باتت مسألة التسويق للتحويرات الوزارية تطرح أكثر من سؤال لا سيما بالتركيز على شخصيتين من حزب العمال وهما المحامي أحمد السافي والمحامية راضية النصراوي تزامنا مع ما لوّح به الشيخ راشد الغنوشي بخصوص تحوير وزاري مرتقب. "الصباح" كان لها لقاء بالنائب أحمد السافي عن حزب العمال والذي لخّص ما حدث بأنه هو تسويق لفكرة التحوير الوزاري المتوقع ومناورة افتراضية. و تحدّث السافي قائلا "ففي مرحلة أولى طُرِحت من قِبل الحكومة الائتلافية فكرة دخول عناصر من حزب العمال للمشاركة في الحكومة وحيث جوبه هذا الموقف بالرفض المبدئي من حزب العمال نظرا لغياب برنامج موحد وواضح وخيّر أن يكون خارج الحكم ويحمل لواء المعارضة البديلة، معارضة البرامج. وأن ما راج لم يكن صادرا عن الحكومة بصفة رسمية بل من قِبل الشبكات العنكبوتية الإنترنت وهو ما يُفسّر كالآتي: أولا أن هذا الإيحاء لا يعدو أن يكون ظاهريا سوى من إخراجات المواقع الافتراضية مستعملة فرضيات وتخمينات لتحالفات يبدو أنها غير ممكنة وبالتالي فإن الاقتصار على شخصيتين من حزب العمال يجعل من المسألة لا يمكن أن تكون سوى استنتاجات نظرية، هذا إن افترضنا حسن النية أمّا إذا كان هذا الخبر له مدلول رسمي وفيه تسويق لمقصد معين فإنه يمكن أن نستنتج العديد من التأويلات التي تجد لها أساسا سياسيا في الواقع، فالحكومة اليوم تشهد أزمات وغياب حوار وطني وأي شكل من الوفاق مع ظهور مبادرات سياسية مقلقة كمبادرة نداء تونس ومبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى جانب تشدد كبير من قِبل الحزب الجمهوري على ضرورة تشكل حكومة إنقاذ وطني وإمكانية بروز قوى ثالثة تضم القوى الوطنية الديمقراطية والذي يُرشِّحُ إمكانية فكرة إعادة تشكيل الحكومة وسد الفراغ في بعض الوزارات وحذف وتوحيد وزارات أخرى وهو ما يجعل بعض الرأي العام لحركة النهضة أو البعض الآخر يتصور إمكانية تواجد أحد العناصر الحزبية من الشق المقابل حزب العمال أو غيره خاصة وأنه قد راج اتصال حركة النهضة بنجيب الشابي ومية الجريبي في مسائل تتعلق في الحكم وتسديد الشغورات". و أضاف السافي أن هذا الإيحاء بالتعيينات المطروحة تزامن مع مؤتمر حركة النهضة وخطاب الشيخ راشد الغنوشي بحديثه عن تحوير وزاري يلوح في الأفق وتأكيد رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي على ضرورة معاقبة كل من خالف البرنامج الحكومي وتشديده على أزمة النيابات الخصوصية وما تبعه من مشاكل متعلقة بالبيئة والماء والكهرباء. تسويق للتحويرات الممكنة كما أرجع المحامي أحمد السافي الأزمة السياسية التي تعيشها الحكومة إلى الخلل على مستوى السلطة التنفيذية باعتبار تشبث رئيس الجمهورية المؤقت بإقالة السيد محافظ البنك المركزي بعد أن قامت الحكومة بالتعدّي على صلاحية لم يسع إليها بتاتا متمثلة في إمضاء أمر لتسليم البغدادي المحمودي وبالتالي فإن حكومة الترويكا اليوم هي أمام تحدّ كبير وهو ضرورة التوافق حول إقالة محافظ البنك المركزي بالإضافة إلى الأزمة الدستورية الوارد وقوعها خاصة مع تشبث حركة النهضة بنظام برلماني صرف وعدم اتجاهها نحو التوافق مع حلفائها المجمعين على النظام الرئاسي المعدّل. كما أضاف السافي أن هذه الحكومة تشهد اليوم أزمة لا زالت آثارها عالقة وتعمقت أكثر بعد تسليم البغدادي المحمودي ومع إعفاء جزء من القضاة بدون تكوين هيئة وقتية مع عدم تحديد خارطة طريق واضحة لكتابة الدستور وإجراء الانتخابات . و بناء على توتر المشهد السياسي كان من الضروري الاتجاه نحو التحوير الوزاري أولا للخروج من مآزق في بعض الوزارات خاصة وأن الوزير المستقيل محمد عبو قد لوّح بالأسباب الحقيقية لاستقالته وبروز بعض الضعف لدى وزارات تتداخل مجالاتها في وزارات أخرى والتي تستوجب ترشيد النفقات العامة وتجعل من مسألة التقليل من بعض الوزارات أمرا ضروريا لعدم جدواها وضغط الرأي العام على رئيس الحكومة حول تضخّم عددها خاصة وأنه انتقد مسألة أجور النواب. المحامي أحمد السافي وصف كون مراجعة بعض الوزارات وحذف البعض الآخر يعكس فشل هذه الحكومة ومجرّد مسألة افترضها الظرف والتقلبات غير المتوقعة الخارجة عن إرادتها وحيث أن التسويق بهذا الشكل يجعل المواقع الافتراضية أداة حاسمة سبق لحركة النهضة أن استعملتها ويمكن إن صحّ تعمّدها ترويج هذا الخبر بهذه الطريقة والتركيز على الشخصيتين يحيلنا إلى سعي حركة النهضة إلى فك ارتباط حزب العمال بالقوى الأخرى باعتباره يمثل طرفا استراتيجيا يمكن أن تعتمده الحركة لإزاحة بقية الخصوم خاصة وأنه حزب ثوري ويتعارض مع مبادرة نداء تونس وتفاعل مع جميع التحولات وقام بتغيير اسم الحزب وهو يشهد الآن تصاعدا صلب الحركة الشعبية وأكّد كونه ومن معه من حزب العمال كانوا ولا يزالون مستعدّين لتسلم الأمانة والتوحّد مع جميع الأطراف السياسية لتشكيل حكومة وحدة وطنية تحت لائحة برنامج موحّد وأن أي تشكيل لحكومة قادمة يفترض أساسا تواجد برنامج يخدم الشعب.