رغم الدعوات «المستنفرة» من الخصوم وحتى من بعض الأصدقاء الى ضرورة انقاذ الترويكا من «حالة الموت السريري» كما عبّر عن ذلك سمير بالطيب عضو المجلس التأسيسي في إحدى مداخلته التلفزيونية، فان حركة النهضة ذات الأغلبية التأسيسية والنواة السياسية الصلبة للترويكا بدت «مستخفة» بهذه الدعوات ولا تأخذها على محمل الجد ولا تبالي بالأحكام التي تطلقها أحزاب من المعارضة داخل التأسيسي وخارجه من كون الترويكا فشلت في تسيير هذه المرحلة الانتقالية الصعبة بل زادت من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كما أن أداءها السياسي كان محل جدل ونقد واسع ولا سيما أن الانسجام بين أحزاب الائتلاف الحاكم محل تجاذب خاصّة وأن حزب التكتل عبّر صراحة عن عدم رضاه عن التعيينات وعن غياب التفعيل الحقيقي لمبدإ التشاركية.. لكن حركة النهضة تخلت في الآونة الأخيرة خاصّة تحت ضغط الكثير من الملفات عن تصلب مواقفها وتمسّكها بمقولة أنها تحقق في نجاحات على أرض الواقع لكن خصومها يسوّقون لفشل غير موجود لإحباطها وتثبيط عزيمتها والنيل من شرعيتها الانتخابية التي تبقى هي الفيصل بما أنها وصلت للحكم عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.. وقد أبدت الحركة من خلال تصريحات بعض قيادييه وليس من خلال موقف رسمي صادر عن الحركة ليونة في التعامل مع الواقع بحيث أنها تقبل من حيث المبدأ الحوار وتوسيع التشاور مع كل الأطراف السياسية كما وأن مسألة التحوير الوزاري تقول أنها مطروحة وغير مستبعدة باعتبار أن لا نية لها للتغوّل أو الانفراد بالحكم وأنها تؤمن بشرعية صندوق الاقتراع..
ورغم أن القيادي في حركة النهضة عامر لعريض ذكر سابقا أن وزارات السيادة خارج دائرة المشاورات أو الحوار كما أكّد محمد عبو الشريك في الترويكا أن مسألة استقالة وزير الداخلية واسناد هذه الوزارة الى وزير غير متحزّب تخلو من المنطق.. ولكن رغم أن المؤشرات الأولية تدلّ أن نية النهضة تتجه نحو تحوير وزاري لامتصاص الاحتقان لا أكثر ولا أقل الاّ أن ذلك لا يجعلها بمنأى عن خطورة المستقبل السياسي للترويكا بصفة عامة لأن التعقيد الذي بتنا نعيشه يوميا يفترض أكثر من التحوير، بحيث لا بدّ من التوافق حول أهداف واضحة ومعينة دون تقديم كباش فداء لتفادي الامتعاض الشعبي..