مفزعة تلك الصور التي أظهرها التلفزيون السوري لما أسماهم بإرهابيين تونسيين التحقوا بسوريا للجهاد ضدّ القوات النظامية، صور أراد من خلالها النظام السوري أن يقول للعالم المنحاز للثورة السورية أن ما يحدث على أرض الواقع ليس بثورة لكنه اختراق إرهابي من تنظيم القاعدة للبلاد حشدت له الدعم اللوجستي من مختلف دول العالم العربي الإسلامي.. بعد أيام قليلة تمكنت القناة الوطنية من لقاء أهالي أولئك الشباب الذين أظهر السوريون صورهم.. الأهالي كانوا تحت وقع الصدمة ولم يعتقدوا ليوم أن أبناءهم المسالمين قد يتحولون فجأة إلى جهاديين تزجّ بهم أفكار متطرفة في أتون صراع داخلي يكتنفه الغموض وتتشابك فيه المصالح محليا ودوليا.. ناشد الأهالي السلطات التونسية التدخّل لمحاولة معرفة مصير أبنائهم وماذا سيفعل بهم نظام بشّار لكن الحكومة لم تحرّك ساكنا وتعاملت بفتور مع الملف خصوصا وزارة الخارجية التي نأت بنفسها عن هذا الموضوع الشائك. كاد الملف بقوة في الآونة الأخيرة بعد تلك الصور الذي عرضها التلفزيون السوري للشباب التونسي المغرّر به باسم الجهاد وقد وصل الأمر ببعض قياديي التيار الجهادي للتبجّح بأداء المجاهدين التونسيين في بلاد الشام... وتتسارع الأحداث بنسق سريع لنكتشف أن التغلغل الجهادي في الجنوب التونسي بلغ أشدّه ووصل حدّ تكوين معسكرات تدريب في الصحراء وذلك بسبب بغية إعداد الشباب للجهاد محليا في التراب التونسي وإعادة ربما لأحداث الروحية وبئر علي بن خليفة أو لاستعمالهم دوليا وخاصّة في الجبهة السورية.. رغم خطورة الأحداث المتعاقبة لم تحرّك الخارجية ساكنا في حين أعلن رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي أن حكومته غير مسؤولة عن ذهاب شبان تونسيين إلى سوريا للقتال وأكد أن ذهاب شبان تونسيين للقتال خارج بلادهم ظاهرة «ليست جديدة» ولا تخص الشباب التونسي وحده، وقال «هذا ليس جديدا، الشباب التونسي تحول إلى كل مكان (للقتال) كالعراق وأفغانستان والصومال».. وحقيقة يثير هذا الكلام الصادر من أعلى مستوى الاستغراب والخشية لأن الدولة مسؤولة رغم أنفها عن هؤلاء الشباب، ولسبب بسيط أنهم تونسيون، وعليها أن تولي الموضوع الجدية في الإحاطة بمواطنيها من خلال تكثيف الرقابة وعدم السماح بإقامة معسكرات تدريب على أراضيها، بالإضافة إلى الانتباه لحلقات غسل الدماغ التي يخضع لها الشباب في بيوت العبادة والتي تقوم خلالها بعض الجماعات المتطرفة بتحفيز روح الجهاد فيهم والنتيجة معلومة مسبقا «قتل النفس التي حرّم الله إلاّ بالحق» ونحن على يقين أن أمثال هؤلاء لا يملكون الحق.. بل يمتهنون تجارة باتت رائجة هذه الأيام على رأي الإمام الغزالي.