قادمة من المسرح وفي جعبتها مختلف أدواته الفنية، الممثلة سماح الدشراوي صاحبة العديد من التجارب الركحية انطلاقا من سنوات دراستها مع الفنان فتحي العكاري في العمل الناقد "ضحك تحت الرقابة المشددة" إلى ركح الاحتراف في مجموعة من المسرحيات منها"حرارة الروح " مع حسام الساحلي و"حقائب" لجعفر القاسمي، والتي حصدت عن دورها في هذا الانتاج الخاص بالمسرح الوطني جائزة أحسن ممثلة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي. اهتمام سماح الدشراوي بالفن الرابع لم يمنعها من خوض بعض التجارب التلفزيونية الدرامية، والتي لم تبرز خلالها سوى منذ سنيتين حين اقترح عليها كاتب سيناريو"نسيبتي العزيزة" يونس الفارحي، المشاركة في الجزء الثاني من هذا العمل في دور "خميسة" الفتاة الريفية النازحة للعاصمة بعد زواجها من بائع الملابس المستعملة "ببوشة". واستطاعت سماح الدشراوي من خلال هذه الشخصية الكوميدية شد انتباه المتفرج التونسي بتلقائيتها وابتعاد أدائها عن الابتذال والاستهلاك ممّا رشحها للحضور أكثر في التلفزيون فقدمت اثر هذه السلسلة الهزلية فقرات في برنامج "لاباس" على قناة "التونسية" وسلسلة "بنت ولد "على القناة نفسها. الصباح إلتقت سماح الدشراوي في الحوار التالي التي تكشف فيه الممثلة عن الكثير من الجديد وأسباب تغيير نظرتها للفن بعد الثورة: بعد شخصية "خميسة" والشعبية التي حظيت بها كنا نتوقع أن تعودين في شخصية أبرز على مستوى المساحة والأهمية ضمن برمجة رمضان 2012؟ - حضوري في رمضان هذه السنة لم يكن مخططا له بل بالعكس قررت التريث قبل فترة التفرغ لعملي المسرحي القادم وإرجاء الظهور الدرامي للموسم القادم غير أن منتج مسرحتي أيمن الجوادي اقترح علي المشاركة في سلسلة "بنت ولد" التي ينتجها لقناة التونسية وفي الحقيقة الفترة القصيرة التي يتطلبها التصوير شجعني على قبول العرض خاصة وأن المنتج أقنعني بأن ظهوري التلفزي يمكن أن يساهم في مزيد التسويق للمسرحية التي أستعد لها في أكتوبر القادم. وماذا عن ردود فعل جمهور"بنت ولد" وأهم التعليقات التي شدتك من قبلهم؟ - الأكيد أن المجاملة كانت حاضرة في لقاءاتي مع جمهور "بنت ولد" لكن ما فاجأني حقا هو المستوى النقدي العالي لبعض المشاهدين حيث اعتبر بعضهم أن دوري في سلسلة "التونسية تي في" مختلف عن ما قدمته في دور "خميسة" ومن بين اقتراحاتهم الرفع من المدة الزمنية للحلقات وإضافة الأسماء للشخصيات باعتبار أن "بنت ولد" لم تشر لأبطالها من خلال أسماء معينة. هل تعتبرين مشاركاتك التلفزيونية في مستوى الأعمال التي قدمتها للمسرح خصوصا سكاتشات برنامج "لاباس"؟ - العمل في برنامج تلفزيوني أصعب بكثير من التحضير لمسرحية باعتبار أن التلفزة لا تمنحك الوقت الكافي للتشبع بالشخصية والعمل على تطويرها في مرحلة "البروفات" على غرار الفعل المسرحي كما أن الخطاب الموجه للجمهور التلفزيوني مختلف عن المضمون المسرحي من منطلق أن النص عليه أن يستجيب لكل الأذواق والجمهور التلفزيوني لا يتميز بهذه النخبوية إلى جانب أن السكاتش عليه أن لا يسقط في الابتذال وهذه الخصائص تجعل من التجربة التلفزيونية بالنسبة للممثل أكثر إرهاقا من عمله على الركح حيث يعيش عملية ولادة الشخصية وتتكون جميع ملامحها على يد الممثل بما يحمله من أدوات مسرحية. بالعودة للمسرح ماهو العمل الذي تنكبين على تحضيره في هذه الفترة؟ - أستعد منذ نهاية أفريل الماضي لتقديم عمل يندرج ضمن خانة مسرح "الممثل الواحد" سيخرجه أستاذي فتحي العكاري وشارك في كتابة نصه إلى جانبي كل من فتحي المناصري وفتحي العكاري وتطرح أحداث هذه المسرحية حكاية المرأة التونسية بعد الثورة من خلال قصة سيدة تعيش أحداث كوميدية وأخرى موجعة ويتساءل نص العمل عن وجود المرأة في بلادنا وكيف أصبحت مكانتها محل جدل بعد أن كانت كائنا مستقلا فاعلا في بناء مجتمعنا. هل نجاحك التلفزيوني كان وراء التفكير في خوض تجربة "مسرح الممثل الواحد" على غرار خطوات عديد المسرحيين من نجوم الدراما؟ - في الحقيقة مشروع تقديم عمل في خانة "الممثل الواحد" كان يراودني منذ سنوات قليلة حين لم أكن مشهورة على المستوى التلفزيوني غير أن ظروف مهنية أعاقت تنفيذ هذا المشروع الذي كان مبرمجا في البداية صحبة جعفر القاسمي والصحبي بن عمر ثم انشغلت بمسرحية "حقائب" وتصوير "نسيبتي العزيزة2" إلى أن حانت الفرصة مجددا لتحقيق هذا الحلم. وأعتقد أن هذا العمل لن يكون ضمن ما يعرف بظاهرة "الوان مان شو" التجارية الحاضرة بقوة على الساحة المسرحية التونسية فقد حاولنا التركيز أكثر على الجانب الفني واستغلال أدواتنا المسرحية مع الاقتراب من عالم الجمهور المستهدف من العمل دون الابتعاد عن عالمنا المسرحي فبعد الثورة شعرت أني كنت مخطئة في تقييمي للجمهور التونسي وعشت رجة عميقة في هذا الشأن فقد شهدت تعابير فنية عديدة في بلادنا بعد 14 جانفي على ملامح التونسيين تؤكد وعيهم الكبير بما يحدث في البلاد ونظرتهم العميقة للفنون وخصوصا المسرح واكتشفت أن النظام البائد كان الحاجز الذي يفصل الفنانين عن جمهورهم وأحسست أن ألمي من عزوف المتفرجين على مسرحيات نالت جوائز دولية لا يعود لجهله بأهميتها وإنما لمحاولات الساسة السابقين تهمييش جانب الفكر والفن في حياتنا.