اشتدت في الآونة الأخيرة حدة الأصوات الممتعضة من الإرتفاع المهول لأسعار الأعلاف فيما يراوح سعر الحليب عند الإنتاج مكانه منذ 2010. و يبدو من خلال التحركات الإحتجاجية المسجلة في عدد من مناطق الإنتاج و التلويح بأخرى في غضون أيام أن صبر المنتجين وعددا من المتدخلين في منظومة الألبان قد نفذ جراء طول انتظار الإعلان الرسمي عن الزيادة في الأسعار التي كانت وعدت بها الحكومة بالنسبة للحليب والطماطم، معلنة تفهمها لدقة الوضع الذي يعيشه الفلاحون في عدد من القطاعات. و على ضوء المستجدات الأخيرة التي آلت إليها التحركات الإحتجاجية في عدد من المناطق وحالة الإحتقان التي بلغت ذروتها في قطاع الألبان دافعة بمجموعات من المنتجين إلى التخلص من إنتاجهم والتوقف عن تسليم منتوجهم إلى مراكز التجميع والتلويح بالتصعيد. وفي ظل التلويح بتحركات قادمة لوضع حد لما يعتبره الفلاحون مماطلة من الحكومة في إصدار قرار رسمي بمراجعة الأسعار اتصلت "الصباح" ظهر أمس بوزير الفلاحة لاستيضاح موقف الوزارة من مستجدات الوضع الراهن بالقطاع ومن نفاذ صبر المنتجين فجدّد محمد بن سالم تأكيد الموقف الراسخ للحكومة الإلتزام بتعهداتها في هذا الشأن. وتمسك "الفلاحة" بموقفها الداعم لمطلب الفلاحين. بالنسبة لملف الطماطم أكد أنّ المسألة محسومة فيها وكان انعقد مجلس وزاري في الغرض أقر الزيادة في سعر هذه المادة. ومن المرتقب صدور قرار الزيادة هذا اليوم إن لم يكن بلاغها قد صدر أمس. وأعزى السيد محمد بن سالم التأخير الحاصل في الإعلان عن قيمة الترفيع المقر إلى ما استغرقته العملية الإجرائية التي قامت بها وزارة المالية من بعض الوقت لحصر كميات مخزون معجون الطماطم القديم المتوفر، على أساس أن الزيادة المقرة مؤخرا تنسحب على محصول موسم 2012. وحسب ما استقيناه من معلومات تبلغ قيمة الزيادة في كلغ الطماطم 15مليما تنعكس بصفة آلية على سعر علبة معجون الطماطم بما قيمته 140مليما على اعتبار أن كلغ واحد من معجون الطماطم يتطلب 6كلغ من حبات الطماطم. وفي ما يتعلق بالحليب الذي طالب المربون بضرورة التسريع بمراجعة سعره، أبدى الوزير تفهما لاحتجاجات المنتجين مؤكدا في هذا الصدد إلتزام الحكومة الإيفاء بتعهداتها تجاه مربي الماشية بالنظر للوضع الحرج الذي يعيشه القطاع. وأشارإلى أن وزارة الفلاحة أنهت اشتغالها على الملف وقدمت مقترحاتها وهي محل اتفاق من بقية الوزارات المعنية بالموضوع. وقال إن الملف في طور لمساته الأخيرة، وسيكون على جدول أعمال مجلس وزاري مضيق سيجتمع في غضون أسبوع أو 10أيام على أقصى تقديرلإقرار الزيادة. واعدا بأن تكون قيمة المراجعة في مستوى تطلعات مربي الماشية. وأضاف في الصدد ذاته مطمئنا "إننا نعي جيدا مدى الحرج الذي يسيطرعلى المنتجين جراء الإرتفاع المسجل في أسعار الأعلاف وارتفاع كلفة الإنتاج، ولهذا وعدنا بمراجعة السعر ولا تراجع عن وعدنا." و توجه إلى المنتجين بالقول مباشرة ".. ندرك أنكم صبرتم طويلا، وقد أوشك الموضوع على الحسم النهائي، فقط شوية صبر-". و حول تداعيات الزيادة في مستوى الإنتاج على المستهلك بالنسبة للطماطم والحليب بيّن الوزير أن لا مفر من هذه الزيادة وذلك حرصا على المقدرة الشرائية "للوكّال" الذي قد يواجه في حال عدم مراجعة أسعار المادتين