لم يسبق لمختلف جهات الجمهورية أن واجهت أزمة «عطش» مثلما عاشته هذه الأيام حتى إبان الاستقلال وفي أحلك الفترات التي مرت بها البلاد.. تفاقمت ظاهرة انقطاع الماء الصالح للشراب مع مرور الأيام وتحولت إلى كابوس مزعج أرق متساكني عديد الولايات الذين وجدوا أنفسهم يواجهون مفاجأة من العيار الثقيل لم تخطر لهم على بال وسيناريو لم يتصوروه حتى في الخيال.. أيام «العطش» أدت إلى حالة من الاحتقان في بعض الجهات من جراء عجز المواطنين على الحصول على الماء ?وهو أساس الحياة- الذي أصبح بين عشية وضحاها أمنية غالية.. والغريب أن هذه «الأزمة» لم تستثن المناطق الحضرية ولا الريفية بل إنها «ضربت» بعض المناطق السياحية كذلك مما أدخل حالة من الفوضى داخل بعض النزل بجهتي المنستير والمهدية عجلت بمغادرة بعض السياح لنزلهم.. كما أنها شملت بعض المستشفيات وهو ما يسجل لأول مرة ويطرح عديد التساؤلات. و مهما كانت تبريرات «الصوناد» و»الستاغ» فإن الأطراف المسؤولة مطالبة اليوم بإيجاد حلول عاجلة وناجعة في وقت قياسي لوضع حدّ لمعاناة آلاف العائلات باعتبار أن الماء الصالح للشراب يظل أساسيا فما بالك في هذا الطقس الحارق وشهر رمضان على الأبواب مما يدعو بالتأكيد إلى استفهامات حارقة. محمد صالح الربعاوي المنستير : أصحاب النزل يطالبون بإيجاد حلول سريعة المنستير - الصباح الاسبوعي شهدت مدينة المنستير على غرار باقي جهات الجمهورية انقطاعا ملحوظا في التزود بالماء الصالح للشراب خلال الايام الاخيرة وهو ما خلف حالة من الاستياء العميق لدى الاهالي والمتساكنين الذين اعتبروا ان انقطاع الماء في هذه الفترة من الصيف ولمدة ايام متتالية ليس له ما يبرره ولم يحصل سابقا.اصحاب النزل من جهتهم اعتبروا انفسهم من اكبر المتضررين لانقطاع الماء المستمر في هذه الفترة التي تزدهر فيها السياحة ويزداد فيها الاقبال على النزل والاقامات والمقاهي والأماكن السياحية ولكن انقطاع الماء وزاده انقطاع الكهرباء مثل مفاجأة غير سارة اثرت بشكل كبير على السياحة التونسية وأضرت بسمعة عديد النزل المعروفة بالجهة وفي هذا الصدد قال كريم نصر ان انقطاع التزويد بالماء فاجأ النزلاء بمختلف جنسياتهم وادخل حركة غير عادية على النزل التي لم تتوقع حصول هذه المفاجأة في مثل هذه الفترة من الموسم السياحي.وغير بعيد عن هذا الرأي قال وسيم الفقيه ان عديد النزلاء غادروا مقر اقامتهم بسبب نقص التزود بالمياه وهو ما يمثل خسارة فادحة لأصحاب النزل الذين وجدوا انفسهم في موقف محرج للغاية.من جهته اكد عبد الرحمان عبيد انه اضطر الى توفير كميات كبيرة من المياه المعدنية حتى لا تتضرر عديد المعدات والتجهيزات التي تتواجد بالنزل جراء انقطاع الماء كما دفعه هذا المشكل الكبير ?حسب كلامه-الى تزويد الحرفاء بالمياه المعدنية لقضاء شؤونهم من شرب وادواش وطالب بدوره المسؤولين بالتعجيل في ايجاد الحلول الكفيلة بالقضاء على المشكل الذي اصبح مشكلا وطنيا ولم يعد يقتصر على جهة معينة.. نبيل المهدية : تضرّر القطاع السّياحي المهدية - الصباح الاسبوعي اثار مشكل قطع الماء بمدينة المهدية وعديد المناطق المجاورة لها ردود افعال كثيرة من قبل المواطنين الذين تساءلوا عن الاسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الاشكال الذي وضعهم في مأزق حقيقي خاصة امام تواصل ارتفاع درجات الحرارة.»