جل الحاضرين من الجمهور الكبير في سهرة ظافر يوسف ليلة أول أمس الذين كانوا في الموعد بالمسرح الأثري بقرطاج لمواكبة السهرة الختامية لمهرجان قرطاج الدولي( الدورة 48) نراهن أن معظمهم لم يندم على عناء التنقل بل تمتعوا بأداء ظافر يوسف الموسيقي وعازف العود المتميز والمجموعة المرافقة له والمتكونة من عازفي الكمنجة والكونترباص والدرامز..فكان مشهد الجمهور وهو في حالة اندماج وتفاعل مع الموسيقي التونسي الذي يتمتع بصيت عالمي فسيفساء فنية نادرا ما نشاهدها في مثل هذه النوعية من العروض النخبوية على مسرح قرطاج الأثري. العزف المنفرد لظافر يوسف أو ثنائياته مع أحد الموسيقيين الحاضرين معه في السهرة ومنهم الفنان التركي «حسنو» أو عازف «الدرامز» الهولندي، كانت من أجمل فقرات الحفل حيث امتزج فيها الإيقاع الغربي بروح الفنان الشرقي المتأصلة في خيارات ظافر يوسف ذاك الطفل الذي قضى سنواته الأولى في وجد للصوفيات في إحدى زوايا مدينته ثم اعتنق الفن في شموليته وتنوعه بعد هجرته للغرب فاستنبط بصمته الخاصة وأثبت أن العالمية ليست ببعيدة المنال عن الفنان التونسي. مقطوعات ظافر يوسف في سهرة اختتام مهرجان قرطاج في دورته ال 48 تميزت بعمقها على مستوى البحث الموسيقي وحرفيتها على مستوى الأداء ممّا جعل من سهرته قبلة لأهل الاختصاص من عازفين وموسيقيين. و ردّد ملحن «تصوف الكتروني» و»نبوة رقمية» و»توهج» مقطوعته التي أثارت الجدل في مهرجان الجاز بقرطاج في سنة 2010 وفيها يقول»كفرت بدين الله والكفر عند المؤمنين حرام». الجمهور حينذاك رآى فيها ربما مساسا بالمشاعر الدينية وهو ما دفع ظافر يوسف إلى أن يسارع في عرضه بقرطاج بتوضيح المسألة. إذ أكد في حديثه المختصر لجمهور سهرة اختتام مهرجان قرطاج الدولي أن هذا البيت من أشهر ما تغنى به الحلاج شارحا كلمة كفرت بمعنى»تغطية وتوريت» أي تسترت. وكان الموسيقي التونسي لم ينتبه في سهرته في إطار مهرجان الجاز في قرطاج ( 2010 ) إلى ضرورة توضيح خلفية بيت القصيد فتدارك الأمر في سهرته الأخيرة بالمسرح الأثري بقرطاج. سهرة ظافر يوسف التي امتدت لساعتين أنصفت الكفاءات التونسية في القطاع الفني ومنهم هذا الفنان العالمي وكانت نموذجا للعروض التي يتطلع إليها الكثير من الموسيقيين والعازفين التونسيين كما ردت الاعتبار للفنان التونسي في برمجة مهرجان قرطاج الذي ولئن أخفق في بعض خياراته المحلية على غرار سهرة حسين العفريت والأخوين الرياحي أجاد الخيار في اختتامه.