مدير المحافظة على الغابات.. أسطول وسائل الاطفاء لدى الادارة العامة للغابات متوسط ولكن..    طقس الليلة.. امطار رعدية بهذه المناطق    رضا المناعي يواصل قيادة الجامعة التونسية للرماية لفترة 2025-2028    رباعي تونسي في بطولة العالم للسباحة بسنغافورة من 27 جويلية إلى 3 أوت    مجلس الجهات والأقاليم: الجلسة الحوارية مع وزير الداخلية تتمحور حول مسائل تنموية وترتيبية وأمنية تشغل المواطنين    الرابطة الاولى.. الاسبوع القادم سحب رزنامة البطولة لموسم 2025-2026    "فيفا" يصدر قرارات جديدة بشأن صحة وراحات اللاعبين واللاعبات    الإفريقي يثبت نجمه هذا لموسمين جديدين    عاجل/ وفاة مسن في عرض فروسية بالقصرين..    الدورة 59 لمهرجان تستور الدولي تنتظم من 21 الى 30 جويلية تحت شعار "زمان الوصل"    جائزة الشيخ زايد للكتاب تفتح باب الترشح لدورتها العشرين (2025 - 2026)    د محمد القرفي يكرّم ذاكرة الموسيقى التونسية في افتتاح الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    الحديد في الدم والقهوة: العلاقة اللي لازم يعرفها كل تونسي    برمجة حملات توعوية حول" اهمية الصحة الجنسية والانجابية " ببن عروس    عشية اليوم: خلايا رعدية محلية مع نزول أمطار متفرقة بهذه المناطق    كيفاش تخفّض فاتورة الكهرباء في الصيف؟ هاو السر    المنتخب التونسي للجيدو يتحول إلى أنغولا للمشاركة في بطولة إفريقيا 2025    سبعة أنشطة لمجلس نواب الشعب خلال الأسبوع القادم منها حوار مع وزيرين    اضراب قطاعي في الفلاحة يوم الخميس المقبل    ضبط الكليماتيزورعلى 26.. سر التوفير اللي ما تعرفوش    الوزير الأول الجزائري يؤدي زيارة رسمية الى الجناح التونسي ب"إكسبو 2025 أوساكا    تخلي الكرهبة في Point Mort؟ شوف الحقيقة قبل ما تضر روحك    قابس : خيمة بيطرية بشنني للتوقي من داء الكلب    عاجل/ الكشف عن اصابة الرئيس الايراني في الهجومات الاسرائلية..وهذه التفاصيل..    منحة جديدة للأمهات.. شكون عندو الحق؟    الدورة ال16 للصالون الوطني للصناعات التقليدية من 17 الى 27 جويلية الجاري بمعرض سوسة الدولي    فاجعة: وفاة أربعة أطفال أشقاء تباعا في نفس اليوم..ما القصة..؟!    15 جويلية: خدمة جديدة تفكّ عقدتك الإدارية في تونس    مباراة الحسم: PSG وتشيلسي نهائي نار وكأس تاريخية    عاجل: الوكالة الفنية للنقل البري تفتح 95 منصب...شكون ينجم يشارك؟    الأجهزة الكهربائية الي ننساوها موصولة بالكهرباء.. هاو قداش تخسرنا فلوس!    الشمس تتحرّك أكثر من العادة.. والأرض تدفع الثمن    الشهيلي يضرب من جديد.. وهذه حالة البحر    محرز الغنوشي: '' السباحة ممكنة فقط تجنبوا اوقات ذروة الحرارة''    كيفاش تغسل سنيك وما تضرهمش؟ نصايح لازم تعرفها    أدوات لُعب السباحة للأطفال: آمنة ولا خطر على صغارك؟    همس الموج .. «سيدي المحرصي» بنابل شاطئ .. بنكهة التاريخ والجمال    حرف من الجهات: فخار نابل .. عبق التراث وروح الإبداع    على باب المسؤول : توزر: مشروع لتربية الأسماك في المياه العذبة ينتظر الدعم والإحاطة    مسؤول بالبرلمان الإيراني: اكتشاف شرائح تجسس في أحذية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    تحذير صادم صدر قبل 6 سنوات.. عطل بسيط قتل 260 شخصا!    صيف المبدعين .. الكاتب الأمجد العثماني .. عشت طفولة عذبة وبحر سوسة شاهد على الذّكريات    بلدة وتاريخ: سدادة (توزر): أرض الطبيعة والتاريخ والروحانيات    جهات وتقاليد .. «الكبّوس المحرسي» ...لزينة المرأة و مالها    تاريخ الخيانات السياسية (13) ...