أحداث من الماضي سيئة، كان على أهل الحاضر أن يتطهروا من سيئاتها ولكنهم لا يفقهون، ويرفضون كل ما مضى. ويستمرون في الأخطاء كما هي بلا إصلاح ما أفسده الدهر فهذا مشهد حصل في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يلح على وجوب التثبت من الخبر: «أرسل النبي صلّى الله عليه وسلّم الوليد بن عقبة الى الحارث بن ضرار الخزاعي يتسلم منه ما جمع من زكاته وزكاة قومه. فخرج الوليد الى طريقه، ثم ساورته مخاوف الطريق، فعاد، وقال للنبي صلّى الله عليه وسلّم «ان الحارث بن ضرار منعني الزكاة، وتجهم لي في شيء من العنف، فخشي النبي أن تكون للحارث نكسة عن الإسلام الى ما كان عليه من قبل، اذ كان حديث الإسلام، وكان الحارث هذا على عهد مع النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يجمع الزكاة ثم ينتظر مبعوثا من النبي ليأخذها منهن فلما لم يحضر اليه أحد خشي أن يكون النبي متشككا في إسلامه، في عهده معه، فتعجل في نفر من قومه وذهبوا بالزكاة محمولة على الإبل الى النبي في المدينة، وصادف في طريقه وفدا من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام أخبروه أنهم جاؤوا ليتبينوا أمره ويحاربوه ان كان كما قال الوليد. فتعجب الحارث، وأقسم لهم أن الوليد لم يحضر إليه ولا يعلم عنه شيئخبروه أنهم جاؤوا إليه ليتبينوا أمره وياّ، وإنما هو الذي استبطأ مبعوث النبي، فقام بنفسه ومن معه قرابته إنجازا لعهده مع رسول الله، ثم واصلوا السير جميعا حتى كان الحارث بين يدي النبي، فسمع مثل ما سمع، وقال للنبي مثل ما قال للوفد. وأنزل الله سبحانه في حقه الآية الكريمة «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن يصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات آية 6)، وثبتت مكانته في الدين عند رسول الله واطمأن هو على ثقة الرسول فيه وتصديقه في عهده، وظهر أن الوليد غير صادق فيما زعمه للرسول، وأنه لم يحمل أمانته في لقاء الحارث وتبليغه رسالة النبي اليه». هذا حدث في عهد الرسول صلّى الله اليه وسلّم ومازالت الحالة في عصرنا هذا أكثر مما كانت لكثرة عدد الفسّاق وأخبارهم المزيفة عوض أن يقع الاتعاظ بالماضي في عصر تقدمت فيه الوسائل العلمية الحديثة خصوصا وسائل الاتصال من هواتف، وأنترنات، وغيرها، الى جانب تطور وسائل النقل السريعة. فإذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» روي عن أبي هريرة وفي رواية «...مكارم الأخلاق» فأين اليوم ونحن في القرن الخامس عشر هجري من «صالح الأخلاق» أو «مكارم الأخلاق»؟ من سلالة آدم أول مخلوق، وما هم في واقع الحياة الى فروع من فروع؟ حافظوا على ثبوت الخبر ولا تتسرعوا فتخطئوا.