رغم أن جهة القيروان هي جهة المياه العذبة بلا منازع في كل البلاد، وبالرغم من أنها تزود ولايات سوسة والمهدية والمنستير بالماء الصالح للشراب منذ زمن طويل، وبالرغم من انتشار العيون ومصانع المياه المعدنية في الجهة واستفادة كل البلاد منها فإن أكثر نسبة من السكان غير مزودين بالماء الصالح للشراب هم في القيروان بلا منازع خاصة أريافها القريبة والبعيدة من مركز الولاية وكل ذلك يدخل في إطار التهميش الذي خضعت له الجهة منذ الاستقلال وإلا كيف يعقل أن تمرّ الأنابيب الناقلة للماء الصالح للشراب في اتجاه مدن الساحل.. ومن تمرّ عبر أرضه من المواطنين لا يتمتع بالماء مثل متساكني منطقة المخصومة والنبش من معتمدية القيروان الجنوبية وغيرهم كثير في المناطق المحاذية للشريشيرة في حفوز ومناطق من معتمدية الشبيكة الذين يتحسرون على المياه المعدنية الزائدة على طاقة استيعاب أحد المصانع للماء المعدني في الأودية المجاورة وهي محرمة عليهم ونفس الشيء بالنسبة لمناطق السبيخة. وتبقى مديونية الجمعيات المائية أهم وأبرز سبب في ارتفاع نسبة غير المتمتعين بالماء الصالح للشراب وهذه المديونية ناتجة في الغالب عن سوء تصرف في المشرفين عليها في السابق وتشبث إدارة الكهرباء بحقها لذلك ترفع العداد وتبقى العائلات دون ماء.. اِزدهار تجارة الماء وما جرى لأهالي خمس عمادات من معتمدية العلا ( القطار، النقاز، مسيوتة، صيادة 1 و صيادة 2 ، أولاد محمد..) تقطنها 1800 عائلة دليل على ذلك، فهذه العائلات محرومة من الماء قبل الثورة وبعدها.. وتبدأ المعاناة الحقيقية منذ 2005 حيث ينقطع الماء أو يعود حسب رئيس الجمعية المائية ومدى تسديده لفاتورة الكهرباء ورغم التفاؤل بالثورة إلا أن الحال بقي على ما هو عليه ومنذ ثلاثة أشهر وهذه العمادات تفتقر إلى الماء الصالح للشراب والسبب حسب الأهالي أن إدارة الستاغ لم تسجل ما في العداد بعد الثورة لمدة عام ثم رفعت العداد لعدم القدرة على تسديد مبلغ 75 ألف دينار ومن هنا تنطلق المعاناة حيث تضطر العائلات لشراء الماء وقد نشطت تجارة الماء مما جعل العديد من سيارات النقل الريفي وأصحاب الشاحنات الصغيرة تحترف هذه التجارة ولم تغرها تجارة البنزين فأقل واحد منهم يربح في اليوم 120 دينارا. ثم إن الماء الذي تتحصل عليه العائلة هو للطبخ والشرب مما يعني عدم توفره للاستحمام، وقد سجلت في المستشفي حالات من الجرب خاصة في صفوف تلاميذ الإعدادية خاصة المقيمين منهم الذين لايجدون ماء في المعهد للاستحمام وعند عودتهم إلى منازلهم لايجدونه كذلك وهو ما جعل هذا المرض ينتشر بينهم وهذا ما أكده بعض الأولياء.