الحجّاج يخشى غدر يزيد    أعلام من بلادي .. محمد الخضر حسين أسّس اول مجلّة في تونس .. وناضل ضد الإحتلال الفرنسي    المهاجم فيكتور جيوكيريس سيتعرض لغرامة مالية كبيرة    ثلاثة ضحايا و39 مصابا في حريق بمبنى شاهق في أنقرة    ماكرون يدعو إلى "الدفاع بحزم عن المصالح الأوروبية"    جهة وحرف .. قفصة .. المرقوم .. جزء من التراث الثقافي والحرفي للجهة    صرخة مواطنين: الرديف والمظيلة: المياه موجودة ... والمواطن ضمآن    وزارة الأسرة تعلن عن نجاح 56 من بين مكفوليها في دورة المراقبة لامتحان الباكالوريا    شيرين وفضل شاكر يستعدّان لاطلاق أغنية جديدة مشتركة    ''طريق المطار'': بلطي يطرح أغنيته الجديدة على جميع المنصات    عاجل/ اليوم: أمطار غزيرة ورياح تتجاوز سرعتها 80 كلم/س بهذه المناطق    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خير البريئة
من تفاسير القرآن الحديثة في العالم الإسلامي:
نشر في الصباح يوم 11 - 08 - 2012

الناس أصناف، صنف أشرك بالله فوصفهم القرآن بشر البريئة، أي أشد الناس شرا، وصنف ثان عمل عملا صالحا فوصفهم بخير البريئة أي الخليقة، فهم أفضل الخلق وأقربهم الى خالقهم، فشر البريئة هم الذين خالفوا تعاليم كتب الله المنزّلة وأنبياء الله المرسلة،
و خير البريئة هم الذين آمنوا بقلوبهم بربهم وكتبه ورسله واليوم الآخر وعملوا الصالحات بذواتهم، فلنتتبع ما قيل في تفسير قول الله تعالى «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريئة» (البينة 7 و8) من أقوال علماء التفسير كسماحة الشيخ الامام محمد الطاهر ابن عاشور والدكتور يوسف القرضاوي.
يقول سماحة الشيخ ابن عاشور رحمه الله «الجملة استئناف بياني ناشئ عن تكرر ذكر الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، فإن ذلك يثير في نفوس الذين آمنوا من أهل الكتاب والمشركين تساؤلا عن حالهم، لعل تأخر إيمانهم الى ما بعد نزول الآيات في التنديد عليهم يجعلهم في انحطاط درجة، فجاءت هذه الآية مبينة أن من آمن منهم هو معدود في خير البريئة. والقول في اسم الاشارة وضمير الفصل والقصر وهمز البريئة، كالقول في نظيره المتقدم. واسم الاشارة بالجملة المخبر بها عنه جميعها خبر عن اسم «إن»، وجملة «جزاؤهم عند ربهم جنات عدن» الى آخرها مبينة لجملة «أولئك هم خير البريئة»، و«عند ربهم» ظرف وقع اعتراضا بين «جزاؤهم» وبين «جنات عدن» للتنويه بعظم الجزاء بأنه مدخر لهم عند ربهم تكرمة لهم لما في «عند» من الإيماء الى الحظوة والعناية. وما في لفظ ربهم من الإيماء الى اجزال الجزاء بما يناسب عظم المضاف اليه «عند»، وما يناسب شأن من يرُب أن يبلغ بمربوبه عظيم الاحسان. واضافة «جنات» الى «عدن» لإفادة أنها مسكنهم، لأن العدن الاقامة، أي ليس جزاؤهم تنزها في الجنات بل أقوى من ذلك بالاقامة فيها، وقوله «خالدين فيها أبدا» بشارة بأنها مسكنهم الخالد، ووصف الجنات ب«تجري من تحتها الأنهار لبيان منتهى حسنها، وجري النهر مستعار لانتقال السيل تشبيها لسرعة انتقال الماء بسرعة المشي، والنهر أخدود عظيم في الأرض يسيل فيه الماء فلا يطلق إلا على مجموع الأخدود ومائه، واسناد الجري الى الأنهار توسع في الكلام لأن الذي يجري هو ماؤها وهو المعتبر في ماهية النهر، وجعل جزاء الجماعة جمع الجنات فيجوز أن يكون على وجه التوزيع، أي لكل واحد جنة كقوله تعالى «ويجعلون أصابعهم في آذانهم» وقولك «ركب القوم دوابهم» ويجوز أن يكون لكل واحد جنات متعددة والفصل لا ينحصر. قال تعالى «ولمن خاف مقام ربه جنتان».
