هل «دار الصباح» توجد حقا في وضع كارثي كما صوّره بيان لمجلس إدارتها، وكما أكد يوم الأربعاء الماضي سليم بسباس وزير المالية بالنيابة ومحمد علي شقير ممثل شركة الكرامة (برنسيس هولدينغ سابقا) التي تدير أملاك صخر الماطري المصادرة وكما أكدت عديد الصحف اليومية الصادرة يوم أول أمس في عناوينها والتي لم تكلف نفسها للأسف عناء نقل ما رد به صحفيو «دار الصباح» على هذه الأرقام المغلوطة. في البداية لقد احتوى البيان وتصريحات الوزير على أرقام ومعلومات انتقائية أخرجت عن إطارها الحقيقي حتى تظهر مؤسسة «الصباح» تواجه صعوبات مالية تضعها على عتبة العجز والافلاس، بينما الواقع، وكما سنبين لاحقا هو غير ذلك. ولا بد من الاشارة الى التساؤل عن خلفيات نشر هذه المعلومات التي من شأنها أن تضر بصورة المؤسسة ومصداقيتها أمام الرأي العام وتفضح الاصرار الجلي للاضرار بها في مثل هذا التوقيت بالذات. ففي خصوص نقطة تراجع المبيعات في الستة أشهر الأولى من سنة 2012 مقارنة بنفس الفترة من 2011، تكفي الاشارة الى أن الفترة المنتقاة كأساس للمقارنة هي تلك التي تلت الثورة وتميزت بحراك سياسي كبير وبحرية جديدة مكتسبة، والتي عرفت فيها كل الصحف الموجودة على الساحة وبلا استثناء «فورة» كبيرة في أرقام السحب والطبع لم تعرفها من قبل أبدا، ولذلك فإن المقارنة تحتوي على مغالطة كبيرة، خصوصا وأن هذه الفترة تلتها أيضا وهذا ما يزيد من حجم المغالطة فترة شهدت ظهور عدد مهول من الصحف، من بينها عدد من الصحف اليومية، ورغم ذلك فقد حافظت «دار الصباح» على نسق مبيعاتها ولم تتأثر بالوضع الجديد، وهو ما يؤكد مصداقيتها لدى الرأي العام. في نطاق رفع المظالم إن تكاليف الأجور ارتفعت فعلا وذلك نظرا لأن العديد من الوضعيات المهنية الهشة، بل والمزرية لما قبل الثورة وقعت معالجة بعضها في نطاق الانصاف ورفع المظالم، كما هو الحال بالنسبة لمعظم المؤسسات في البلاد. أما في خصوص العجز الذي ذكر أن «دار الصباح» تعاني منه، فتجدر الاشارة الى أن القسم الأكبر منه إن لم يكن جميعه موروث عن حقبة صخر الماطري ومن سبقه، فقد تراكمت ديونها على امتداد 2008 و2009 و2010 في وقت لم يتجرأ فيه الدائنون على مطالبة صخر الماطري بالخلاص. ونظرا لمصداقية المؤسسة وصلابتها فقد تولت خلاص جزء منها وقامت بجدولة جزء آخر وهي بصدد خلاصها بانتظام ودون أية صعوبة. كما أنه تخلدت أيضا بذمة المؤسسة في الأربع سنوات السابقة للثورة ديون لفائدة مصالح الجباية بلغت 900 ألف دينار ولم تطالب بها الادارات السابقة، وقد وقع مؤخرا خلاص جزء منها وجدولة البقية. وإنه من المستغرب جدا عدم ذكر مداخيل الاعلانات، وهي هامة جدا ومزدهرة وتمثل جزءا هاما في رقم المعاملات وتعتبر ربحا صافيا، مما يدل على ثقة المستشهرين في «دار الصباح» وفي «نوعية» شريحة قرائها، كما أن مداخيل الاعلانات