عقدت لجنة المالية والتخطيط والتنمية مساء أمس بالمجلس الوطني التأسيسي لقاء للاستماع إلى السيدة كوثر جوابر سنوسي والسيدين إبراهيم وردي وقادر مربوح الخبراء في اختصاص الصيرفة الاسلامية. واستفسر النواب عن خصوصيات هذه الصيرفة لمعرفة مدى الحاجة إليها في تونس. وفسر الخبراء أن الصيرفة الاسلامية تقوم أساسا على منع المعاملات الاقتصادية التي تضم سعر الفائدة أي الربا سواء ربا الديون أو ربا البيوع وعلى منع الغرر أي بيع شيء غير مرئي كالطير في السماء ومنع الميسر أي ربح طرف على حساب الطرف الاخر ومنع التعامل في الاشياء المحرمة والمكروهة دينيا كالخمور والتبغ. كما تقوم على مبدأ تقاسم المخاطر والأرباح والخسائر. وتحدثوا عن أهمية البنوك الاسلامية ودورها في دفع التنمية وتطوير الاقتصاد لكنهم أكدوا في المقابل على أن الاهتمام بهذه النوعية من البنوك يجب ألا يحول دون تشجيع جميع المؤسسات الأخرى التي تساهم في التنمية وتمويل الاقتصاد. ويقول ابراهيم وردي الخبير اللبناني والمدرّس بإحدى الجامعات الامريكية إن الصيرفة الاسلامية ورغم كل الانتقادات الموجهة إليها حققت في عدد من البلدان نجاحا وكان للعربية السعودية دور كبير في تأسيس تجربة الصيرفة الاسلامية، كما لعبت ماليزيا دورا رياديا في هذا المجال. وأضاف الخبير متحدثا عن تونس :»نظرا لأن تونس تعيش مرحلة الانتقال الديمقراطي فان الحديث عن الصيرفة الاسلامية يتطلب حسن الالمام بالمسألة وفهمها جيدا فهذه الصيرفة اذا تم حسن توظيفها تساعد على الحد من المشاكل الاقتصادية». كما تحدث الجامعي عن تجارب ناجحة في الصيرفة الاسلامية خاصة ما حدث منها في بريطانيا والولايات المتحدةالامريكية. وقال :»يجب السعي لفهم تاريخ الاقتصاد الاسلامي والابتعاد عن الاحكام المسبقة القائمة على الانطباعات». وعن أسباب نجاح تجربة الصيرفة الاسلامية في فرنسا قال الخبير بجامعة دوفين بباريس قادر مربوح أن عملية ارسائها كانت في البداية صعبة للغاية نظرا للأفكار المسبقة التي يحملها المجتمع الفرنسي عن الاسلام.. لكن بفضل «اللوبي» الذي كونه عدد من المثقفين والجامعيين والمجتمع المدني وعاملون في القطاعين العام والخاص وغيرهم من أجل تطوير مفهوم الصيرفة الاسلامية والتعريف بها وبفضل التواصل مع الناس، تم تغيير المواقف بشأنها. وفسرت الخبيرة في نفس الجامعة كوثر جوابر أن الصيرفة الاسلامية هي اقتصاد بديل لكنه لا يلغي بقية المصارف وأن هناك عملا كبيرا يجب القيام به في تونس لتفسير معنى الصيرفة الاسلامية للابتعاد عن الغموض وسوء الفهم. كما أكدت الخبيرة أنه يجب عدم تفسير مفهوم الصيرفة الاسلامية بربطه بالجانب الشرعي فقط بل بتناوله من جانب اقتصادي وابراز ماذا يمكن ان يضيف للاقتصاد الوطني.. وبينت ان المجلس التأسيسي مدعو للاستنارة بآراء خبراء في المجال بعيدا عن أي توظيف للمسألة.. ويتطلب تطوير الصيرفة الاسلامية على حد تأكيدها ارساء اطار تشريعي واضح وتوفير أسباب المنافسة بين هذه البنوك وغيرها من أجل جلب اهتمام المستثمرين.. ونظرا لان طبيعة الصيرفة الاسلامية لا تضمن الربح فيجب على حد قولها التفكير في كيفية حماية المستثمر ويجب ان تقوم المعاملات بين البنك والحريف على الوضوح التام.. وفسر الخبراء ان البنوك الاسلامية لا يمكنها حل جميع المشاكل الاقتصادية لان المخاطر في جميع البنوك هي نفسها لكن طريقة توزيعها تختلف بين البنك الاسلامي والبنك العادي. حسن ادارة المخاطر وتحدث النواب خلال النقاش عن جملة من التحديات امام البنوك الاسلامية على غرار حسن ادارة المخاطر والقدرة على منافسة النظام البنكي العادي.. وأثارت النائبة فطوم عطية مسألة عدم قيام البنوك الاسلامية في تونس على مبدأ المشاركة في الخسارة.. وفسرت ل «الصباح» أن البنك الاسلامي عموما يقوم بتوظيف أمواله وفق ثلاثة أشكال أولها التوظيف على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة وذلك عن طريق المضاربة وهي عبارة عن أن يدفع شخص مالا لآخر ليتاجر فيه على أن يكون الربح بينهما على ما شرطا والخسارة على صاحب المال والمشاركة وهي اشتراك شخصين أو أكثر إما في المال أو في العمل أو فيهما معا بهدف انجاز عملية معينة وعلى أساس اقتسام الناتج عنها حسب حصة كل واحد والتي تكون محددة في عقد المشاركة. أما الشكل الثاني فهو التوظيف على مبدأ هامش الربح عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء حيث يطلب العميل من البنك شراء سلعة معينة وبمواصفات محددة فيقوم البنك بشرائها ويضيف عليها هامش ربح ثم يبيعها له ويكون السداد خلال فترة محددة مسبقا اما دفعة واحدة أو على عدة دفعات أي بالتقسيط، وبيع الاستصناع أي ان يعبر المصرف الاسلامي عن رغبته في استصناع سلعة أي طلب صناعتها من الصانع ويتم تحديد السلعة وثمنها ووقت تسليمها في عقد الاستصناع حيث يدفع البنك ثمن السلعة معجلا ثم يحصل على هذه السلعة ويقوم ببيعها بثمن عاجل او آجل، إضافة إلى الاجارة المقترنة (ليزنق). ويتمثل الشكل الثالث في التوظيف دون هامش ربحي عن طريق آلية القرض الحسن الذي لا يترتب عليه فائدة مشترطة تعود على المقرض قصد الارفاق بالمقترض. وبينت النائبة سامية عبو ان الاشكال الذي دفع بعدة بلدان لإرساء الصيرفة الاسلامية مرتبط اساسا بالربا لكن في تونس تم تجاوزه لأن القانون يمنع البنك من منح قروض بفوائض مرتفعة وبالتالي فانه لا معنى للحديث عن ربا في هذه الحالة لأن الربا يعني استغلال حاجة الناس للقروض والترفيع في قيمة الفوائض كثيرا. وأكدت أنه لا توجد حاجة لبعث بنوك اسلامية نظرا لان الفوائض مضبوطة ومحددة قانونا..