لئن تفاعل الجمهور تفاعلا كبيرا مع الفنان اللبناني مارسيل خليفة خلال سهرة السبت الماضي بمهرجان قرطاج الدولي، فإنّ الحفل-عكس ما كان متوقعا- لم يرتق إلى تطلعات العديد من الحاضرين رغم غناء جل الأغاني التي رددتها الجماهير العربية المنادية بالنضال في فترة ما بعد النكسة الى يوم الناس هذا. في عرض ليلة السبت بدا الجمهور نجم السهرة بلا منازع وقد ردّد كلمات محمود درويش وسميح قاسم وغنى مع مارسيل كل الأغاني تقريبا، كما رُفع علم تونس وعلم فلسطين ورددت الكثير من الشعارات القومية بين الفينة والفينة. ومن حسن حظ الفنان اللبناني أن كان الجمهور متحمّسا جدا متعطشا لمثل هذه الأجواء المليئة بالنفس الثوري والكلمات الخالدة، في حين أنّ مارسيل بدا عليه الإرهاق ولم يحرص على إضفاء بعد فني مغاير للمألوف، خاصة وأنه لأول مرة يصعد على ركح قرطاج بعد ثورة 14جانفي. الكل كان ينتظر أثناء السهرة عنصر المفاجأة والعكس هو ما حصل، حيث اعتمد مارسيل في الجزء الثاني من الحفل التلحين الموسيقي البحت دون الغناء ولم يكن العزف الفردي لكل أطراف الفرقة الموسيقية رغم عالمية العازفين- في مستوى حجم المجموعة باستثناء عازف البيانو طوني خليفة من خلال معزوفات اتسمت بالثورية. مؤاخذات بعد العرض كان للصحفيين موعد مع الفنان مارسيل خليفة بعد العرض وقد وجّهت له العديد من الأسئلة التي كانت تتمحور حول المردود الفني خلال السهرة وأعماله الحديثة على غرار سيمفونية "العائد" التي قدمها مؤخرا في قطر والاسطوانتين الجديدتين بعنوان "سقوط القمر". فكان أن بيّن أنّ الجولة التي قام بها في كل من القصرين(سبيطلة) وسيدي بوزيد والكاف كانت مرهقة للغاية فضلا عن عدم توفر أبسط الإمكانيات التقنية التي من شأنها أن تؤمن نجاح العرض. وعن الاسطوانتين الجديدتين و تحملان عنوان "سقوط القمر" كشف مارسيل أن الإنتاجين هما عبارة عن هدية متواضعة لروح الشاعر محمود درويش شاعر القضية الفلسطينية والمرأة الحبيبة والأرض والوطن. أما الأداء الفني عامّة في حفل قرطاج فقد أعرب مارسيل عن رضائه التام بآداء المجموعة الموسيقية وأنه يفكر جديا في المستقبل في إنتاج بعض الأعمال الفنية المجسدة لأهم التطورات التي تشهدها المنطقة العربية. من جهة أخرى كان لابد من تغطية آراء البعض ممن واكب عرض مارسيل. الآراء كانت مختلفة نوعا ما ولكنها التقت عند فكرة أن مارسيل سقط في عالم الارتزاق، بتعلة أن مارسيل لا يزال يردد نفس الأغاني المعروفة منذ أواخر السبعينات الى يومنا هذا والحال أنه باستطاعته إنتاج العديد من الأعمال القيمة ،تعكس قيمته الفنية وتجسد أهم ما يجري في المنطقة العربية بنفس جديد في آن.ثم إن الأصوات المتميزة التي تعمل معه على غرار أميمة خليل من المفترض أن تستغل في مساحات أشسع وأعمال مغايرة تتماشى مع رقة الصوت وعذوبته.