جلباب الرئيس الافغاني حامد قرضاي الذي كان سببا في تفرده بلقب اكثر السياسيين اناقة في العالم خلال العام الماضي يعرض في مزاد علني في العاصمة السياسية واشنطن فهل في ذلك اشارة على ان مهمة قرضاي شارفت على نهايتها ودخولها التاريخ مع انتهاء دوره المطلوب؟ قد يبدو السؤال سابق لاوانه فالرجل لا يزال يحظى حتى الان بكل انواع الدعم و التاييد من جانب الحليف والوصي الامريكي وظهور بعض المؤشرات على انقلاب في الاوضاع قد لا يعني بالضرورة انتهاء المصالح بين الطرفين فواشنطن لا تزال في حاجة لقرضاي وقرضاي ايضا لا يمكنه الاستغناء عن دعم وحماية واشنطن والعلاقة بين الطرفين ابعد من ان تخضع لبعض القراءات والتاويلات او المعلومات هنا او هناك عن استعداد زلماي خليل زاد السفير الامريكي السابق في كابول وهو الافغاني الاصل الدخول في منافسة مع قرضاي وخلافته في منصبه. ولاشك ان الوصول المفاجئ لوزيرة الخارجية الامريكية الى افغانستان قد يساعد على كشف البعض من حقائق كثيرة غامضة في بلد لا يزال يعيش على وقع القرون الوسطى ويعاني مخلفات ربع قرن من الحرب وانعدام الاستقرار فضلا عن الفقر المدقع والخصاصة والجهل وقساوة الطبيعة وشح مواردها ويخضع لسيطرة العقلية القبلية، ولكنه لا يزال مصدرانشغال و تحد وحرج كبيرللحلف الاطلسي و للقوى الكبرى فيه لا بسبب تصدره الانتاج العالمي من المخدرات التي غالبا ما تجد طريقها الى اوروبا واسيا فحسب ولكن بسبب ما توفره عائدات تلك المخدرات من تمويل لحركة طالبان التي سجلت العام المنقضي عودة قوية على الساحة الافغانية وكبدت ولا تزال تكبد قوات الاطلسي خسائر مادية وبشرية باتت محل انتقادات واسعة في الاوساط الشعبية والرسمية للدول المعنية. وصول وزيرة الخارجية الامريكية ونظيرها البريطاني بالامس الى افغانستان لم يختلف عن اطارزيارات كثيرة سابقة لمسؤولين امريكيين وبريطانيين الى افغانستان والعراق فالتكتم والسرية والتعتيم والتسلل الهادئ بعيدا عن انظار السواد الاعظم للاهالي وما يمكن ان تحمله من تساؤلات شرط اساسي لاتمام الزيارة و انجاحها ولكن الواقع ان تكرار الشرط ذاته فيما تدخل الحرب على الارهاب عامها السابع على التوالي من شانه ان يعكس ايضا عمق المستنقع الافغاني والمخاوف المتزايدة للادارة الامريكية ومعها الحلف الاطلسي من امتداده الى الدول المجاورة ولاسيما باكستان التي يبدو انها بصدد التحول الى ملاذ لانصار طالبان على طول الحدود بين البلدين حيث سيطرة القبائل تبقى سائدة. محطة رايس الاولى هذه المرة وقبل ان تحل ضيفة على الرئيس الافغاني قرضاي كانت عبر العاصمة البريطانية ذلك ان لندن تبقى الحليف الاستراتيجي والعسكري الاول الذي لا مجال لتنازل عنه او تهميشه بالنسبة للادارة الامريكية الراهنة في اعقد واخطر حربين تخوضهما خلال هذا العقد، ولاشك ان في ظهور رايس في افغانستان صحبة نظيرها البريطاني دافيد ميليبند جائت لتذكرالرئيس الافغاني بالتزام حدوده وعدم تجاوز الدور الذي اريد له القيام به منذ سقوط حركة طالبان ورسالة رايس هذه ليست بمعزل عن المواقف الاخيرة والتصريحات والانتقادات الاذعة والاولى من نوعها التي يوجهها الرئيس الافغاني الى القوات البريطانية المنتشرة جنوب افغنستان و التي حملها مسؤولية الفشل هناك وعودة طالبان القوية الى تلك المناطق فضلا عن تمسكه برفض تعيين السفير البريطاني بادي اشدون مبعوثا خاصا لبلاده الى افغانستان الامر الذي اثار ازمة بين كابولولندن وهو ما اجمعت على وصفه الصحف البريطانية بالاهانة و التقليل من الدور البريطاني في افغانستان الامرالذي لم يكن بامكان الادارة الامريكية ان تسمح به او تتغافل عنه في وقت تواجه فيه قوات التحالف في افغانسان خطر تفاقم التفكك والانقسامات امام تزايد المخاطر الامنية وعودة حركة طالبان لتفرض سيطرتها اكثر من نصف البلاد مع رفض الدول عضاء في الحلف الاطلسي ارسال المزيد من القوات استعدادا لمواجهة حملة ربيع طالبان التي ما انفكت الحركة تروج لها من خلال الهجومات المكثفة التي عادت لتنفيذها في مواقع تحت سيطرة قوات الحلف الاطلسي. لقد عادت افغانستان لتحتل صدارة اهتمامات وزراء الدفاع في منظمة الحلف الاطلسي الذين اجتمعوا بالامس في ليتوانيا لبحث الخيارات المرتقبة و التي ستجعل الحلف الاطلسي خلال قمته السنوية المرتقبة الشهر القادم في رومانيا في مواجهة الاختبار الاعقد الذي يواجهه منذ نشاته قبل ستين عاما ...