نقصا في التزويد مستقبلا بفعل عزوف الفلاحين عن الإنتاج بفعل الكلفة الباهظة التي يتكبدونها والتي تفوق سعر البيع المحدد وهوما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم خسائرهم ويحول دون الإلتزام بالمساحات المبرمجة للطماطم وتقلصها. كما تؤدي إلى تفويت مربي الماشية وتفريطهم في رؤوس أبقارهم مع ما يتولد عن ذلك مستقبلا من نقص في التزويد سيؤثر مباشرة على الأسعارعند الإستهلاك بشكل يفوق مستوى الزيادات المقرة. تجدر الإشارة إلى أن الأيام الاخيرة شهدت في قطاع الألبان احتقانا كبيرا في صفوف المربين تعددت مظاهره في أكثر من منطقة إنتاج اتخذ أشكال عدة منها الوقفات الإحتجاجية وإتلاف كميات من الحليب وتلويح بالتصعيد.. مخاطر تهدّد القطاع وتفاعلا مع هذه التحركات أصدر أمس رئيس الهيئة الوطنية للإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بيانا ضمّنه انشغاله البالغ بالتطورات الخطيرة التي يشهدها قطاع تربية الماشية نتيجة الإرتفاع الرهيب لأسعار الأعلاف المركبة. وتم التذكير أن زيادات الاعلاف سجلت في 11مناسبة خلال 2012 ما تسبب في تفاقم خسائر المربين وانهيار جهاز الإنتاج الذي زادت عمليا التفريط في القطيع بالبيع وتهريب الأبقار وتنامي ظاهرة ذبح الأناثي في حدته. وجدّد الإتحاد في نص بيانه مساندته المطلقة للمطالب المشروعة للفلاحين التي قال إنه دافع عنها ببسالة في مختلف مفاوضاته مع الحكومة ما جعله يتوصل إلى اتفاق على الزيادة في سعر الحليب على مستوى الإنتاج. وحمل رئيس المنظمة أحمد جار الله المسؤولية للحكومة في ما جد من إضطرابات واحتجاجات هذا الأسبوع في صفوف مربي الماشية نتيجة ما وصفه "بتباطئها ومماطلتها في الترفيع في سعر الحليب عند الإنتاج رغم إلتزامها بأن يتم ذلك مباشرة بعد عيد الفطر." ونبه جار الله إلى ان الفلاح لا يمكنه تحمل فاتورة الإرتفاع المشط لكلفة الإنتاج بمفرده ولا يقبل بأن يكون الضحية الأولى لسياسات خاطئة جعلت من المنتجين الجهة التي تؤمن النصيب الأوفر من صندوق التعويض. مستحثا الحكومة على الإلتزام بتعهداتها والتعجيل بالإعلان عن القرار المنتظر. وحذر من أن إقرار زيادة لا تستجيب إلى تطلعات الفلاحين ولا تراعي الكلفة الحقيقية للإنتاج ستكون مرفوضة قطعيا. وجاء في البيان أن الزيادة المطلوبة تقدر ب170مي وهو ما يؤمن الحد الأدنى من حقوق المربين. بين الآني والهيكلي في ذات السياق جدد ليث بن بشر رئيس النقابة التونسية للفلاحين تنديده بما اعتبرها مماطلة من الحكومة في تفعيل مبدأ الزيادة في سعر الحليب. واعتبر الإستجابة للمشغل الآني لمربي الماشية جزءا من الحلول المطلوبة لمعالجة الجسم السقيم لكامل المنظومة التي تحتاج في نظره إلى خطط هيكلية وشاملة لمختلف حلقاته لإيقاف نزيف التفريط في القطيع بعد أن ضربت الأزمة صغار المربين وكبارهم. وأعلن أن تحركات احتجاجية ستنتظم موفى الأسبوع الجاري بكل من جندوبة والكاف وسيدي بوزيد وباجة... منبها إلى أنه كلما تأخر الإعلان عن الزيادة إلا وتعمق عجز الفلاحين وتفاقمت خسارتهم وللأسف هي خسارة المجموعة الوطنية في جانب حيوي من أمنها الغذائي. وأعلن بن بشر عن قرب تنظيم لقاء صحفي لطرح مختلف المشاغل العالقة بالقطاع الفلاحي على هامش إنطلاق الموسم الجديد.