* رئيس الجامعة الدولية لمرضى «الهيموفيليا» ل«الصّباح»: «نسعى إلى تطوير الخدمات المقدمة لمرضى «الهيموفيليا» في تونس مع إيجاد فرق طبية متخصصة» * نائب رئيس الجمعية التونسية لمرضى «الهيموفيليا» ل«الصّباح»: «نتساءل عن عدم إدراج المرض ضمن قائمة الأمراض المزمنة التي حددها (الكنام)» * تونس - الصباح: تم أمس في تونس التوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون بين وزارة الصحة العمومية والجامعة الدولية لمرضى "الناعور" المعروف طبيا بمرض" الهيموفيليا "(سيولة الدم) أو النزف الوراثي. ويعتبر هذا الاتفاق التزاما من الجانبين لوضع برنامج مشترك بين الطرفين بهدف تحقيق جملة من الاهداف اهمها التوصل الى التكفل بنسبة عالية بمرضى الهيموفيليا وعوارض وراثة مرض تخثر الدم في تونس في أفق سنة 2011. وينتظر التوصل في ختام هذا الاتفاق الى التعرف وتحديد كل مرضى الهيموفيليا في تونس ووضع سجل وطني خاص بهؤلاء المرضى وتقوية مفهوم العلاج المنزلي... ويذكر أن لمرضى الهيموفيليا في تونس جمعية خاصة بهم تسعى الى التعريف بهم وبطرق علاجهم ورعايتهم. كما توجد بمستشفى عزيزة عثمانة بالعاصمة وحدة طبية خصصت لعلاج مرضى الهيموفيليا وذلك لتسريع إسعافهم نظرا لحساسية وخطورة حالاتهم. وقد صرح السيد مارك سكاينر رئيس الجامعة الدولية لمرضى الهيموفيليا -وهو أمريكي الجنسية- أمس ل"الصباح" خلال توقيع الاتفاقية مع السيدة نجوى الميلادي كاتبة الدولة للصحة المكلفة بالمؤسسات أن الاتفاقية الموقعة تهدف أساسا الى تطوير الخدمات المقدمة لمرضى الهيموفيليا في تونس من ذلك تدريب الاطباء والممرضين والمعالجين على هذه النوعية من المرضى وطرق التعامل معها علاجيا ونفسيا. وفي نفس الوقت مساعدة الجمعية التونسية لمرضى الهموفيليا في مساعيها وأعمالها التوعوية الموجهة للمرضى ولعائلاتهم خاصة عند حدوث النزيف وتلقينهم طرق التعامل مع هذه الحالات.,اضاف السيد سكاينر أن الجهاز الطبي وشبه الطبي المتخصص في مرض الهيموفيليا سيخضع الى تدريبات وتربصات في تونس وخارجها.وشكر رئيس الجامعة الدولية تحمل الدولة لتكاليف علاج مرضى الهيموفيليا ولكنه دعا في نفس الوقت الى رعاية أكبر ودعم اكبر للميزانية الاستشفائية المخصصة مع اهتمام أكبر من قبل صندوق التامين لهذا المرض الذي يعد مرضا مزمنا. معنى الهيموفيليا وأعراضها يمكن أن نترجم كلمة "الهيموفيليا" بصعوبة تخثر الدم. حيث أنه لا يتخثر دم الشخص المصاب بمرض الهيموفيليا بشكل طبيعي مما يجعله ينزف لمدة أطول. وهناك أنواع من البروتينات اللازمة لتخثر الدم في الحالة الطبيعية تكون ناقصة في دم مريض الهيموفيليا على غرار بروتين يدعى «العامل8» وهذا النقص هو مرض «الهيموفيليا» «أ» وهناك مرضى آخرون يكون لديهم نقص في بروتين آخر يدعى «العامل9» وهؤلاء يصنفون ضمن قائمة مرض «الهيموفيليا «ب». ويعتقد الناس أن الاشخاص المصابين بمرض الهيموفيليا ينزفون كثيرا من الجروح السطحية الصغيرة وهذا غير صحيح، فالجروح السطحية عادة ليست خطيرة لكن النزيف الداخلي هو الخطير جدا وهذا يحدث في المفاصل وخاصة الركبتين والكاحلين والمرفقين وكذلك في الأنسجة والعضلات. وعندما يحدث النزيف في عضو حيوي وخاصة الدماغ تكون حياة المريض معرضة للخطر والأمل في الحياة ضعيفا. وفي السنوات الأخيرة أصبح أمل الحياة لدى المريض يتجاوز ال50 عاما بعد أن كان لا يتجاوز تسعة عشر عاما. وتبقى الحالات الحادة في الهيموفيليا هي الأسهل في الاكتشاف إذ أن الطفل عندما يبدأ في الحركة حبوا أو سيرا تظهر بقع زرقاء في المرفق أو الركبتين وكل الاماكن التي يمكن أن تصطدم بالاشياء حتى وأن كان الاصطدام خفيفا ويمكن أن تتطور هذه البقع الى أورام وهي حالة ليست عادية وهو ما يعني أن الطفل مصاب بنزيف داخلي بما يستوجب المسارعة بإسعافه. اما الحالات المتوسطة والخفيفة فيتم اكتشافها في حالات الحوادث والجروح أو الختان كما يمكن اكتشافها عند اقتلاع الاضراس اذا لوحظ تواصل النزيف أكثر من الحالات الطبيعية. ومرض الهيموفيليا ليس من الأمراض المعدية بل هو من الأمراض الوراثية ينتقل من الآباء الى الأبناء. تكون الجينات تقريبا هي المسؤولة عن انتقال مرض الهيموفيليا من الأم الى الأبناء أثناء فترة الحمل. الهيموفيليا في تونس ولمعرفة مدى انتشار هذا المرض في تونس وسبل معالجته التقت " الصباح " السيد توفيق الرايسي نائب رئيس الجمعية التونسية لمرضى الهيموفيليا الذي أفادنا أن هذا المرض موجود في تونس ولكن ليس بأعداد كبيرة.