أثار تعيين المدير العام السابق لمجموعة شركات بلحسن طرابلسي متصرفا قضائيا على هذه الشركات بموجب قرار قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية ببن عروس بتاريخ 10 فيفري 2011، استياء العديد من التونسيين وكأنّه لا يوجد في تونس شخص غيره يقع ائتمانه على شركات بلحسن. لكن الأمر الذي اعتبره البعض الأكثر استفزازيا هو قدرة بلحسن الطرابلسي على بيع جزء من نصيبه من الشركة التونسية للسكر عن بعد. إنّ لجنة التصرفّ في الشركات المصادرة التي وافقت على إبقاء الذراع اليمنى لبلحسن الطرابلسي على رأس شركاته المصادرة، لاقت انتقادات أخرى لكونها لا تشرّك أحيانا المتصرفين القضائيين والمؤتمنين العدليين في اتخاذ القرارات المتعلّقة بتلك الشركات، وهو ما اعتبره البعض أمرا ضروريا خاصة في هذه المرحلة بالذات باعتبار أنّ اللجنة مضت نحو خطوة عرض بعض الشركات المصادرة للبيع. فالمتصرف القضائي والمؤتمن العدلي هما الأكثر أهلية للحسم في قرار البيع، باعتبارهما ملمّان بمداخيل الشركة ومصاريفها. لكن من شأن تصرف اللجنة الأحادي أن يتسببّ في اتخاذ قرارات قد تؤثّر سلبا على المجموعة الوطنية. ويكفي الإشارة في هذا السياق إلى الشركة التونسية للسكر التي تعتبر من أقدم الشركات التونسية. تلاعب بالملكية وعلى عكس ما يتضمنّه القانون الأساسي للشركة الذي ينصّ أنّ بلحسن الطرابلسي يملك 17% منها ، فإنّ بلحسن يملك 33% أخرى من رأس مال هذه الشركة. فتلاعبه يكمن في تسجيله هذه النسبة باسم شركة «شينوك» البانامية الجنسية (نسبة إلى جمهورية باناما)، وهو ما لم تنتبه إليه لجنة التصرف التي عرضت نسبة ال33% للبيع في البورصة على أساس أنّ الشركة الأجنبية أرادت بيع نسبتها، في حين أنّ هذه النسبة على ملك بلحسن الطرابلسي. إنّ عدم تشريك اللجنة للمؤتمن العدلي والمتصرف القضائي هو ما تسببّ في القيام بتلك الخطوة، فقد علمت «الصباح الأسبوعي» من مصادر مطلعة أنّ المؤتمن العدلي لم يكن على علم بعزم اللجنة بيع تلك النسبة، واستنادا إلى نسخة من مراسلة تقدمّ بها لقاضي المراقبة وحصلت «الصباح الأسبوعي» على نسخة منها، تبينّ أنّ المؤتمن اتصل بقاضي المراقبة وطالبه بوجوب إيقاف عملية بيع ال33% من أسهم الشركة التونسية للسكر باعتبارها على ملك بلحسن وليست على ملك شخص أجنبي. وتبعا لذلك وبعد تأكدّه، أذن قاضي المراقبة للمؤتمن العدلي، حسبما ورد في المراسلة، بتقديم طلب تأجيل البيع لهيئة السوق المالية حتى يقع الحسم في ملكية رأسمال الشركة. لكنّ ذلك القرار جاء متأخرا باعتبار أنّ عملية البيع قد تمّت، لكن بفضل تظافر جهود لجنة التصرف، التي أتت متأخرة، تمّ التحفّظ على محصول البيع بخزينة أملاك الدولة ولا يحقّ لأحد اليوم التصرف في ذلك المبلغ. منح أسهم للمتصرف القضائي!! على صعيد آخر، عاب البعض من متتبّعي وضعية الشركات المصادرة، على لجنة التصرف منحها سهما من بعض الشركات المصادرة لبعض المتصرفين القضائيين. «الصباح الأسبوعي» بحثت في أسباب منح نسبة من أسهم بعض الشركات المصادرة لبعض المتصرفين القضائيين على غرار المتصرفة القضائية إلهام الصوفي التي تمّ تعيينها رئيسا مديرا عاما على رأس مجمّع «كارطاقو» الذي كان على ملكية بلحسن الطرابلسي، فتبينّ أنّ مجلة الشركات التجارية تنصّ على وجوب ملكية الرئيس المدير العام لبعض الأسهم. في هذا الإطار، أفادنا عضو لجنة التصرف عبد الحميد الغانمي أنّ لجنة التصرف مكنّت السيدة الصوفي من سهم واحد من مجمع كارطاقو حتى يتسنّى تعيينها على رأس المجمع، مؤكّدا أنّ العقد الممضى بين الطرفين يفرض على المتصرّف القضائي التنازل عن الأسهم بمجردّ إنهاء مهامه. إنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أنّ تونس لا تزخر بكفاءات سوى المدير السابق لشركات بلحسن الطرابلسي حتى يقع تعيينه متصرفا قضائيا عليها؟ هل أنّ الإبقاء على هذا الشخص يكرّس مبدأي الشفافية والحياد؟ ثمّ ماذا لو لم يتفطّن المؤتمن العدلي لملكية الطرابلسي لشركة «شينوك»، من كان سيعوّض الشعب تلك الأموال؟ وهل ستشرّك لجنة التصرف مستقبلا المؤتمنين العدليين في قرار عرض بعض الشركات المصادرة للبيع؟