طفت على سطح الأحداث من جديد الأزمة القائمة بين مؤسسة رئاسة الجمهورية ومحافظ البنك المركزي بعد ان نشر موقع رئاسة الجمهورية أمس بلاغا على الموقع الرسمي لصفحة «الفايسبوك» حول إنهاء مهام محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي. وقد طرحت الإقالة تساؤلات وذلك لتزامنها مع تسليم البغدادي المحمودي الذي ساهم في توتر العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. «الصباح» اتصلت بالمستشار القانوني لرئيس الجمهورية سمير بن عمر حيث اكد انه تم إرسال قرار الإقالة الى رئيس المجلس الوطني التأسيسي صباح أمس بعد استكمال الإجراءات الترتيبية لقرار الإقالة الذي طرح منذ أسابيع وبلاغ رئاسة الجمهورية هو تفعيل لاتفاق «الترويكا» حول إنهاء مهام محافظ البنك المركزي الحالي. ونفى بن عمر ان يكون قرار رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ردّ فعل على تسليم الوزير السابق في عهد القذافي البغدادي المحمودي. كما رفض بن عمر الإفصاح عن المرشح المقبل لتولي منصب محافظ البنك المركزي التونسي. وجاء في بلاغ رئاسة الجهمورية الى رئاسة المجلس الوطني التأسيسي انه استنادا لأحكام الفقرتين الأولى والرابعة من الفصل 26 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، وبالتوافق مع السيد رئيس الحكومة، أصدر سيادة رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي قرارا جمهوريا يقضي بإنهاء مهام السيد مصطفى كمال النابلي، محافظ البنك المركزي التونسي. وتطبيقا للأحكام القانونية المشار إليها، وقعت إحالة القرار الجمهوري المذكور إلى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليه خلال أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب إلى السيد رئيس المجلس الوطني التأسيسي. القرار بيد المجلس ومن جانبه أكد رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية الفرجاني دغمان عن حركة النهضة في تصريح ل «الصباح» ان امر الاقالة يعود الى المجلس الوطني التأسيسي متسائلا «هل قامت رئاسة الجمهورية باستشارة رئاسة الحكومة في هذا القرار؟» واضاف « إلى حد الآن بالنسبة لنا فان محافظ البنك المركزي هو مصطفى كمال النابلي». تصريحات دغمان تطرح فرضيتين الأولى: هل ستصطفّ كتلة حركة النهضة وراء قرار المرزوقي وتدعمه وبذلك تتلاشى «أزمة التسليم» وهي الفرضية الأقرب الى التحقق؟، أم انّ الحكومة ستتمسك بالنابلي وبذلك تحتدّ الأزمة بين الرئاستين. المرزوقي يرفض التوقيع بالتزامن مع قرار اقالة النابلي، رفض المرزوقي امس التوقيع على مشروعي قانونين يتعلقان بتعديل اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي وهو ما يطرح استفهامات بخصوص النية الحقيقية وراء الرفض، فهل يريد رئيس الدولة اثبات صلاحياته ام هو تحد لرئاسة الحكومة على تسليم المحمودي دون علمه؟. هذا الأمر استبعده المستشار الأول لدى رئيس الجمهورية ايوب المسعودي معتبرا ان المرزوقي طلب تأجيل التوقيع على هذه المشاريع إلى حين النظر في مشروع القانون الذي ستقدمه مجموعة من نواب المجلس التأسيسي (كتلة المؤتمر) والذي يخص مسألة التدقيق في ديون تونس تجاه المؤسسات المقرضة العالمية والدول الأجنبية لما بين المسألتين من ارتباط وتلازم. كما أكد المسعودي على ما جاء في قرار رئيس الجمهورية وهو ان تونس تحترم تعهداتها المالية والاقتصادية أمام