربية؟ ما حقيقة ذلك؟
نفيتُ هذه الحكاية ألف مرّة وما زال الناس يحبّون طرح هذا السؤال...من الغريب أن حكاية القرب من ليلى بن علي لم تظهر إلا بعد ما تسمّونه «ثورة» في حين كان المقرّبون منها ومن النظام الحاكم معروفين عموما. وكما قلت أنا لا أكتب لأحد ولم أكتب لأحد ولن أكتب لأحد... ومن يعرف أسلوب كتابتي يعرف أن لا علاقة له بالخطب المذكورة. ثمّ إني كنت أنتقد «اللغة الخشبية» في مقالاتي فهل يعني هذا أن أنتقد نفسي... وأخيرا لو كنت قريبة من هذه المرأة لكنت إلى الآن معترفة بذلك ولو كانت صديقتي لما نفيت ذلك لأن من عادتي الوفاء لأصدقائي وأنا لا أخاف أحدا من البشر ومن له حجة على تهمه التافهة فليتفضّل بها أو ليسكت... وعلى كل هذه الترهات لن تجعلني أتعاطف مع الحكومة الحالية... ومحاولة تشويهي لن تثنيني عن الإصداع برأيي.
تعرفون أني إلى الآن أقول إنه هناك إيجابيات كثيرة في عهد بن علي وهناك سلبيات كثيرة أيضا... وهذا قلته بعد أسابيع من الثورة على قناة تلفزية... فليكفّ الناس عن تشويهي لأنهم لن يربحوا شيئا باعتبار أن رأيهم فيّ لا يهمني فأنا لن أترشح للانتخابات...
لماذا دعوت الشيخ راشد الغنوشي إلى مناظرة تلفزية؟
لم أدع أحدا إلى مناظرة... سألني أحد الصحفيين منذ أكثر من سنة: هل تقبلين الحوار مع الغنوشي فأجبت بنعم وأني أقبل الحوار مع الجميع في كنف الاحترام...
سلسلة «و الله أعلم» لمن ولماذا خاصة وأنها جاءت مبَسَّطَة؟
الكاتب الذي يقول لك لمن يكتب بالضبط هو كاذب بالضرورة...هي سلسلة مبسّطة بمعنى أنها غير طويلة وغير مثقلة بالهوامش...فمن شاء فليقرأ ومن شاء فليترك.
هل تعتقدين حقا أنّ السلسلة تجيب عن أسئلة حارقة ومستعجلة للمواطن البسيط؟
وهل قال لك أحد إن على الكاتب أن يجيب عن الأسئلة الحارقة والمستعجلة للمواطن؟ الكتابة او الفنّ ليسا السياسة أو الاقتصاد...أنا أكتب ما أشاء...فهل تتصوّرين أن الفلاسفة أو الروائيين أو مخرجي الأفلام إلخ دورهم الإجابة عن تساؤلات كل المواطنين بالضرورة؟ هل أجابت لوحات بيكاسو عن تساؤلات المواطنين؟ وهل هناك مواطن واحد؟ معنى الحرية أن كل واحد يقدّم الأثر الفني أو الفكريّ الّذي يراه فإن وُجد له متقبّل فحبّذا وإن لم يوجد فلا إشكال...مرة أخرى أذكّر أني لا أنوي الترشح للانتخابات ولا أعد أحدا بشيء.
لماذا تصرين على أنك تكتبين بالأساس لنفسك؟
أنا لا أكتب لنفسي فقط وإلا لما نشرت... أنا أكتب لمن يريد أن يقرأ سواء كان واحدا أو آلافا... أين الإشكال؟
التأكيد على أنك كاتبة حرة بالأساس، أليس فيه خوف من الإدلاء بآرائك السياسية مع أنّ «مهاجميك» صنّفوكِ وانتهى الأمر؟
ما دخل الآراء السياسية في كتب فكريّة؟ لا أعرف هذا الهوس السياسي الذي اصاب كلّ التونسيين. هل تحاورين الكاتبة عن كتاباتها أو تحاورين المواطنة عن آرائها. إذا كنت تحاورين المواطنة فآرائي السياسية أنشرها في بعض مقالات وعلى صفحتي في الفايسبوك ولم أكتب إلى الآن كتابا في السياسة... ما أكتبه في المقالات وفي الفضاء الافتراضي واضحة مواقفه ولا أظنّ صراحة أكثر من هذه...لكني لا أنتمي إلى حزب... هل يجب عليّ أن أنتمي إلى حزب بالضرورة؟ طبعا لا...أما عن المهاجمين والمدافعين فهذه مسائل تهمكم أنتم الصحفيين ولا تهمّني كثيرا لأنه إلى حد الآن لا أحد يمنعني من الكتابة رغم محاولات قرصنة صفحتي أكثر من مرة وعشرات التعاليق التي تشتم وتسبّ ظانة أنها ستسكتني في حين أنها تزيدني إصرارا على التعبير عن مواقفي في كل المجالات ...عندما يصل الأمر حدّ منعي من الكتابة يصبح القضاء بيننا...هذا إذا بقي للقضاء دور في دولة تشجّع على العنف بالسّكوت عنه.
مع ذلك، نريد موقفك ممّا يحدث اليوم في الساحة السياسية الوطنية؟
ما يحصل اليوم انحراف خطير جدّا نحو فوضى وغياب للأمن. ولكن ما يحصل أيضا إيجابي لأنّه دون المرور بهذه المرحلة لا يمكن أن نطمح إلى ما هو أفضل. الحكومة الحالية ورئيسها في رأيي كلاهما فاشل وينطبق نفس الفشل على المرزوقي وبن جعفر. وكان الأفضل ترك مصير البلاد بيد خبراء لا متدرّبين على السياسة بخلفيات إيديولوجية مكبّلة وبولاءات مشبوهة يتعلّمون الحجامة في رؤوس اليتامى.
