ربما يكون الشعب المصري وهو يحسم الأمر لصالح مرشح حزب «العدالة والحرية» محمد مرسي في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية بحسب النتائج غير النهائية المسجلة لغاية عشية أمس الاثنين قد انحاز أكثر ما انحاز إلى مصر وإلى ثورة 25 يناير وليس لشخص مرشح حزب «العدالة والحرية».. والواقع،، أنه ومنذ أن أعلن قبل أكثر من أسبوعين عن «قنبلة» فوز المرشح أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت بتاريخ 23 و24 ماي الماضي وتأهله لخوض الدور الثاني بدا وكأن الثورة المصرية ذاتها أصبحت في «الميزان» وأن الرهان لم يعد «كرسي» الرئاسة إنما الثورة المصرية ذاتها.. بل ومصر الثورة !!! ثم كم كان «المشهد» سيبدو «سرياليا» حقيقة لو أن نتائج الجولة الثانية جاءت بشفيق رئيسا لمصر.. فالرجل من رموز نظام مبارك المنهار القمعي والفاسد... وهو من «الفلول» الذين لا يجوز في نظر قطاع عريض من الشعب المصري ونخبه السياسية والفكرية ائتمانهم على ثورة شباب مصر حتى وإن كان أنصاره يعتبرونه الأجدر والأكثر خبرة مقارنة بمنافسه محمد مرسي... على أنه وبصرف النظر عما ستسفر عنه النتائج النهائية يبقى مطلوبا من الشعب المصري بمختلف اطيافه ومن قواه الحية خاصة أن تجتمع على صعيد وطني واحد من أجل تحقيق أهداف الثورة وخدمة مشروع الدولة المصرية الجديدة.. دولة المواطنة والحرية والديمقراطية والتنمية وقطع الطريق على كل المتربصين بها داخل مصر وخارجها.. ما من شك أن الرّهان صعب.. وان مصر (أم الدنيا) بحجمها وثقلها السياسي والمعنوي عربيا واقليميا تبقى «رقما» له خصوصيته وان طبيعة سياساتها وتوجهاتها الجديدة في مرحلة ما بعد الثورة وما بعد انتخابات 2012 الرئاسية ستحدد إلى حد كبير لا فقط مدى نجاح تجربتها في التغيير بل وكذلك حظوظ نجاح مختلف عمليات التغيير المرتقبة في بعض الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط... إنّ دخول مصر «عصر» الديمقراطيات العربية والتداول السلمي على السلطة والقطع مع أنظمة الفساد والاستبداد يمثل في حد ذاته بداية أخذ بالأسباب الحقيقية التي تساعد الشعب المصري والدولة المصرية على أن تحمي أمنها القومي وأن تكون في خدمة القضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين... ربما هذا ما يجب على المؤسسة العسكرية المصرية أن تعيه جيدا.. وربما يكون هذا أيضا احد أهم انجازات ثورة 25 يناير وانتخابات 16 و17 جوان 2012.