المؤسسات المالية الدولية والعالمية حتى في أحلك الظروف وأشد الصعوبات خاصة بعد الثورة، بقدر ما هي حريصة على احترام القوانين والاتفاقيات الدولية، بقدر ما يجب أن تكون أحرص على توفير ظروف تلبية استحقاقات الثورة من عدالة اجتماعية ومحاربة للفقر والتهميش. وجاء في بلاغ رئيس الجمهورية: انّه لمن الإنصاف للثورة التونسية أن تفتح تونس اليوم تدقيقا في الديون للتحقق مما إذا كانت محمولة قانونا على الدولة التونسية أم على النظام السابق الذي تحصل على هذه القروض أو جزء منها، لا لتحقيق مصلحة الشعب والبلاد وإنما لتوفير أدوات الطغيان والقمع وخدمة أصحاب النفوذ المالي ودوائر الفساد، وهو ما سيسمح لتونس في وقت لاحق بالتفاوض على رسكلة البغيض منها أو تجميده، كما يحدده القانون الدولي، مما سيوفر لتونس موارد مالية تخفف الضغط على ميزانية الدولة وتسمح بدفع الاستثمار ودعم الاقتصاد الوطني. جهاد الكلبوسي
تزامنا مع صدور قرار الإقالة: البنك المركزي يثمّن التّطوّر الإيجابي للوضع الإقتصادي و المالي و يحذّر من ارتفاع العجز التّجاري اكد مجلس ادارة البنك المركزى التونسي التطور الايجابي لبعض المؤشرات الاقتصادية فى اجتماعه الدوري أمس تزامنا مع اعلان رئاسة الجمهورية عن انهاء مهام محافظ البنك مصطفى كمال النابلي. وبين المجلس فى بلاغ اصدره عقب الاجتماع ان التطورات الاخيرة للوضع الاقتصادى والمالي الوطني تميزت بالمردود الايجابي للموسم الفلاحي وتدعم نسق النشاط في قطاع الخدمات لاسيما السياحة والنقل الى جانب تطور حجم الاستثمار الاجنبي المباشر. وسجل المركزي في المقابل تواصل تراجع انتاج وصادرات القطاع الصناعي خلال الأشهر الأخيرة خاصة في الصناعات المعملية الموجهة للتصدير نتيجة تاثير الانكماش الاقتصادى في منطقة الاورو. وتواصل ارتفاع الواردات بنسق اعلى من الصادرات مما ساهم في توسع العجز التجارى الذى بلغ 4 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي خلال الاشهر الخمسة الاولى من السنة الحالية مقابل 3 بالمائة في نفس الفترة من سنة 2011 وهو ما يمثل ضغوطا على الموجوات الصافية. وافاد ان الحاصل الايجابي لعمليات رأس المال مع الخارج مكن من احتواء هذه الضغوط والابقاء على الموجودات من العملة في حدود 10 مليار دينار اى ما يعادل 100 يوم من التوريد يوم 25 جوان الجاري، وسجل المجلس على الصعيد النقدى تباطؤ نسق المساعدات للاقتصاد اى 2ر4 بالمائة مقابل 1ر7 بالمائة خلال نفس الفترة من سنة 2011 وارتفاع الديون غير المستخلصة والمتعثرة. وقال البنك المركزى أنه وازاء هذه التطورات كثف من تدخله في السوق النقدية بضخ مبلغ وسطي من السيولة قدره 8ر4 مليار دينار الى غاية 26 جوان 2012 وارتفع معدل نسبة الفائدة اليومية في السوق النقدية لتبلغ 74ر3 بالمائة خلال نفس الفترة. وسجل المجلس انخفاض الضغوط التضخمية وبداية تراجع معدل زيادة الاسعار من 7ر5 بالمائة في شهر افريل الى 6ر5 بالمائة في شهر ماى نتيجة انخفاض اسعار المواد الغذائية الطازجة. وفي ضوء هذه التطورات قرر مجلس الادارة الابقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزى التونسي دون تغيير. كما استعرض المجلس تقدم تنفيذ برنامج اصلاح القطاع البنكي وخاصة في مجال الحوكمة واقر جملة من الاجراءات الجديدة تهدف الى تعزيز الموارد الذاتية للبنوك وتطوير قواعد التصرف الحذر يقع تركيزها تدريجيا.