وجملة «رضي الله عنهم» حال من ضمير «خالدين» أي خالدين خلودا مقارنا لرضى الله عنهم، فهم في مدة خلودهم فيها محفوفون بآثار رضي الله عنهم، وذلك أعظم مراتب الكرامة. قال تعالى «ورضوان من الله أكبر» ورضى الله تعلق احسانه وإكرامه لعبده، وأما الرضى في قوله «ورضوا عنه» فهو كناية عن كونهم نالهم من احسان الله ما لا مطلب لهم فوقه، كقول أبي بكر في حديث الغار «فشرب حتى رضيت» وقول مخرمة حين أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم قباء رضي مخرمة، وزاد حسن وقع هنا ما فيه من المشاكلة (هذا تفسيره في قول الله تعالى «إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات أولئك خير البريئة، جزاؤهم عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه») وفي تفسر هذا انتقل الى ما ذكره في تفسيره الدكتور يوسف القرضاوي يقول بعد ذكره عن «مآل الفجار من أهل الكتاب والمشركين المخالفين لكتب الله المنزلة وأنبياء الله المرسلة» يقول «ثم أخبر تعالى عن حال الأبرار الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بأبدانهم بأنهم خير البرية. وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة لقوله «أولئك خير البرية»، ثم قال «جزاؤهم عند ربهم» أي يوم القيامة «جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا» أي بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ «رضي الله عنهم ورضوا عنه» ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعم المقيم «ورضوا عنه» فيما منحهم من الفضل العميم».
والملاحظ أن سماحة الشيخ الامام محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله اعتمد رواية قالوا فقال «البريئة» بينما الدكتور يوسف القرضاوي فقد اعتمد رواية حفص فقال «البرية» والروايتان صحيحتان.
يقول الاستاذ الشيخ محمد البشير بن جديدية في تفسيره «تنوير المستنير في بيان معاني البيان» «فإن الذين صدقوا بوحدانية الله وبرسوله وبما أنزل وبملائكته ويوم الحساب وأطاعوا الرسول فيما أمروهم به، فإنهم عند الله أكثر خلقه خيرا وقربا، واسم الاشارة «أولئك» في هذه الآية يدل على علو منزلة هؤلاء المؤمنين ورفعة مكانتهم». يقول السيد قطب في تفسيره «في ظلال القرآن» عن الآية المذكورة أعلاه «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات..» (الآية) يقول «حكم كذلك قاطع لا جدال فيه ولا مجال، ولكن شرطه كذلك واضح لا غموض فيه ولا احتيال، إنه الايمان الذي ينشئ آثاره في واقع الحياة «وعملوا الصالحات»، وليس هو الكلام الذي لا يتعدى الشفاه. والصالحات في كل ما أمر الله بفعله من عبادة وخلق وعمل وتعامل. وفي أولها اقامة شريعة الله في الارض، والحكم بين الناس بما شرع الله، فمن كانوا كذلك فهم خير البرية..».
ويقول الامام علي بن محمد بن المعروف بالخازن في تفسيره تفسير القرآن العظيم عن الآية «أولئك هم خير البرية»، يعني أنهم بسبب أعمالهم الصالحة واجتنابهم الشرك استحقوا هذا الاسم» فشتان بين المخلصين في العمل الصالح وهم المؤمنون بالله تعالى وبشريعته السمحة، وبين الذين لا يخصلون في عملهم وهم المشركون بالله والناكرون لشريعة خالقهم. فالله سبحانه في هذه السورة كشف عن وعيد المشركين ووعد الأبرار وجزاء الفريقين قال البيضاوي عن وعد المؤمنين «إن الذين آمنوا» فيه مبالغات: تقديم المدح وذكر الجزاء المؤذن بأن ما منحوا في مقابلة ما وصفوا به، والحكم عليه بأنه من عند ربهم وجمع جنات وتقييدها اضافة ووصفا بما يزداد لها نعيما وتأكيد الخلود بالتأبيد» (انظر تفسير البيضاوي) وذكر الدكتور وهبة الزحيلي في تفسيره «التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج» وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين الأبرار على الملائكة لقوله تعالى «أولئك هم خير البرية» ثم قال صاحب التفسير «اخرج ابن ابي حاتم عن أبي هريرة مرفوعا، قال : أتعجبون من منزلة الملائكة من الله والذي نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله يوم القيامة، أعظم من ذلك وقرأ هذه الآية. والجواب بأن الملائكة ايضا داخلون في الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أو المراد بالبرية بنو آدم، لأن اشتقاقهما من البرى وهو التراب، لا من برأ الله الخلق، فلا يدخل الملائكة في الآية البتة» (انظر تفسير الزحيلي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.