سيدي بوزيد - الصباح مازالت فاجعة "الحرقان" قبالة سواحل لمبيوني المحاذية لجزيرة لمبدوزا بأقصى الجنوب الإيطالي تلقي بمآسيها في عدة ولايات من بينها سيدي بوزيد و من بين الشبان الذين تم إنقاذهم على إثر حادثة الفاجعة البحرية التي جدت قبالة السواحل الإيطالية الشاب فتحي سليماني المولود يوم غرة جوان 1984(أصيل معتمدية جلمة) وهو واحد من بين 56 مهاجرا غير شرعي تم إنقاذهم وينتمون لجهات متفرقة من البلاد أما مفقودو الحادثة التابعون لولاية سيدي بوزيد فلم تثبت أية معطيات رسمية عن عددهم النهائي أو هوياتهم بإستثناء تردد أنباء عن تواجد ثلاثة شبان من معتمدية بئر الحفي وشاب من منطقة أم العظام وآخر من سيدي بوزيدالمدينة وأربعة شبان من معتمدية جلمة. في منزل المفقود نادر بوحوش: "الصباح" اتصلت بأسرة أحد المفقودين لرصد معاناتها وهي معاناة موحدة ومتشابهة لدى كافة الأسر التي تنتظر خبرا عن مصير فلذات أكبادها. بداية حديثنا كانت مع جميلة الهاني أم المفقود نادر بوحوش لتذكر أن الظروف الإجتماعية هي التي دفعت بإبنها المولود بتاريخ 15 / 4 / 1983 والقاطن معها بسيدي بوزيد إلى ركوب"سفينة الموت والإعدام"-على حد وصفها- عكس ما يتصوره البعض من الشباب المغامر حيث ذكرت أن إبنها نادر فشل في مشروعه التجاري المتمثل في التجارة والعمل على متن شاحنة خفيفة اقتنتها له العائلة من إحدى شركات الإيجار المالي حيث عجز عن سداد أقساطها بعد تعدد تجارب العمل عرضيا هنا وهناك هذا بالإضافة لمواكبته مأساتها هي شخصيا المقيمة بمنزل إقتنته عن طريق قرض وعجزت عن دفع الدين بعد أن فصلت عن العمل من أحد مصانع الجهة حيث قدرت تأزم وضعها وإبنيها منذ عام 2011 مما جعل نادر يقرر دون علمها مغادرة المنزل فحاولت الإتصال به في اليوم الموالي غير أن رقمه الهاتفي أصبح خارج الخدمة إلى أن تلقت الأسرة نبأ الفاجعة من إحدى قريبات المفقود القاطنة بجهة صفاقس والتي أشعرتهم أن مركبا "حارقا" غرق. الخال نزار انتقد تعاطي وزارة الخارجية التي مدته برقم خاص بإحدى شركات الإتصال الخاصة ومناداة الرقم 11404 لطلب المعلومة مما اعتبره إستهزاء بمشاعره ومشاعر الأسر الملتاعة، وأضاف أن إبن أخته كان جد مولع بإيطاليا حتى أنه يرتدي قميص المنتخب الإيطالي ويزين غرفته والأماكن التي عمل بها بأعلام دولة إيطاليا غير أنه أي نادر كان يتجنب الحديث إلى خاله في موضوع الهجرة خشية أن ينهره وهو العارف بموقفه المعارض للموضوع ولذلك كانت هجرته سرية. في منزل المفقود حازم البوعزيزي ذكرت دليلة بوعزيزي والدة المفقود حازم البوعزيزي أنها تعاملت مباشرة مع شخصين إثنين عبر الهاتف خلال أطوار عملية مغادرة إبنها، وأضافت أن حازم من مواليد 11 / 4 / 1993 وهو عامل يومي حاول أن يغادر بطريقة غير شرعية إلى إيطاليا موفى رمضان الفارط وكان قد نسق العملية مع شخص مقيم بجهة صفاقس ودفع مبلغا ماليا غير أنه تم إيقافه ليوم واحد ثم عاود مؤخرا الشخص المذكور الإتصال بإبنها وأعلمه أن عملية هذه المرة مضمونة وأنه لن يدفع أموالا كما هو الحال بالنسبة ل"الحرقة " الفارطة وهو ما لم يتم حيث تمت مطالبة حازم من قبل نفس الشخص بقرابة 4 آلاف دينار. وأشارت إلى أنها كانت على علم بعملية " الحرقة " منذ يوم الأربعاء قبل الفارط وأن إتصالها بإبنها قد توقف منذ ساعة متأخرة من يوم الخميس ليتصل بها منسق العملية في حدود منتصف نهار الجمعة ويعلمها بنجاح "الرحلة " وبلوغ حازم لمبدوزا ثم تعطلت الإتصالات مع هذا الأخير الذي تملص من المسؤولية ذاكرا بالحرف الواحد " ياخي تحب تباصيني". ..و في الأثناء تبقى ولاية سيدي بوزيد حسب المؤشرات الأولية وحديث الشارع بها تتصدر ترتيب الجهات التي غادر شبابها بحرا في إتجاه إيطاليا في محاولة يائسة لعيش واقع مغاير وهو تعاطي أو سلوك فسره أهل الإختصاص من نشطاء الجمعيات على أنه إنحراف خطير وجب معالجته تربويا واجتماعيا.. فهل تنجح الدولة الراعية لشؤون مواطنيها في هذا ؟ وقبل ذلك هل تسارع بإيجاد حل لهذه الأسر التونسية الملتاعة حول مصير أبنائها ؟