كيف يمكن للمؤرّخ أن يطرق باب الحاضر؟.. هذا هو السؤال الذي اهتمّ الباحث فتحي ليسير بالاجابة عنه الأجابة جائت في الكتاب الجديد الصاّدر مؤخرا عن دار محمد علي الحامي «تاريخ الزّمن الرّاهن عندما يطرق المؤرّخ باب الحاضر»ضمن سلسلة «تاريخ»للدكتور فتحي ليسير الذي أهتم في كتبه السّابقة بسيرة خليفة بن عسكر والمهمشين والمقصيين في التاريخ التونسي.
الاشكالية الأساسية لهذا الكتاب الذي ضمّنه ليسير مجموعة من النصوص لمؤرخين آخرين مثل فرنسوا بيديردا وروني ريمون وهر في كوتو وفرنان بروديل والناقد المصري صبري حافظ هو هل يمكن أن نكتب تاريخ الزّمن الرّاهن ونقاط الالتقاء مع الصحافة اليومية التي سمّاها الباحث «الصحافة مسودة التاريخ الأولى».
ويرى ليسير «أن الانتاج الصحفي ذا الصبغة أو المسحة التاريخة قد لاقى الغمط والاستخفاف من لدن المؤرخين المحترفين الذين لم يعيروه أدنى التفات الا في ما ندر». الكتاب قسّمه الباحث الى ثلاثة أبواب وهي كلام جديد في قطاع أسطبغرافي قديم اشكاليات تاريخ الزّمن الرّاهن وخصوصياته ومصادر تاريخ الزّمن الرّاهن صعوبة تدبّر الوفرة.
ويقول فتحي ليسير ان التاريخ الراهن عانى من الرّفض والإزدراء منذ نهاية القرن التاسع عشر أي منذ أن أصبح التاريخ علما له طرائقه ومتخصصوه «ولقد اشتركت كل المدارس تقريبا ولأماد طويلة في تبخيس هذا الضرب من الكتابة التاريخية».
ومنطلق الكتاب كان التقلّبات المذهلة التي عاشها الوطن العربي منذ يوم 17 ديسمبر عندما أحرق محمد البوعزيزي نفسه لينقلب المسار السياسي للعالم العربي من تونس الى مصر واليمن وليبيا والبحرين وسوريا التي مازال نهر الدم مستمرا فيها ولا أحد يعلم متى يقف.
وعلى الرّغم من أهمية هذه الأحداث الاّ ان دراستها الآن تطرح اشكاليات منهجية اذ أن التاريخ الرّاهن والقريب يثير الكثير من الاشكاليات النظرية وهو ما سعى الدكتور فتحي ليسير الى الاجابة عنها فالكتاب في المنهج أساسا، منهج التاريخ.