يبدو أن دماء الشعب السوري النازفة باستمرار ستظل ولمدة طويلة أخرى للأسف متفرقة بين الاجتماعات الدورية التي تعقدها أطياف المعارضة السورية من جهة وبين المؤتمرات الاقليمية التي تتنادى لعقدها من حين لآخر أطراف دولية من ناحية أخرى .. فبعد اجتماعات اسطنبول وتونس وباريس.. وبعد مؤتمر جينيف ها أن اجتماعا آخر يعقد منذ يوم أمس بالقاهرة ويتواصل إلى غاية اليوم الثلاثاء برعاية جامعة الدول العربية تحت مسمى «مؤتمر توحيد المعارضة السورية». هذا الاجتماع يبحث حسب ما هو معلن سبل تقريب وجهات نظر أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج حول مستقبل سوريا على ضوء الحالة الأمنية المتردية القائمة راهنا والتي باتت تنذر بحرب أهلية حقيقية وشاملة ستكون لها ربما انعكاساتها السلبية على مجمل الأوضاع في المنطقة.. وعلى الرغم من كثافة الحضور و»نوعيته» (المؤتمر تحضره نحو 250 شخصية عربية ودولية رسمية و200 شخصية تمثل المعارضة السورية بكل أطيافها في الداخل الخارج) فإنه لا ينتظر أن تكون له نتائج مؤثرة لا فقط لأن ما يسمى بالقيادة العامة للجيش السوري الحر في الداخل مثلا قد حملت على هذا المؤتمر وقالت عنه أنه بمثابة المؤامرة وأنه «يأتي عقب المقررات الخطيرة لمؤتمر جينيف التي تصب كلها في خانة انقاذ النظام السوري والدخول في حوار معه..» وإنما أيضا لأن ظاهرة تواتر «المبادرات» والاجتماعات الاقليمية والدولية حول المأساة السورية في غياب أي تحرك دولي عملي وجاد من أجل الانهاء معها بشكل من الاشكال يمثل عامل تشكيك في صدقيتها وجدواها. وما من شك أنه عندما تصل حصيلة القتلى من المدنيين من أبناء الشعب السوري منذ مارس 2011 تاريخ اندلاع الاحتجاجات الشعبية على نظام بشار الأسد إلى 15 ألف قتيل بينهم مئات الأطفال فإن ذلك يعني من بين ما يعني أن «الحالة» في سوريا قد بلغت مرحلة «المأساة البشرية» وأن الجرائم المرتكبة من قبل قوات النظام السوري الأمنية والعسكرية والميليشياوية لم يعد مقبولا السكوت عنها لا دوليا ولا انسانيا.. ثم إن التاريخ سيكتب لا محالة لبعض الأطراف الدولية النافذة وبخاصة منها تلك التي أعطت الأولوية في تعاطيها ومواقفها من الأزمة السورية لحساب المصالح الاستراتيجية الضيقة وجعلت تروّج لمقولات النظام السوري المجرم بأنه إنما يقاتل «مجموعات ارهابية» مسلحة ومدعومة من الخارج.. سيكتب لها تخاذلها الاجرامي الانتهازي هذا لا فقط في حق الشعب السوري البطل وثورته من أجل الحرية والديمقراطية وإنما أيضا في حق مسار التحرر الانساني من أنظمة القمع والفساد والاستبداد.. السيد نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية قال في افتتاح مؤتمر القاهرة الحالي إن سوريا تماطل في تعهداتها وأن الجامعة العربية والأمم المتحدة لن تقفا مكتوفتي الأيدي حيال ما يرتكب من جرائم في حق الشعب السوري.. طبعا،،، نحن نريد أن نصدق السيد نبيل العربي هذه المرة.. لذلك سنبقى ننتظر!