ما من شك أن مقتل السفير الأمريكي في ليبيا مع ثلاثة من موظفي السفارة يمثل وبكل المقاييس جريمة نكراء لا فقط في حق الضحايا وأسرهم والشعب الأمريكي عموما وإنما أيضا في حق القوانين والأعراف الدولية.. فهؤلاء هم دبلوماسيون ما كان ينبغي تحت أي مبرر أن يكونوا عرضة لأي اعتداء لأنهم وبصفتهم تلك إنما كانوا في ضيافة وحمى الشعب الليبي قبل أن يكونوا في حمى وحماية الاتفاقات والأعراف الديبلوماسية... ثمّ ليست وحدها بالتأكيد الادارة الأمريكية من تدين بشدة مقتل سفيرها في ليبيا.. فما من إنسان عاقل ومتحضر إلا ويدين أيضا هذه الجريمة غير المبررة... أجل،،، غير المبررة لأن الفيلم الأمريكي سيء الذّكر لا يمكن على فضاعته وقذارته أن يكون ذريعة لتبرير عمليات القتل وازهاق الأرواح... فالذود عن صورة الإسلام ونبي الاسلام لا يمكن أن يكون بارتكاب جرائم القتل في حق المدنيين دبلوماسيين كانوا أو غير دبلوماسيين ولكن إذا ما عنّ للمرء بالمقابل أن يطرح سؤال: من قتل السفير الأمريكي في ليبيا كريس ستيفنس فما عسى تكون الإجابة يا ترى؟ وهل وحدهم المسلحون الذين نفذوا الهجوم على مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي من يتحمّل مسؤولية قتله؟ ! ربما بدا السؤال غريبا.. ولكننا نطرحه لأنه وبشكل من الأشكال قد يجوز القول أيضا أن من قتل السفير الأمريكي في ليبيا ليسوا فقط منفذي الهجوم المسلح الذي أودى بحياته وإنما أيضا «شركاؤهم» في الجريمة ونعني بهم أولئك العنصريين من «الباحثين» و»المفكرين» و»المبدعين» من كل الجنسيات الذين استوطنوا بلاد الغرب واحترفوا عن قصد وبسابق إضمار «مهنة» الإساءة للمعتقدات وازدراء الأديان والاستخفاف بمقدسات الشعوب والأمم... جاعلين من الإسلام خاصة مدار حملاتهم وافتراءتهم المتواترة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001... «ترفض الإدارة الأمريكية الإساءة الى المعتقدات الدينية للآخرين... لكننا نعارض بشكل واضح هذا النوع من العنف الأهوج الذي أضاع أرواح موظفي الدولة»... هذا ما قاله الرئيس أوباما أمس الاول في تصريح لوسائل الإعلام عقب الإعلان عن مقتل السفير الأمريكي في ليبيا... وهو قول لا يمكن الاختلاف فيه خاصة وانه يشير بكثير من الشجاعة الأدبية وبكثير من الواقعية للعلاقة السببية القائمة غالبا بين الإساءة للمعتقدات الدينية وردود الأفعال العنيفة المنجرة عنها... إساءات ينبغي أيضا تجريمها وعدم تبريرها تحت أي غطاء أو شعار.