لئن لم يرتبك نسق سير التظاهرات المألوفة والثابتة في البرامج الثقافية الدورية أمام ظهور عدد من التوترات الأمنية والاجتماعية بالجهة من حين لأخر فإن الانصراف عن تناول مسألة التنمية في رافدها الثقافي بات واضحا ولعله من المهم اليوم دعوة وزير الثقافة إلى الجهة وتنظيم حوار مباشر مع المهتمين بالشأن الثقافي فاعلين كانوا أو مفعول بهم. فقد كان من المفروض أن يقع تحديد ذاك الجدول الزمني لتنفيذ تلك الحزمة المتواضعة من المشاريع الثقافية بالجهة على غرار دور الثقافة الأربعة والمكتبة العمومية المبرمجة بعدد من معتمديات الجهة ومركز الفنون الركحية والدرامية بمدينة سيدي بوزيد وهي إحداثات وإن كانت لا تفي بحاجيات الجهة فإنها على الأقل ستساهم في انتعاشة الحركة الثقافية التي من شأنها أن تشمل خصوصا المعتمديات التي حرمت مما يتميز به المركز من أنشطة وتظاهرات ذات بال.. فالملاحظ أن وزير الثقافة ومنذ توليه منصبه زار تقريبا أغلب ولايات البلاد إلا ولاية سيدي بوزيد فقد سجل حضوره في مناسبات عدة وفي محطات ثقافية مختلفة في حين لم تنل سيدي بوزيد أي نصيب من هذه البرامج الثقافية المستحدثة بينما كان بالإمكان وفي غياب بديل ثقافي أو خيار آخر أن تمنح الجهة تكريما ولو رمزيا بإعلان مهرجان ثورة 17 ديسمبر 2010 تظاهرة رسمية دورية ولما لا منح هذا الموعد صبغة العالمية فهذا المهرجان وإن لم تتخلى عنه وزارة الإشراف بالدعم في دورته السابقة فإنها لم تحسم صبغته التنظيمية ومشروعية قيامه من الناحية الثقافية لذلك يبدو السؤال جد ضروري في هذا الوقت بالذات الذي تكثر فيه المطالبات بالتنمية عن الأسباب الحقيقية لتغافل وزير الثقافة المعروف بحيويته على الميدان عن زيارة ولاية سيدي بوزيد وطمأنة أهلها عن مصير مستقبل الثقافة بها. على أن المؤكد أن الجهة ليست في حاجة لأنشطة ثقافية روتينية بقدر حاجتها لبنية تحتية مستحدثة ترمم عظام جسد الثقافة بها كما تحتاج أيضا إلى توظيف ما منحه لها التاريخ من محطات تاريخية ونضالية هامة على غرار أحداث الثورة التي كان بالإمكان أن تكون حاضرة للذكرى في متحف جهوي طالما تمت المطالبة به وطالما تحدثت عنه الحكومات السابقة غير أنه وعلى ما يبدو بقي مشروعا على الورق في أرشيف وزارة الثقافة والوزارات التابعة وقد اختفت تماما بوادر إحداثه رغم تحمس كل الأطراف له.