لم يعد خافيا أن حكومة الترويكا باتت تواجه صعوبات حقيقية في إقناع الرأي العام بجديتها ومثابرتها في حلّ المشاكل التي تزداد تراكما يوما بعد يوم.. ناهيك عمّا نعيشه من صعوبة الظرف الاقتصادي والاجتماعي.. وقد دعت المعارضة سابقا إلى حكومة إنقاذ وطني لإنعاش البلاد ومنعها من التدحرج أكثر نحو قاع الأزمة، ورغم أن الدعوة لم تلق الإجماع المطلوب، فإن الترويكا -على ما يبدو- قد اقتنعت أنه لا بدّ من ضخ دماء جديدة في بعض الوزارات التي أصبحت في وضع الموت السريري واستعصت عليها مشاكلها القطاعية بحيث لم تجد أيّة حلول تقنع بها الرأي العام.. «الصباح الأسبوعي» اتصلت ببعض نواب المجلس التأسيسي لمعرفة رأيهم حول فكرة التحوير الوزاري في حدّ ذاتها؟ ولماذا تمّ الإعلان عنها الآن بالذات؟ ومن من الوزراء الذين يعتقدون أنه ينبغي تغييرهم؟ إعداد: منية العرفاوي صالح شعيب : الحكومة فشلت جماعيّا.. و أنا ضدّ سياسة التّرميم صالح شعيب الذي دخل المجلس التأسيسي كحليف في الترويكا عن حزب التكتل من أجل العمل والحريات سرعان ما أعلن انشقاقه عن الحزب الذي ناضل فيه لسنوات خلت معتبرا أن رئيس المجلس التأسيسي، بن جعفر قد حاد بالحزب عن أهدافه وأفقده خصوصيته.. يؤكد صالح شعيب أن ما نعيشه من تردّ للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يعكس في النهاية فشل الحكومة وعجزها عن القيام بما أوكل إليها من مهام. وفيما يتعلق بالتحوير الوزاري المرتقب ذكر شعيب أنه ضد سياسة الترميم وأنه ينبغي القيام بتغيير شامل وكامل وما نعيشه من أزمة تمتد جذورها إلى طبيعة التحالف في حدّ ذاته والذي لم يكن على أساس برنامج واضح بل كان لتقسيم الحقائب الوزارية.. وبالتالي التغيير الشامل مطلوب بما في ذلك رئيس الحكومة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب والتخلي عن فكرة الولاءات في إسناد المناصب واعتماد الكفاءات. سمير بالطيب : التّحوير الوزاري تلهية للرّأي العام و إضاعة للوقت.. يؤكد سمير بالطيب عضو المجلس التأسيسي أنه لا يمكن الحديث عن وزارات بعينها فشلت ووزراء معينين لم يوفقوا في أداء مهامهم، فالحكومة كلها فشلت حسب رأيه في الخروج بالبلاد من عنق الزجاجة.. ويفسّر بالطيب فشل الفريق الحكومي ككل بغياب برنامج ورؤية واضحة منذ البداية ويقول: «غياب البرنامج الاقتصادي والاجتماعي أوجد غياب التناسق والانسجام الحكومي وبالتالي ليس هناك أزمة في الحكومة لكن الأزمة الحقيقية تهم الترويكا في حدّ ذاتها.. وهذا ما انعكس سلبا على السياسة العامة للبلاد حيث شهدنا القرارات الارتجالية والمتضاربة والتي تصل إلى حد ّالتناقض.. لأنه ليس هناك فريق حكومي متجانس ومتناغم فيما بينه ولديه خارطة طريق واضحة تعتمد على برامج وخطط مقنعة.. وبالتالي فهي حكومة لا نجانب الصواب عند اتهامها بالتقصير فحتى الحوار الوطني الذي كان من المفروض أن تتولىّ الحكومة تنظيمه عجزت عن ذلك واتخذ الاتحاد العام التونسي للشغل زمام هذه المبادرة.. وقبل طرح التحوير الوزاري كان من المفروض التفكير واتخاذ قرار عاجل بخصوص الهيئة المؤقتة التي ستشرف على الانتخابات القادمة لأنها أولوية سياسية.. وبالتالي فالتحوير لن يسمن ولن يغني عن جوع، الحكومة فاشلة لأنها لا تملك برنامجا اقتصاديا واجتماعيا، فأكثر من 80 موظفا برتبة وزير، لكن الذي يمارس شأن الحكومة فعليا هو رئيس الحكومة ومستشاره السياسي فقط، وهذه التغييرات إن حصلت فهدفها سيكون فقط تلهية الرأي العام وكسب المزيد من الوقت». محمد الحامدي : وزراء السّيادة فشلوا.. لكن علاقات القرابة تحميهم ! منذ البداية وقبل الحديث عن التحوير الوزاري بعد أن تأزّم الوضع بطريقة لم تعد محتملة كان ينبغي أن تكون المناصب الوزارية وطريقة إسنادها قد تمت بشكل مدروس ودقيق حسب ما ذكره لنا محمد الحامدي عضو المجلس التأسيسي عن تيار العريضة الشعبية. ويؤكد أن الحكومة كان يجب أن لا تقتصر على وزراء من الترويكا فقط بل كان من المفروض أن تكون منفتحة على مختلف الحساسيات السياسية.. حتى لا نأتي