شهدت عدة مناطق من بلادنا ظاهرة تقلص دور الجمعيات التنموية في إسناد قروض ميسرة لذوي الدخل الضعيف. ومعدومي الدخل للاندماج في الدورة الاقتصادية من خلال بعث مشاريع صغرى. هذه الفئة وجدت نفسها أمام حتمية تكوين جمعيات من نوع آخر تتكون من أفراد تربطهم صلة الزمالة في العمل أو العلاقات الأسرية. ليتحصّل كل واحد منهم على جميع المساهمات بداية كل شهر . ولئن كانت هذه الطريقة ذات جدوى ودفعت بالعديد منهم الى اتباع طريقة "الادخار القصري" epargne forcée فإن العديد من الذين لم يجدوا لدى البنوك حلا لتمويل مشاريعهم. قد وجدوا أنفسهم أمام حتمية الالتجاء الى مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال لاقتراض مقدار مالي يقع الاتفاق على إرجاعه في تواريخ محددة، مع نسبة فائض تحتسب حسب النقاط المتبعة والفترة اللازمة لإدارة هذه المشاريع وأبرزها التجارة التي تدر على أصحابها أرباحا طائلة يقتطع جزء منها لصاحب رأس المال. (ف.ع) مواطنة لا دخل قارا لها امتهنت التجارة لتوفير لقمة العيش تحدثت عن الظاهرة بالقول «بالفعل هناك من له استعداد لتمويلي بمقدار من المال على أن يقع إرجاعه على أقساط. وبزيادة فائض متفق عليه. فللحصول على مبلغ 4 آلاف دينار يجب أولا توفير ضمان لصاحبه يتمثل في صك أو كمبيالة مع زيادة تقدر ب 1000 دينار إذا ما تم خلاصه على امتداد 4 أشهر». أما عن الممول فإنه يقنعك بأنك قادر على ربح أضعاف وأضعاف ما سيتحصل عليه صاحب رأس المال. ولإيجاد مخرج من إمكانية اتهامه بأخذ الربا فإنه يذكرك بأنه كان فيما مضى يتعاطى التجارة ولأنه أصبح غير قادر صحيا فإنه يأخذ من جملة الأرباح قسطا بسيطا وكأنه مازال ينشط. أما صاحبة الأموال فإنها تقنعك بأن زوجها لم يعد يقبل نشاطها التجاري لذلك فهي توفر لمن يرغب في الحصول على مبالغ مالية شرط حصولها على نصيب إضافي إضافة للمبلغ المتحصل عليه.. إن ظاهرة إقراض المحتاجين للمال بهذه الطريقة بدأت تنتشر في عديد المناطق.. وهذا يعود بالأساس لرفض البنوك إقراض من لا دخل قارا له وكذلك تقلّص نشاط الجمعيات التنموية وقد تعددت اليوم أسباب الإقتراض كالبناء.. والتجهيزات وغيرها من الحاجيات. رأي المشرع لمعرفة رأي الدين وما جاء في القرآن والأحاديث اتصلنا بالشيخ محمد المالكي إمام جمعة بجامع سيدي صالح بسكرة فكان رده كالآتي: الربا في اللغة هو الزيادة أما في المعاملات فهو الزيادة على رأس المال: قليلة كانت أو كثيرة: يقول الله تعالى: «وإن تُبْتُمْ فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلِمُونَ ولا تُظلَمون». لقد شدد الله تعالى الوعيد على آكل الربا وجعل أكله من أفحش الخبائث وأكبر الكبائر وبيّن عقوبة المرابي في الدنيا والآخرة . فعقوبة الربا في الدنيا أنه يمحق البركة من المال ويعرضه للتلف حتى يصبح صاحبه من أفقر الناس والمرابي ممقوت عند الله وعند الناس لانه يأخذ ولا يعطى ويجمع ويمنع ولا ينفق ولا يتصدق، فينبذه المجتمع، لأنه ينخر جسمه، وعوض أن يحاول المساهمة في بناء اقتصاد البلاد بإقراض الناس والمشاركة في بعض المشاريع التي تعود بالفائدة عليه وعلى غيره نجده يمتصّ دماء المحتاجين بأنانية فاضحة.. من جهته يرى الخبير الاقتصادي حسين الديماسي أن انتشار ظاهرة الإقراض عبر هذه المسالك من شأنه التأثير سلبا على العائلة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وليس هناك من تفسير لهذه النوعية من الانشطة الموازية لما تقوم به البنوك والجمعيات التنموية سوى عدم ثقة أصحاب الأموال في البنوك وخوفهم من المحاسبة لذلك وجدوا طريقة للربح السريع ما أثّر سلبا على الوضع الاقتصادي الذي تدهور وهو ما أشار اليه محافظ البنك المركزي في خصوص تقلّص عمليات الادخار وتراجع المساهمين في ذلك، لذلك لابد من المهتمين بالشأن الاقتصادي الانتباه لهذه النوعية من الأنشطة والممارسات التي ستنخر جسد الاقتصاد الوطني.