يبدو أن التحولات السياسية الراهنة في تونس آخذة وبشكل ملفت في التأثير على واقع بعض الأحزاب التي كثيرا ما عملت على المحافظة على ذات التوجه الإيديولوجي والنسق الفكري المعمول به في مختلف مراحل نشاطها. وتأثرا بالإحداثيات السياسية الجديدة يظهر حزب العمال الشيوعي التونسي واحدا من تلك الأحزاب التي لم تعد قادرة على استنباط اللحظة الراهنة إلا من خلال تبني نمط تكتيكي جديد اذ من المتوقع أن يعلن اليوم حزب العمال الشيوعي خلال ندوة صحفية له عن تغيير محتمل لاسم الحزب بحيث سيقع التخلي عن الجزء من تراثه الايدولوجي ( الشيوعي التونسي) والاكتفاء باسم انتخابي جديد (حزب العمال). وقد أثار حذف عبارة (الشيوعي)من التسمية التاريخية للحزب جدلا لافتا خلال أشغال المؤتمر الأخير له حيث أعلن حمة الهمامي « أن إمكانية تغيير اسم الحزب واردة نظرا لما تحوم حوله من أفكار مسبقة لدى الشارع التونسي»الا أن التسمية بقيت على حالها ودخل الحزب انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بذات الصفة. ومن الواضح أن التغيير المحتمل للتسمية يحمل في طياته دلالات سياسية لها علاقة مباشرة بالانتخابات القادمة وهو في واقع الأمر تمش قد يضع حمة الهمامي وحزبه في منافسة مفتوحة مع التيارات الحزبية القريبة من الاتحاد العام التونسي للشغل ومنها حزب العمل التونسي (شق علي بن رمضان)وفصائل الحركة الوطنية الديمقراطية ( كحزب العمل الوطني..)ويبدو جليا أن حزب العمال الشيوعي التونسي أصبح أكثر رهانا على الحركة الاجتماعية وعلى النقابات بصفة أدق وهو ما يدفعنا إلى الحديث عن إمكانية الصراع السياسي والإيديولوجي بين مختلف مكونات اليسار التقليدي التونسي. ومن الملاحظ أن التموقع الجديد لحزب العمال الشيوعي التونسي على الخط السياسي الكلاسيكي من اليسار الراديكالي إلى وسط اليسار قد ادخله ضمن مربع سياسي مزدحم أصلا بالمكونات السياسية كحركة التجديد وحزب التكتل وغيرها من الأحزاب الأخرى بالإضافة إلى تخليه عن تراثه الشيوعي وهو ما رفضه عدد كبير من المؤتمرين خلال أشغال المؤتمر العلني الأول للحزب في شهر جوان الماضي. وظهرت في الآونة الأخيرة جملة من اللقاءات الموضوعية بين حزب العمال الشيوعي التونسي وحركة النهضة من جهة وشريكيها في الحكم من جهة أخرى من خلال عدة نقاط لعل أهمها الدعوة إلى إتمام مهام الثورة وأهدافها ورفض عودة فلول التجمع إلى العمل السياسي» واتهام مبادرة الباجي قائد السبسي وحزبه بمحاولة إعادة إنتاج الأحزاب الدستورية والتجمعية من جديد» رغم نجاح الأخير في إقناع بعض الأحزاب على الالتحاق بالمبادرة على قاعدة الجبهة الانتخابية الموحدة وتعديل موازين قوى. وتبدو هذه اللقاءات في نظر البعض إنما هي لقاءت غير واعية من قبل «العمال الشيوعي» ذلك أنها تسعي وبشكل مباشر إلى إعادة ذات الأخطاء المنهجية التي من شانها أن تمهد إدامة حكم حركة النهضة للبلاد وهو ذات الخطأ الذي سقطت فيه كل الأطراف اليسارية بعد 14 جانفي التي توهمت ولفترة ما أنها قادرة على استيعاب الشارع والتغلغل في العمق الشعبي رغم فقدانها للأداة الايدولوجية المناسبة لذلك.