هل تعتقدين أن ما حصل في تونس ثورة؟
لو راجعت ما قلته في التلفزة التونسية وفي الفضائيات العربيّة منذ شهور كثيرة، لتبيّنت أني لا أؤمن بأن ما حصل في تونس ثورة... هي انتفاضة مهمّشين وعاطلين ركب عليها مثقفون وشباب مشتاق للحرّية وزكّتها قوى أجنبيّة وحقّقها هروب الرئيس السابق... وكشفت عن مواطن الخلل في مجتمعنا... لا ثورة دون قيام ثورة ثقافية فكرية وهذا لا يتمّ إلاّ على المدى الطّويل.
كيف ترين أو تقرئين مستقبل هذا الحراك السياسي والاجتماعي؟
هو لا شكّ مستقبل إيجابيّ... فقد تغيّر أمر أساسيّ وهو أنّ التونسيّين أحسّوا أن لا شيء خالد أو حتميّ...هذا الحراك مكّن الكلام من أن يخرج من قمقم الصّمت، والكلام في حدّ ذاته علاج..أتوقّع أن نمرّ بمرحلة فيها بعض العنف لأن الناس غير متعوّدين على الإمكان الآخر ولذلك سيحاول بعضهم في مرحلة ما أن ينفي الآخر فعلا لا بمجرّد الحوار، لا سيما من خلال بعض المهمّشين شأن السلفيين أو بعض الإسلاميين الذين قُمعوا سابقا ويجمعهم حقد دفين لم يستطيعوا منه خروجا. بعد أن يتبيّنوا أنّ هذا الحقد لا يمكّن من قيادة الدّولة وبعد أن ندفع الثّمن من ممتلكات التونسي ودمائه ستكون الأوضاع أفضل من ذي قبل...ذلك أنّ التّجربة الفعليّة أمّ المعلّمين وليس كلّ الناس بقادرين على التجريد والتنظير.
هل تعتبرين السلفية صداعا مزمنا أم أن الأمر لا يعدو مجرد ظاهرة ستنتهي بانتهاء أسبابها؟
هي مجرد ظاهرة ستنتهي بانتهاء أسبابها وهي التجهيل والفقر والتهميش إضافة إلى الاستغلال السياسويّ من قبل بعض الأطراف التي لا تريد خيرا لبلادنا العربيّة.
بصراحة ، هل أصبحت تخافين اليوم على حرمتك الجسدية من فرضية الاعتداء؟
فرضيّة الاعتداء مطروحة لكني أحيا حياتي بشكل عاديّ جدّا، فأشتغل وأذهب إلى المقهى وإلى السّوق ككلّ التونسيّين. ولست أفضل منهم. لكني لا أذهب إل مكان أعرف أنّ هناك معتدين ينتظرونني فيه مثلا وهذا أمر عاديّ... أنا أؤمن بالحماية الإلهية ولو أراد لي الله تعالى أن أنجو فسأنجو ولو تكتّل مجرمو العالم كلّهم للقضاء عليّ ولو أراد لي الله تعالى أن أرحل حذوه فسأرحل ولو كنت في بروج مشيّدة... أنا قدريّة حتّى النّخاع في مثل هذه القضايا...
ما هو الدور الذي على المثقف لعبه في المرحلة الحالية حتى لا نُصاب بانتكاسة لا قدّر الله؟
يكفينا من وهم المنقذ مثقفا كان أو غير مثقف، هذا إذا اتفقنا على مرجع المثقف. على كلّ واحد أن يتصرّف وفق اقتناعه ورؤاه والمهم ليس في أن نختلف. المهم أن يجمعنا احترام القانون وأن نفهم أنّ العنف لا يمكن أن يقصي الآخر المختلف.نحن لا نقرأ التاريخ ولا نقرأ أصلا. وربما أهمّ ما يجب التفكير فيه للجميع هو ليس المدى القريب: من يحكم الآن أو بعد سنة مثلا؟ بل يجب أن نفكّر على المدى البعيد: أيّ تعليم نريد لهذه البلاد بعد أن فقد التعليم والثقافة قيمتهما. لا شيء كفيل بإخراجنا ممّا نحن فيه سوى العلم والثقافة وإلا فسنظلّ شعوبا متخلّفة جاهلة في معظمها لا يمكن أن تنتج إلا أنظمة متخلّفة جاهلة ومن ثمّ في تبعيّة مطلقة للمستعمر الظاهر أو الخفي.
في جملة ماذا تقولين لهؤلاء؟
يوسف الصديق: هو صديق وباحث أحترمه كثيرا.
راشد الغنوشي: لا أعرف شخصه لكنه يذكّرني دائما بالقادة الذين يغادرون السفينة عندما تغرق تاركين أتباعهم في الخطر،شأنه في ذلك شأن زين العابدين بن علي يوم 14 جانفي.
هشام جعيط: باحث ممتاز وكتابه: «الفتنة الكبرى» يجب أن يُدرّس في المدارس والجامعات ضرورة.
أبو يعرب المرزوقي: أستاذ جامعيّ وزميل له إيديولوجيا يتحمّل مسؤوليّتها.
عبد المجيد الشرفي: أستاذ علّم أجيالا الكثير وأنا شخصيّا أدين له بكثير ممّا علّمنيه
لألفة يوسف: يكفيك ضحكا من الناس الذين يخلطون بين شخصك وشخصيتك العامّة والّذين يخلطون بين تصوّرهم لك و«حقيقتك» الفعليّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.