وذكر بأن عدد حالات الإصابة بالهيموفيليا نتيجة نقص بروتينات التجلط نصف مليون حالة في العالم بينهم ثلاثمائة حالة معلنة في تونس ولكن حسب الجامعة الدولية لمرضى الهيموفيليا فان ألف حالة مرض موجودة في تونس. وبخصوص طرق العلاج أفاد محدثنا أن المريض بالهيموفيليا في تونس وحتى في بقية دول العالم يخضع الى العلاج بالبلازما ومشتقاتها وهو علاج غير مكلف إذ لا يتجاوز ثمن الوحدة الواحدة 250 مليما لكن المشكل أن ايقاف النزيف يتطلب مئات الوحدات. فضلا عن ان التصنيع يتم في المخابر التونسية بدماء تونسية وهو ما يجعلها من الناحية الاقتصادية غير مكلفة وهو ما يجعل المستشفيات التونسة تركز على هذه الطريقة العلاجية دون غيرها. لكن المشكل المادي يطرح بخصوص "العامل الثامن المركز" وهو مكلف جدا فمثلا اذا استحق شخص لألف وحدة من "عامل التخثر الثامن "لايقاف النزيف فإن التكلفة تفوق 600 دينار. ولا يتم ايقاف النزيف الا بعد الحقن مرتين أو ثلاثا وفي حالة الحوادث والاصابات والعمليات الجراحية يصبح المريض في حاجة الى عشرات الحقن وبطبيعة الحال تتكلف بعشرات الملايين وكلها على حساب الدولة وخزائن المستشفيات... والمستشفى ليس مجبورا على تقديم أحسن الأدوية وأنجعها لذلك يعمد الى حقن المرضى بمشتقات البلازما ويمنح "مركز العامل الثامن" للمضمونين الاجتماعيين فقط. واشار السيد الرايسي الى أن الصناديق الاجتماعية تتحمل كلفة العلاج لكن المشكل في غير المضمونين اجتماعيا وعددهم ليس بالقليل والذين تتحمل المستشفيات نفقة علاجهم لكن امكانيات مستشفياتنا تبقى ضعيفة وهو ما يحد من نجاعة العلاج خاصة أن الدولة تنفق سنويا ما قيمته 4 مليارات في معالجة هذا المرض. وتساءل محدثنا عن عدم وجود مرض الهيموفيليا ضمن قائمة الامراض المزمنة التي حددها صندوق التأمين على المرض. وطالب بمراجعة هذه القائمة. ويذكر أنه ومنذ مدة انطلق في تونس العلاج الوقائي مع الاطفال الصغار المصابين في إطار برنامج متوسطي أوروبي شمال إفريقي لدراسة نتائج العلاج الوقائي لدى الأطفال نظرا لما يخلفه من اعاقات وباستعمال العلاج الوقائي منذ الطفولة يتم الضغط على التكلفة اذ أن الارتفاع في العلاج ناجم عن ارتفاع علاج المخلفات لماذا يصيب الذكور فقط؟ وعلميا يصيب مرض الهيموفيليا الذكور فقط دون الاناث. أما إصابة الاناث فإنها تحدث إذا كان الأب مصابا والأم حاملة له وهذا شيء نادر الحدوث. و ترث الأم المرض عن أمها الحاملة للمرض أو والدها المصاب به. ذلك أن الأنثى تأخذ من أمها ووالدها كروموزوم «ايكس» وقد يكون أحدهما الحامل للكروموزوم مصابا فتصبح الانثى حاملة للمرض وتنقله فيما بعد لابنائها وللتوضيح فإن المرض لا ينتقل من الأب الى الإبن لان الابن يرث عن والده الكروموزوم «ايغراغ» والهيموفيليا لا تصيب الا الكروموزوم «ايكس» في حين ترث الانثى التي تصبح حاملة للمرض عن والدها الكروموزوم المصاب وهو العنصر المصاب لدى الذكور. آثار المرض ومخلفاته عادة ما يحدث النزيف لدى مرضى الهيموفيليا في المفاصل خاصة الركبتين مما يجعل المصاب يعاني بعد ذلك من تليف وتيبس وضعف في العضلات ويصبح بعد سنوات قليلة طفلا معاقا حركيا ولا يستطيع الاعتماد على نفسه. وعند سن البلوغ يحتاج الى عملية تغيير المفاصل إذا لم يتلقّ العلاج المناسب منذ الصغر. ولابد من الإشارة إلى أن الجسم يفرز مضادات حيوية تلقائية تحارب الدواء لتلغي مفعوله وهو ما يجعل العلاج صعبا.