إذا كان الفيلم الأمريكي سيء الذكر «براءة المسلمين» ومثله الرسوم الكاريكاتورية الوقحة المنشورة بتاريخ الأربعاء 19 سبتمبر على صفحات مجلة «شارلي هيبدو» الفرنسية قد أساءت للرسول الكريم.. فإن القرار «الاستعراضي» للحكومة الفرنسية بغلق جميع السفارات والقنصليات والمدارس والمراكز الثقافية التابعة لها في أكثر من عشرين بلدا عربيا واسلاميا كامل اليوم الجمعة يمثل بدوره وبشكل من الأشكال إساءة اضافية للاسلام والمسلمين المقصود بها هذه المرة تشويه رمزية يوم الجمعة تحديدا وتقديمه وهو اليوم الذي يتطهّر فيه الانسان المسلم في مشارق الأرض ومغاربها ويتطيّب ويبكّر فيه للمسجد لأداء الصلاة على أنه يوم للهمجية والفوضى والعنف الديني في بلاد المسلمين!!! قد تكون هذه قراءة «تآمرية» و«غير واقعية» لقرار سياسي «احترازي» صرف المقصود به حماية المصالح الفرنسية والرعايا الفرنسيين في هذه البلدان ليس إلا.. ولكن الناظر مثلا في بعض «الوقائع» و«الأحداث» غير المسبوقة التي أصبحت بعض مساجدنا مسرحا لها في كل صلاة جمعة من كل أسبوع سيشك حتما في وجود «مؤامرة» ما على هذا اليوم «المقدس» والاستثنائي في المخيال الاسلامي.. «مؤامرة» قد تكون تورطت فيها من حيث لا تشعر جماعات دينية متشددة وهي تبث أسبوعيا الفوضى و«تجيّش» أتباعها من خلال خطبة الجمعة تحديدا .. أجل،، هناك على ما يبدو مسعى لتشويه رمزية هذا اليوم ذي الدلالة والتحول به من يوم عبادة وخشوع وإيمان وسماحة وبر وفعل خير الى يوم «خوف» وعنف وفوضى في المجتمعات الاسلامية.. وإلا ماذا عساه يعني مرة أخرى هذا القرار الفرنسي المريب بإغلاق سفارات وقنصليات فرنسا والمكاتب والمؤسسات الثقافية والتعليمية الملحقة بها في أكثر من عشرين بلدا عربيا واسلامية على امتداد كامل اليوم الجمعة ؟! مهما يكن من أمر.. وسواء صحت «نظرية» المؤامرة هذه أو لم تصح فإنه يبقى مطلوبا من المسلمين قبل غيرهم ألا يسيئوا ليومهم «الدّيني» يوم الجمعة وأن يكونوا فيه حتى في حال الغضب والاحتجاج مسلمين على خلق الاسلام.. مسالمين ومتحضّرين وغير غوغائييّن أو معتدين.. فالاعتداء على مقرات البعثات الديبلوماسية مثلا وترويع أبناء وعائلات الديبلوماسيين والأجانب من خلال استهداف مدارسهم أو أماكن إقامتهم يعد جريمة منكرة شرعا وعُرفا وقانونا ..