الصباح الاسبوعي «حاورت البعض من اصحاب النزل والاقامات والمقاهي السياحية المتواجدة بالمنطقة السياحية بالمهدية للحديث عن مشكل الاضطرابات في توزيع الماء وانقطاعه في احيان اخرى حيث صرح لنا شوقي س. صاحب مقهى سياحي بالجهة بأنه لم يكن يتصور ان يحصل هذا الاشكال في نفس الفترة التي بدا فيها الاقبال على المناطق السياحية مضيفا بأنه وجد صعوبات كبيرة في التعامل مع الوضعية الحالية.من جهة اخرى قال ع.صفر ان مشكل انقطاع الماء في هذه المرحلة بالذات يطرح الكثير من نقاط الاستفهام ويثير عديد الاقاويل كما ان انقطاعه في مناطق دون اخرى يزيد من حجم الشكوك رغم الاسباب التي اوردتها وزارة الفلاحة والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه والمتعلقة بوفرة الاستهلاك.من جهته ابرز سالم التركي ان العديد من رواد النزل عبروا عن تذمرهم من هذا الاشكال الذي يمس من سمعة البلاد وسياحتها اولا كما يؤثر على عديد مواطن الشغل رغم ان الانتظارات كانت مفعمة بالتفاؤل بالموسم السياحي خلال هذه الاشهر.غير بعيد عن هذا الكلام حدثنا برهان م.عن الظروف الصعبة التي تسبب فيها اشكال قطع الماء والمجهودات الكبيرة التي بذلها بالخصوص اصحاب النزل والاقامات لإقناع الحرفاء بالبقاء ومزيد الانتظار لساعات اخرى بعد التطمينات التي تلقوها بعودة الماء في اسرع الاجال لكن دون جدوى في ظل الاضطرابات الحاصلة في التزويد وهو مادفع بعض النزلاء الى المغادرة وتغيير مقر اقامتهم بنزل منافسة لهم بمدن اخرى وهو ما يغذي الشكوك -حسب كلامهم-بوجود اسباب خفية تقف وراء هذا الاشكال. بن حسين القيروان : مائدة غنيّة.. والأهالي "عطاشى" تمتاز القيروان بمائدتها المائية الغنية وفقا لتأكيد خبراء الفلاحة فسدودها الثلاثة سيدي سعد والهوارب ونبهانة لم تنضب إلى حد الساعة بل تساهم في إثراء الإنتاج الفلاحي في الجهات المجاورة أضف إليها عذوبة ماء الشريشيرة وسيدي عبد الله والرويسات والوسلاتية التي حولت إلى علامات للماء المعدني وتغطي السوق المحلية وحتى بعض الدول المجاورة إذا كان هذا ماضي الماء وحاضره في القيروان فلماذا تعددت الاحتجاجات وقطع الطرقات من أجل الماء الصالح للشراب وكأننا في إحدى المدن الإفريقية التي تتصارع قبائلها من أجل السيطرة على منابع الماء. كل ما في الأمر أن الثروة المائية في أغلبها وجهت نحو مدن الساحل سواء الماء الصالح للشراب مثل ماء الشريشيرة العذب ومواطنو الجهة يكتفون بالقليل منها مع مزجه بماء (الحجام) المراقب صحيا أما مواطنو الأرياف فإن الحل في مياه الآبار المالحة ثم في مرحلة لاحقة الجمعيات المائية وما يرافقها من مشاكل بالجملة، وفي كل الحالات نقص في تمتع الجهة بالمياه العذبة التي حباها الله بها، بل الأدهى من ذلك أن هذه المياه تمر عبر أراضي مواطنين لا يتمتعون بها، كل ذلك حصل منذ الاستقلال أما بعد الثورة فإن المستور قد انكشف واتضح مدى التهميش والتجاهل الذي كان متعمدا من السلطة السياسية للمنطقة بحضرها وريفها،