راهنت الفضائيات التونسية في أوقات ذروتها الرمضانية على الانتاجات الكوميدية واختارت هذا الموسم أبرز نجوم هذا المضمار الفني في بلادنا لإطلالة مميزة على الجمهور، غير أن مضامين هذه الأعمال الهزلية لم تكن في مستوى انتظارات المشاهد التونسي، الذي هو في أمس الحاجة للبسمة في هذه الأيام الضبابية.. بعد أن عاش السنتين الآخيرتين في أجواء يخيم عليها التوتر والاضطراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي صنّاع الهزل في تونس وحسب ما نشاهده في البرمجة الرمضانية لم يجدوا بعد الدعابة الأقرب لروح التونسي- ما بعد الثورة وخيروا جميعا استهلاك السكاتشات ذاتها منذ سقوط نظام بن علي وهي السخرية من شخوص العهد البائد وممازحة الوجوه السياسية الحالية فيما غاب النقد الهادف لأوضاع البلاد في انتاجات رمضان 2012 وظلت أزمة النص تلقي بظلالها على هذا النمط الفني رغم بعض الاجتهادات النادرة. التلفزة الوطنية بقناتيها الأولى والثانية، مكنت بعض الأسماء الشابة من فرصة تقديم أعمال كوميدية على غرار "باب الحارة 2100" و"ضحكة عالطاير" و"سياسي في الفخ" وهي السلسلة الكوميدية الوحيدة من انتاجات الوطنية الأولى، التي حققت بعض المتابعة في الأسبوع الأول من رمضان واحتلت المرتبة التاسعة (قبل الأخيرة) في إحصائيات أكثر البرامج متابعة من قبل التونسي التي أجرتها شركة "سيغما كونساي" للإحصاء فيما لم تحقق أعمال الوطنية الثانية أي نتيجة ايجابية في هذا السباق الرمضاني. وتشهد الأعمال الدرامية والكوميدية لتلفزة التونسية تراجعا ملحوظا مقارنة بالسنوات السابقة حيث تعد النشرة الإخبارية حاليا الحصة الأكثر مشاهدة من قبل التونسيين في الفضائية الوطنية على عكس السنوات السابقة حيث كانت كوميديا "شوفلي حل" ومسلسل "صيد الريم" على سبيل الذكر يحتلان مراتب أولى في سباق رمضان. أمّا قناة "التونسية" فحاولت البحث عن المختلف في برمجتها ومع بعض الاجتهادات أصابت في خياراتها الكوميدية خصوصا بالنسبة لسلسلة "التمساح" التي جاءت في المرتبة الثانية ضمن إحصائيات أكثر البرامج مشاهدة إثر مسلسل مكتوب والأولى ضمن نوعية الأعمال الكوميدية خلال الأسبوع الأول في رمضان بنسبة 20.8 بالمائة مع ملاحظة أن نسبة المشاهدة اليومية في ارتفاع مستمر لهذه الحصة التي يشرف على إنتاجها معز بن غربية فيما لم تحقق سلسلة "شبيك لبيك" للقناة نفسها ومن بطولة جعفر القاسمي وشوقي بوقلية نجاحا مماثلا وجاءت في المرتبة الرابعة مع مشاهدة متفاوتة طيلة أيام الأسبوع بنسبة جملية 8.5 بالمائة. من جهتها ورغم الأداء المميز لممثليها خصوصا كمال التواتي، الذي حاول الخروج من جلباب دكتور الأبيض (في شوفلي حل) ويونس الفارحي (ضو) إلا أن انتاج نسمة الهزلي حصد المرتبة الثالثة بنسبة 20.6 بالمائة ولم يوفق موضوع السلسلة الذي يروي يوميات وزير مخلوع في شد المشاهد التونسي مقارنة بسلسلة التمساح ممّا يثبت أن حكايات بن علي وأصهاره لم تعد تضحك الجمهور بقدر ما تثير سخطه وحصول سلسلة المسامح كريم التي تطل من خلالها دمى للرئيس السابق وزوجته والسيدة العقربي والسرياطي وغيرهم على المرتبة السابعة (6.4 بالمائة) خير دليل على تجاوز المشاهدين لهذه الدعابات. ورغم أن هذه الأرقام التي تحدد مدى متابعة التونسي للأعمال الكوميدية تبقى نسبية إلا أن هذا لا ينفي هزال الانتاج الكوميدي التونسي هذا الموسم خصوصا على مستوى النص وتكرار الأفكار ذاتها مما يزيد في تعطش المشاهد للسلسلات الكوميدية ويفرض عليه هجر الفضائيات المحلية لغيرها من القنوات الأكثر تميزا في مضمار الهزل.