صدر مؤخرا للأستاذ الباحث «فتحي ليسيّر» أصيل مدينة مدنين كتاب بعنوان «تاريخ الزمن الراهن» عن دار محمد علي للنشر بصفاقس في طبعته الأولى 2012. وقد تم تقديم الكتاب خلال الدورة الأولى لملتقى ديوان الشعر والفنون الذي نظمته بمدينة مدنين جمعية «مجاز للثقافة والفنون بمدنين « بالتعاون مع مكتب الجنوب للمعهد العربي لحقوق الإنسان والمندوبية الجهوية للثقافة بمدنين وتولّى الأستاذ «محمد الباشا» تقديم هذا المؤلف الجديد الذي جاء في 176 صفحة وبعد تمهيد وتقديم مادي تناول الأستاذ الباشا محتوى هذا الكتاب بالشرح حينا وبالتحليل أحيانا. فأوضح أنه مؤلف يهتم بفرع جديد من فروع الكتابة التاريخية التي يمكن تنزيلها في إطار فكر ما بعد الحداثة الذي أصبح عنوانا لتوجهات فكرية إنسانية راهنة ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب: الباب الأول: كلام جديد في قطاع اسطوغرافي قديم ويتناول الأستاذ « فتحي ليسير» مسيرة التأليف في التاريخ السافر وما تعرضت له من نقد في القرن التاسع عشر خاصة بحجة غياب الأرشيف وغياب المسافة الزمنية اللازمة للنظر من خارج إطارالصورة. وقد كان للمدرسة الوضعانية خاصة الدور الكبير في تهميش هذا اللون من الكتابة التاريخية و طردها من فضاء المعرفة العلمية إلى النصف الثاني من القرن العشرين وخاصة منذ سبعينات القرن الماضي. الباب الثاني: إشكاليات كتاب تاريخ الزمن الراهن وتأتي في مقدمتها قضيّة المسافة الزمنيّة وعدم اكتمال حلقات المرحلة المدروسة وتعذر الإطلاع على الأرشيف وأخيرا قضية الموضوعية. الباب الثالث: مصادر هذا التاريخ ويلاحظ الباحث أن أهم ما يواجه المؤرخين صعوبة تدبر الوفرة نعني وفرة المصادر: مكتوبة- شفوية -سمعية بصرية رقمية ويوجّه هذا الكتاب الذي صمّم لوحة غلافه الفنان «محمد البعتي» دعوة إلى المؤرّخين العرب إلى الإقبال على كتابة هذا التاريخ مع الأخذ بمناهجه في فترة تسارعت فيها وتيرة الأحداث وتنوّعت مصادر الخبر وأصبحت المجتمعات تطالب المؤرخ بقراءة الراهن بعين الباحث الموضوعي وليس أدل على ذلك الثورات التي هزت البلاد العربية وفاجأت المؤرخين. وانتهى الأستاذ « محمد الباشا» في تحليله للكتاب إلى جملة من النتائج وهي: أن التاريخ ضرب من ضروب الكتابة وأن المؤرخ يعيد بناء الحدث وليس مجرد نقله. أن وهم الحقيقة الواحدة والنهائيّة لم يعد حلما من أحلام الفكر المعاصر ولا غاية من غاياته.إن ما كان مقموعا منبوذا من الهامشي والمختلف والسوقي والعاطفي والسّحري يعود إلى ساحة البحث بعد أن تصدّعت الأسوار.