أكّد نائب المجلس التأسيسي نعمان الفهري أن سبب ضعف أداء المجلس التأسيسي هو عدم قيام النواب بأدوارهم على الوجه المطلوب باعتبار أن العديد منهم تنقصهم المهنية على حدّ تعبيره. وأضاف أن الأرصدة البنكية لأكثر من 50 بالمائة من النواب الذين تحدث معهم «في الرّوج» رغم الضجة التي أحدثتها مسألة الزيادة في مرتباتهم. ومن جهة أخرى كشف الفهري أن الحزب الجمهوري استوعب الدرس جيدا واستخلص العبر من أخطاء الماضي لذلك سينزل بثقله إلى الميدان على حدّ تعبيره. كيف يمكن الخروج بالبلاد من هذا الوضع الصّعب في ظل التوتّر الأمني والإحتقان الإجتماعي و التّشتّت السّياسي من وجهة نظرك؟ أصبح لابد من الجلوس على الطاولة بين «الترويكا» والمعارضة ومختلف مكونات المجتمع المدني للنقاش حول الوضعية الراهنة للبلاد والبحث عن الحلول التي يمكن أن تخرجنا من عنق الزجاجة باعتبار أن بلادنا في حاجة خلال هذا الظرف الحساس إلى كل القوى السياسية. وأعتقد أن الوقت قد حان لتشخيص الوضع بدقة بعيدا عن التصريحات الضبابية المخالفة للواقع لبعض الأطراف الحكومية فما معنى أن يؤكد حمادي الجبالي في ظهوره التلفزي الأخير أن نسبة النمو بلغت 4,8 بالمائة بينما لو كان هذا الكلام صحيحا لنجحت الدولة في خلق أكثر من 70 ألف موطن شغل. هل مازلتم على قناعة بالدعوة إلى حكومة إنقاذ وطني؟ بطبيعة الحال لأن التغول السياسي لبعض الأطراف جعل البلاد تتشتت إلى قسمين الأول مع حكومة شرعية انتخابية لكنها تنقصها خبرة وكفاءة وهو ما يثبته ضعف أدائها والثاني معارضة تعج بالكفاءات لكنها لم تتمكن من الحصول على النسبة التي تمكنها من التواجد في الحكومة .والأولوية اليوم أن نجمع الشمل حكومة ومعارضة حتى لا تضيع البلاد من بين أيدينا. ألا تعتبر أن حكومة إنقاذ وطني في هذا الوقت بالذات هي بمثابة الانقلاب على الشرعية ؟ نحن دعونا إلى إنقاذ تونس وليس إلى إسقاط الحكومة لأننا لو كانت غايتنا إسقاط الحكومة لقدمنا لائحة لوم لكننا لم نقدم ذلك باعتبار أن هدفنا الأول والأخير هو إنقاذ وطننا. لكن المعارضة ظلت تعاني من التشتت والتفتت والتشظي بل إنها لم تطرح بدائل مقنعة؟ صحيح أن تشتت المعارضة مشكلة كبيرة لا يمكن إنكارها والتغاضي عنها بل أن ذلك كان دافعنا في الحزب الجمهوري إلى تجميع عديد القوى السياسية شملت بعض الأحزاب وقائمات مستقلة و9 وزراء من الحكومة السابقة و25 شخصية وطنية إلى جانب بعض الكفاءات التي مازالت تلتحق بنا سواء من الداخل أو الخارج التي يمكن بها بناء تونس لإيمانهم بحكومة كفاءات لا ولاءات، وهو ما كنا طالبنا به قبل الانتخابات. ماذا عن موقفكم من مبادرة الباجي قائد السبسي ؟؟ وهل تعتبرها قادرة على خلق التوازن على الساحة السياسية؟ نحن مدينون للباجي قائد السبسي لما قدمه لتونس في وقت حساس في الحكومة الماضية وهو من المناضلين الكبار لكن اتجاهه الى بعث حزب لا يتماشى مع اهدافنا،والحزب الجمهوري لن يندمج في حركة «نداء تونس». وما الجديد بالنسبة للائتلافات؟ تتواصل نقاشاتنا مع عديد القوى السياسية التي أبدت اقتناعها بالتوحد لتجنب سيناريو الانتخابات الماضية.. ونحن «قاعدين نخدمو على الميدان». هل هذا يعني إنكم إستوعبتم درس الإنتخابات الماضية؟ بطبيعة الحال استوعبنا الدرس جيدا واستخلصنا العبر وتأكدنا أن النجاح يتطلب منا النزول بكل ثقلنا إلى الميدان.. ونحن الآن بصدد التأسيس والبناء حيث بعثنا فروعا بعديد الجهات ليقيننا انه لابد من الاقتراب من المواطن أينما كان ومشاركته همومه وطرح مشاغله. وجهت عديد الانتقادات للمجلس الوطني التأسيسي إلى حدّ اعتباره انه فقد هيبته في الوقت الذي يمثل السلطة العليا في البلاد بشكل أصبح فيه «تابعا» وليس مؤثرا؟ صحيح فقد المجلس التأسيسي هيبته لثلاثة أسباب: أولا: عدم حسن تسيير المجلس من طرف مصطفى بن جعفر الذي لا نشك في وطنيته. ثانيا : أن التنظيم المؤقت للسلط العمومية افقد المجلس التأسيسي من ابرز صلاحياته وحتى الاستقلالية الإدارية والمالية لا يتمتع بها رغم انه تم التنصيص عليها في الدستور الصغير. وهنا أشير إلى أن تأكيد حمادي الجبالي على انه لن يوقع على الزيادات للنواب ليس منطقيا لأنه ليس للسلطة التنفيذية الحق في منع قرار صادر من السلطة التشريعية إلا إذا كانت الغاية منه إضعاف السلطة التشريعية لنعود إلى المربع الأول أي أن السلطة التنفيذية هي التي تقرر كل شيء. ثالثا: نحن كنواب لا نقوم بأدوارنا كما يجب وأقول بصراحة أن العديد منا تنقصهم المهنية في أداء وظيفتهم. وكل هذه المسائل تجعل المجلس التأسيسي ضعيفا كسلطة تشريعية. لو توضح لنا ملابسات الضجة التي أحدثتها مسألة الزيادة في أجور النواب منذ أسابيع قليلة؟ كان الاتفاق في صلب لجنة النظام الداخلي واللجنة المنبثقة عنها في شؤون النواب على «شهرية» ب3 آلاف دينار لكن لم يكن بالإمكان تفعيل القرار بما أن الاعتماد الموجود في الميزانية كان 2370 دينارا ولما جاء قانون المالية التكميلي خفضت لجنة شؤون النواب من 3 آلاف دينار إلى 2700 دينار وباعتبار أن من كانوا يقطنون بالنزل يتكلفون على الدولة ب2500 دينار شهريا فقد تقرر منحهم مبلغ 900 دينار منحة سكن و600 منحة تنقل والخطأ أن منحة 900 دينار تم تعميمها على كل النواب بما فيهم نواب تونس الكبرى وهذا غلط على حدّ تقديري. وأريد الإشارة هنا أن أكثر من 50 بالمائة من النواب الذين تحدثت معهم أرصدتهم البنكية «في الرّوج» وأنا شخصيا مهما تقاضيت من مرتب فانه لن يوازي نسبة 15 بالمائة من المبلغ الذي كنت أتقاضاه بالخارج وتنازلت عن امتيازاتي و»شهرية» بعشرات الدولارات من أجل مصلحة الوطن.. ولن أخفي عليكم أني أبيع اليوم أملاكي لأعيش لأن أسرتي تعودت على مستوى عيش معين إلى جانب الكلفة الباهظة لدراسة أبنائي.