اتفاق جينيف الذي وحد القوى الكبرى التي حضرت الاجتماع الليلة قبل الماضية يبدو أنه زاد من حدة الشرخ السياسي القائم بين أطياف المعارضة السورية حيث رفضه مجلس اسطنبول على الرغم من ترحيب أحد أعضائه فيما أبدت المعارضة السورية الداخلية ترحيبها الحذر به. وقالت المتحدثة باسم المجلس الوطني السوري المعارض بسمة قضماني أمس الاحد ان البيان الختامي لاجتماع جينيف حول سوريا يتضمن «بعض العناصر الايجابية» رغم ان الخطة في مجملها «غامضة جدا». غليون «يصفع» قضماني
لكن الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري وعضو مكتبه التنفيذي برهان غليون قال ان المجلس سيصدر موقفا رسميا من الاتفاق معتبرا ما حصل في جينيف «مهزلة». واوضحت قضماني لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف «يبدو ان هناك بعض العناصر الايجابية، لكن تبقى عناصر هامة مبهمة جدا والخطة غامضة جدا لرؤية تحرك حقيقي وفوري».
واشارت الى «عنصرين ايجابيين»، «الاول هو ان البيان الختامي يشير الى ان المشاركين اتفقوا على القول ان عائلة الرئيس السوري بشار الاسد لم يعد بامكانها ان تحكم البلاد وانها بالتالي لا يمكنها قيادة الفترة الانتقالية».
وتابعت «النقطة الثانية الايجابية هي ان هناك اتفاقا على القول ان الانتقال يجب ان يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري. وهذا التعبير بالنسبة الينا يعني رحيل الاسد لان السوريين سبق ان عبروا عن رأيهم في هذا المجال».
وتم التوصل الى اتفاق حول مبادىء المرحلة الانتقالية في سوريا أول أمس السبت في جينيف خلال اجتماع مجموعة العمل حول سوريا يمهد الطريق امام حقبة «ما بعد الأسد» بحسب الولاياتالمتحدة في حين ان روسيا والصين اكدتا مجددا ان الامر يعود الى السوريين لتحديد مستقبلهم وتقرير مصير الرئيس السوري بشار الأسد. في المقابل اعتبر برهان غليون أن «ما حصل في جينيف مهزلة بالمعنى الحرفي للكلمة قبل فيها أعضاء مجلس الامن الاملاء الروسي وتخلوا عن واجبهم تجاه الشعب السوري وتركوه وحيدا امام جلاديه». حسب زعمه.
ودعا غليون الشعب السوري الى «خوض معركة التحرير الشعبية والانتصار فيها مستعينا بالله وبأبنائه الابطال وبمساعدة الدول الشقيقة». وفي تصريحات لتلفزيون العربية اعتبر غليون ان تصريحات قضماني لا تمثل الموقف الرسمي للمجلس قائلا ان اتفاق جنيف «يشكل اسوأ موقف دولي يعلن حتى الان خلال محادثات حول سوريا».
وفي وقت لاحق أصدر المجلس السوري – المتأسس في اسطنبول بيانا قال فيه انه كان يأمل من مؤتمر جينيف الدولي الذي انعقد مساء السبت الفارط «تحركا اكثر جدية وفاعلية في التعامل مع النظام السوري».
وجاء في بيان رسمي صادر عن المجلس غداة دعوة مؤتمر جينيف الى تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين للمعارضة والنظام «لقد امل الشعب السوري من المجتمع الدولي تحركا اكثر جدية وفاعلية في التعامل مع النظام بعد ان اتضح سلوكه الدموي».
ترحيب حذر
في المقابل، أبدت المعارضة السورية في الداخل ترحيبا حذرا حيال وثيقة «اجتماع» جينيف، مؤكدة أن كل ما يساهم في وقف نزيف الدم سيجد ترحيبا ودعما من الشعب السوري.
وقال لؤي حسين رئيس «تيار بناء الدولة السورية» في تصريحات لقناة «روسيا اليوم»:» هناك أمر جيد وطيب بهذا الاجتماع لأن الدول المعنية توافقت على أمور محددة وهي أن الحل في سوريا هو حل سياسي يتم التوصل اليه عبر التفاوض وعبر حكومة وطنية تقوم بمكان حكومة انتقالية لها صلاحيات كاملة». وأعرب حسين عن اعتقاده بأن الروس قادرون على الضغط على الحكومة السورية لحملها على القبول بقرار مؤتمر جينيف. بدورها عبّرت هيئة التنسيق السورية عن أملها في قبول كافة أطياف المعارضة بوثيقة «جينيف». دمشق تنتظر
أما دمشق فقد التزمت الصمت حيال الوثيقة النهائية لمؤتمر جينيف حيث أكد عضو مجلس الشعب السوري شريف شحادة أن دمشق لن تصدر اي تعليق على بيان مؤتمر جينيف إلا بعد أن يعرض على الحكومة السورية وتدرس المقترحات المطروحة، ومن ثم يتم إصدار تعليق عن الخارجية السورية بشأن موقفها من بيان جينيف. وأوضح شحادة أنه بعد إصدار البيان في جينيف كانت هناك تصريحات أمريكية تختلف عن تصريحات المبعوث الدولي كوفي عنان وتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ولهذا فإن دمشق لن تتعجل في إصدار تعليق على البيان أو الحكم عليه إلا بعد دراسته بشكل دقيق وكامل.
في هذه الأثناء، صرّح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس ان نصا اتفقت عليه الدول الأعضاء في مجلس الأمن في جينيف حول عملية التحول السياسي في سوريا يلمح إلى ضرورة تنحي الأسد.
وقال فابيوس «يقول النص على وجه الخصوص إنه ستكون هناك حكومة انتقالية لها كل الصلاحيات، لن يكون بها بشار الأسد لأنها ستضم أشخاصا يجري الاتفاق عليهم بشكل متبادل».
وأشار فابيوس الى ان المعارضة «لن توافق أبدا عليه لذلك فإنه يشير ضمنيا إلى ضرورة رحيل الأسد وإن أمره منته».