اليوم بعد أن تأزّمت الأمور إلى إعلان النية في القيام بتحوير وزاري هدفه فقط امتصاص غضب الرأي العام دون أن يكون هناك تحوير جديّ ومدروس.. وفي ما يتعلق بالوزراء الذين يعتقد أنهم فشلوا في أداء مهامهم والنهوض بالقطاعات التي يشرفون عليها أكد أن وزير الداخلية يعتبره مقصّرا في أدائه ولم يحرص على استتباب الأمن كما ينبغي وتواصل الانفلات الأمني والنقابي في وزارة الداخلية فسيدي بوزيد تشهد أعمال شغب واحتجاجا وصل حدّ الإضرار بالأملاك العامة وكذلك مناطق أخرى من الجمهورية، كذلك وزير الخارجية لا أعتقد أنه يقوم بما هو أنفع وأنجع للدبلوماسية التونسية.. ورغم ذلك أعتقد أن علاقات القرابة التي تجمع بعض الوزراء بقياديين بارزين في حركة النهضة وكذلك الوزراء المهمين للحركة سيكونون تحت حماية علاقاتهم وبالتالي هذا التحوير إذا تمّ لا أعتقد أنه سيكون ذا مصداقية». إسكندر بوعلاقي : الخارجية إنتكست.. و التنمية الجهويّة فشلت إسكندر بوعلاقي الناطق باسم تيار العريضة الشعبية، يرى أن المشكل الحقيقي الذي تعيشه البلاد لا يتعلق فقط بفشل الوزراء في أداء مهامهم لكن العلة تكمن في البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لحكومة ما بعد الثورة والذي لا أثر فيه للسلم الاجتماعي.. ويضيف بوعلاقي «وبالتالي الوزارات التي فشلت هي تلك التي تهم المواطن والطبقة المتوسّطة والمهمشة ولا يجب أن نحمّل الوزراء لوحدهم تبعات الفشل الذي يتقاسمونه مناصفة مع فقدان البرنامج الواضح للحكومة. وقد ذكر بوعلاقي أن من بين الوزارات التي يعتبرها فشلت هي وزارة الخارجية مؤكدا أنه لم يسبق وأن عشنا على مستوى الخارجية نكسات ديبلوماسية متسارعة ومتواترة كما نعيشها منذ أشهر وخاصّة منذ تولي رفيق عبد السلام حقيبة الخارجية وبالتالي هذا الوزير إن لم يقله وزير الحكومة وتحصّن بحماية صهره راشد الغنوشي فإنه على رئيس حركة النهضة أن يتذكر حكاية عمر بن الخطاب مع عمرو بن العاص وابنه.. ويضيف بوعلاقي «أعتبر كذلك أن وزير التنمية الجهوية لم يوفق في مهامه وكذلك وزير الشؤون الاجتماعية». وسألت محدّثي هل تعتقد أن هذا التحوير الوزاري سيتم في كنف المصداقية والشفافية أو سيكون ذرّ رماد على العيون بتقديم أكباش الفداء، فأكد أن التحوير الوزاري سيكون «فرصة» لتقديم أكباش فداء لأن الحكومة لا تملك في الأصل برنامجا..» الطاهر هميلة : من الأفضل لهيبة الدولة تغيير وزير التربية !! في الآونة الأخيرة بدت انتقادات الطاهر هميلة نائب المجلس التأسيسي عن حزب المؤتمر لاذعة للترويكا، رغم أنه كان في البداية من المدافعين عن نجاحها وباستماتة لكن اليوم يعتقد الطاهر هميلة أن الترويكا على وشك الانهيار السياسي، وأن التصدّع آت لا محالة ناهيك وأن الوزير الذي أخذ على عاتقه مهمة الإصلاحات العميقة بما تستجيب لأهداف الثورة مثل محمد عبو وجد نسفه لا يملك إلا خيار الاستقالة لأن حكومة الترويكا لم تبد رغبة حقيقية في اجتثاث بؤر الفساد بالإضافة إلى القيام بالإصلاحات الهيكيلة التي تقتضيها المرحلة.. كما يؤكد هميلة أن عديد الوزراء لم يوفقوا في مهامهم فما معنى أن يقول وزير التشغيل أن التشغيل لا يعنيه.. كما أن وزير العدل لم يكن في مستوى ما أوكل له من مهامه مثله مثل وزير الخارجية.. ويضيف هميلة «السياسة برامج ونتائج، فحتى في زمن بن علي كان من لم يحقق نتيجة في منصبه ما عليه إلا أن يلزم بيته.. لكن اليوم وبعد أن مرّت أحزاب السلطة الآن من التنظير الإيديولوجي إلى ممارسة الحكم أصبحت قراراتها تراوح بين الصواب والخطإ بالإضافة إلى العدول عن بعض القرارات تحت ابتزاز الرأي العام وبالتالي لتجاوز هذه العشوائية لا بدّ من تحوير وزاري وعلى الترويكا إعادة النظر حتى في برامجها وأهدافها.. كما أن هناك وزارات لا ترتقي إلى مستوى وزارات مستقلة ويكفي أن تكون لجنة استشارية كوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية.. وأختم بالقول أن بعد فضيحة امتحانات الباكالوريا من الأفضل لهيبة الدولة تقتضي تغيير وزير التربية».