في تحسن مطرد وتبشر بمستقبل زاهر للمؤسسة. كما أنه توجد لفائدة «دار الصباح» ديون هامة جدا في ذمة عديد المؤسسات والدولة تقارب المليارين والنصف، وهو ما يجعل موازناتها المحاسبية في الواقع شبه متوازنة أو متوازنة رغم التركة الثقيلة وتبشر بمستقبل أفضل وتدل على صلابتها المالية. وفوق هذا وذاك، فال«تراث» العقاري ل«دار الصباح» هام جدا اذ تملك مقرا ثانويا كان مسوغا للدولة وتبلغ معاليم ايجاره السنوي حوالي نصف مليار وقد أخلته الدولة مؤخرا وهو معروض حاليا للكراء، كما لم تقم الدولة بخلاص معلوم الكراء للسنة المنقضية ونحن نطالبها حاليا بالإيفاء به (450 ألف دينار). ول«دار الصباح» بناية أخرى تفتح على شارع جون جوراس ونهج مرسيليا بقلب العاصمة تمسح أكثر من 1300 متر مربع وتبلغ قيمتها حوالي خمسة مليارات لم تستفد منها المؤسسة منذ سنوات وهي موضوع تحقيق عدلي لتوضيح ظروف هذا الاستغلال على امتداد أكثر من عشرين عاما. ويجدر التذكير أيضا أن «دار الصباح» إن كانت تواجه حقا صعوبات فهذا أمر موروث وغير جديد وقد سارت الوضعية مؤخرا على طريق التحسن والانفراج، وإن أسرة «دار الصباح» واعية بهذه الوضعية وبحجم التحديات المطروحة بحكم شراسة المنافسة ومستعدة لكل التضحيات من أجل تدعيم صلابة المؤسسة والسير بها نحو الأحسن. وإن محاولة التشكيك في مهنية صحافيي «دار الصباح» ومصداقيتها يكذبه موقع «هيت» العالمي الذي صنّف جريدة «الصباح» في المرتبة الأولى في بلادنا من حيث المصداقية، والأولى من حيث مصداقيتها لدى وسائل الاعلام الأجنبية. وإن مثل هذه الادعاءات الكاذبة التي احتواها «بيان مجلس الادارة» يفضح نية واضحة في الاضرار بها وبسمعتها وبقيمتها «المادية» والمعنوية تستوجب المؤاخذة. إعتراف ضمني وتجدر الاشارة في الختام الى أن الوزير والمدير العام لشركة «الكرامة» (هولدينغ سابقا) اعترفا ضمنيا في الندوة الصحفية ليوم الأربعاء بعدم صحة هذه المعلومات لما قالا أنها أولية وقد تم تكليف مدقق حسابات باجراء عملية تدقيق محاسبية شاملة، كما أنهما تهربا من الاجابة عن سؤال طرح عليهما مرتين وبوضوح من قبل صحفيي «دار الصباح» وهو هل أن النتيجة الشهرية المحاسبية خلال الأشهر الأخيرة شهرا بشهر ايجابية (تتضمن أرباحا) أم سلبية (تتضمن خسائر)؟ فالاثنان يعلمان دون شك أن هذه النتيجة ايجابية جدا، بدليل أن ديون «دار الصباح» بعد الثورة مباشرة كانت تبلغ مليارا وسبعمائة ألف دينار، وهي أقل من نصف هذا المبلغ حاليا، أي أن «دار الصباح» تمكنت في ظرف عام ونصف من امتصاص جزء هام من ديونها «الموروثة»، وهي تقوم حاليا بخلاص الباقي وخلاص أجور موظفيها وعمالها دون أية مشاكل، واعتبارا للديون التي لها في ذمة الدولة والخواص، فإن التقييم الموضوعي والسليم بل البديهي يفيد أنها في «صحة وعافية» ماليا، بل إنها مزدهرة وتحقق أرباحا هامة.